عرف التاريخ القديم والحديث ما يعرف باسم تجار وسماسرة الحروب، الذين يستغلون فترات القلاقل الأمنية والحروب في بلد ما في تحقيق ثروات طائلة خلال فترة قصيرة.
هؤلاء السماسرة بمثابة قناصي فرص وصفقات ومصاصي دماء، يبيعون كل شيء وبأضعاف أثمانه، يمارسون أبشع أنواع الاحتكار واستغلال الفرص، يبيعون الأسلحة والذخائر لتغذية الحروب القائمة، يخزنون السلع الرئيسية ثم يبيعونها بأسعار مضاعفة.
الهم الأول والشغل الشاغل لسماسرة الحروب هو تحقيق المكاسب السريعة، حتى ولو أدى ذلك إلى مد آجال الحروب والنزاعات لسنوات طويلة، وموت نصف عدد سكان الأرض، واندلاع أسوأ أزمة إنسانية عرفها التاريخ الحديث كما هو الحال الآن في اليمن وسورية.
تجار الحروب يكرهون مفاوضات حقن الدماء، ويكرهون الساسة، ويعملون بأقصى طاقتهم لاستمرار النزاعات حتى يواصلوا حصد المكاسب.
لا يرضون باستقرار الأسواق أو الركود الاقتصادي لأنه يقلل من خسائرهم المادية، تجدهم وقد أطلوا برؤوسهم فجأة وقت الأزمات والكوارث وبصحبتهم أموال ملوثة بالدماء.
في ليبيا مثلاً ينشط تجار الحروب حالياً حيث يستغلون الأوضاع الأمنية المضطربة وهجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر المفاجئ على طرابلس، وفي غضون أيام ضاعفوا أسعار كل شيء بداية من أسعار السلع الغذائية، ونهاية بأسعار الأسلحة التي تغذي الصراع الدموي القائم.
وفي الجزائر يستغل سماسرة الحروب انشغال الشارع بالمظاهرات الرافضة للنظام القائم، وانغماس الحكومة في مشهد الارتباك السياسي والضغوط التي يمارسها الشارع عليها، كما يستغلون زيادة الطلب على السلع في فترة ما قبل شهر رمضان، والنتيجة حدوث قفزات في أسعار السلع خاصة الغذائية من قبل تجار الحروب.
ويتكرر المشهد في السودان، حيث استغل تجار الحروب حالة القلق التي تمر بها البلاد ورفعوا أسعار كل شيء، بداية من الغذاء ونهاية بمياه الشرب.
وفي اليمن نشط السماسرة طوال الحرب الأهلية الجارية منذ 4 سنوات، تحالفوا مع قادة المليشيات الحوثية والجماعات المسلحة، والرجال المحمّلين بالذخائر، والساسة في صنعاء والرياض، للتربح من الحرب الطاحنة، والنتيجة تحول اليمن إلى أفقر وأتعس دولة في العالم.
وفي العراق نشط السماسرة طوال سنوات طويلة، خاصة عقب الاحتلال الأميركي للبلاد في عام 2003، كما نشطوا خلال المواجهات بين الحكومة العراقية وتنظيم داعش، وقبلها نشطوا في لبنان إبان الحرب الأهلية التي استمرت لأكثر من 16 عاماً.
هؤلاء السماسرة وتجار الحروب يستحقون الموت، لا الحياة، هؤلاء يجب التعامل معهم كما تتعامل الحكومات مع الذي يهددون استقرار الدول.