تتعدّد فرضيات الآثاريين حول سرّ الإنارة داخل المدافن التي شيّدها المصريون القدماء، ومنها استخدام أنبوب مفرّغ جزئياً يسمح بمرور الأشعة أو تيار الإلكترونيات ما يؤدي إلى إضاءة الجدران المقابلة، وهناك من يعتقد أنه جرى استعمال مرايا تعكس الضوء.
"دراسة الإضاءة الاصطناعية في مدافن الدولة الحديثة" عنوان المحاضرة التي تلقيها عالمة المصريات ومؤرخة الفن البريطانية ميغان سترونغ عند السابعة من مساء بعد غدٍ الخميس في "الجامعة الأميركية" في القاهرة، بتنظيم من "المتحف المصري".
تتناول المحاضرة العناصر الأثرية والنصية والرمزية في مقابر طيبة التي تقع على الضفة الغربية من نهر النيل بالقرب من مدينة الأقصر (جنوبي العاصمة المصرية)، وتحتوي مدافن الأسرتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة اللتين حكمتا بين القرنين السادس عشر والقرن الحادي عشر قبل الميلاد.
تعود سترونغ إلى بحثها الصادر العام الماضي تحت عنوان "سر عظيم للغرب: مظاهر التحولات للضوء الاصطناعي في الدولة الحديثة في مصر"، والذي يتتبع الحياة بعد حلول الظلام في العالم القديم بالاعتماد على دراسات أركيولوجية ونصوص توثق للطقوس والاحتفالات الليلية.
ترى الباحثة أن من تقنيات الإضاءة كانت المصابيح الحجرية التي بدأ استخدامها منذ عصور ما قبل التاريخ، وكانت مصنوعة من الحجر الرملي المنحوت أو الحجر الجيري، أو من حرق الدهون الحيوانية وكانت تنبعث منها إنارة خافتة غالباً.
من خلال فحص الألوان التي استخدمها المصريون القدامي في تلوين أدواتهم في السنوات الأخيرة، وبتطبيق نظريات الفن التاريخية، ركزّت سترونغ في دراستها على اختيار اللون والإدراك البصري له، وبشكل خاص على استخدام الأصباغ الصفراء وكبريتيد الزرنيخ الطبيعي الذي كان شائعاً في تلك الحقبة.
وخلصت الباحثة إلى أن علوم الآثار التجريبية تقدّم فهماً جديداً للرسوم القديمة في مدافن الدولة الحديثة، وكيف اختار الفنان المصري توليفات معينة من الألوان مع الأخذ بعين الاعتبار الإضاءة الأصلية التي تصدرها تلك الرسومات، ومقارنة الأدلة المادية بالبيانات التي تم جمعها من تجارب الإضاءة، ما يتيح تقديم وجهات نظر جديدة عن القيم الاجتماعية والاقتصادية والمقدسة للإضاءة الاصطناعية.