شهدت أسعار العقارات في سورية ارتفاعاً كبيراً خلال العام الجاري 2020 بنسب وصلت إلى نحو 100%، حسب عاملين في القطاع لـ"العربي الجديد".
ولم يكسر العرض الكبير للمنازل الفارغة والمشاريع العقارية المجمدة بسورية، من حدة الأسعار التي تفوق القدرة الشرائية لأكثر من 95% من السوريين، بحسب المحلل الاقتصادي، فارس عبد الله، الذي يقول إن سعر المسكن بدمشق، يتراوح بين 100 و150 مليون ليرة سورية، ودخل السوريين، يتراوح بين 50 و80 ألف ليرة، علماً أن الدولار اليوم يساوي تقريباً 2800 ليرة سورية.
ويبيّن الاقتصادي السوري لـ"العربي الجديد" أن "العقارات بسورية مسعّرة على الدولار، أو بما يوازي العملات الأجنبية قبل تهاوي سعر صرف العملة السورية، لذا تقييم الأسعار بالليرة التي تراجعت من 50 ليرة مقابل الدولار عام 2011 إلى ما هي عليه اليوم، (نحو 2800 ليرة)، يظهر الغلاء الفاحش للمنازل".
ويشير عبد الله، إلى أنه إضافة لارتفاع أسعار مستلزمات البناء واستيراد معظمها بالدولار، جاء شراء إيرانيين لمنازل وعقارات، بدمشق وحلب، بأسعار عالية، فاسترشدت الأسعار بما دفعه الإيرانيون ليكون مقياساً للأسعار بشكل عام، بواقع جمود هذا القطاع وعدم قدرة السوريين على الشراء.
وارتفعت أسعار المساكن والعقارات بسورية بنحو 100% خلال العام الجاري ولا سيما في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد رفع نظام بشار الأسد أسعار الإسمنت ومواد البناء المحلية، ووقف استيراد الحديد والعديد من مستلزمات العقارات.
وحسب صاحب المكتب العقاري من العاصمة دمشق، مأمون دالي، وصل سعر المتر المربع بين 700 و800 ألف ليرة "دون تشطيبات" في حين لم يزد قبل شهرين عن 500 ألف ليرة سورية.
أما عن أسعار ريف دمشق القريبة من العاصمة، فيشير دالي لـ"العربي الجديد" إلى أن سعر المتر المربع وصل إلى 400 ألف ليرة، على حسب البناء والموقع والإطلالة، في حين لم يكن يزيد عن 200 ألف ليرة قبل عدة أشهر.
وبتقدير صاحب المكتب العقاري خلال اتصال هاتفي، فإن استمرار الأسعار بالارتفاع مرتبط بأمرين: الأول استمرار حكومة بشار الأسد بوقف استيراد مواد ومستلزمات البناء وخاصة الحديد، أما الأمر الآخر فهو تراجع سعر صرف الليرة السورية التي تتهاوى "بشكل مخيف".
وانعكست أسعار العقارات على الإيجار، حسب ما يفيد خضر محمد، العامل بقطاع العقارات من ضاحية قدسيا بدمشق لـ"العربي الجديد"، مشيراً إلى أن إيجار المنازل ارتفع بأكثر من 25% خلال شهر واحد فقط.
وقدّر متوسط إيجار المسكن بدمشق شهرياً بين 125 و150 ألف ليرة ولا يوجد برأيه، إيجار مسكن أقل من 100 ألف ليرة بضواحي دمشق القريبة، مثل حرستا وزملكا ودمر والهامة.
ويشير العامل بقطاع العقارات إلى أن ثمة طلبا زائدا على بعض مناطق ضواحي دمشق القريبة، مثل جرمانا والتي يزيد إيجار المنزل فيها شهرياً عن 150 ألف ليرة، و"البعض يتهم أصحاب المكاتب العقارية، لكن المشكلة بسعر صرف الليرة وليست بنا".
وكانت حكومة بشار الأسد قد أوقفت استيراد معظم مستلزمات البناء واعتبرت أنها سلع غير ضرورية، بهدف تخفيف نزيف الدولار في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تعانيها، ليأتي وقف استيراد الحديد أخيراً، عاملا إضافيا بغلاء العقارات كما يقول لـ"العربي الجديد" الاقتصادي السوري محمود حسين.
ويبين حسين أن نحو 30% من مكونات المساكن هي من مصادر خارجية يخضع سعرها لتقلبت السوق أو البورصة العالمية "حديد وإسمنت". كما أن وقف استيراد مستلزمات التشطيبات رفع الأسعار للمتوفر بالأسواق بأكثر من 30% خلال الفترة الأخيرة، وشجع ذلك على التهريب من دول الجوار وخاصة من لبنان.
وحسب حسين، فإن سبب ارتفاع الأسعار الرئيسي، إضافة لوقف الاستيراد، هو تراجع سعر صرف الليرة، إذ لم يزد سعر الدولار في أغسطس/ آب الماضي عن 2100 ليرة، ثم ارتفع الشهر الماضي ليبلغ 3000 ليرة قبل أن ينخفض قليلاً خلال الأسبوع الجاري إلى 2800 ليرة.