الاقتصاد الأميركي يضع العالم في حيرة

15 سبتمبر 2024
من الفائز في سباق الانتخابات الرئاسية، ترامب أم هاريس؟ (رويترز)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تباين التوقعات**: تتباين التوقعات حول مستقبل الاقتصاد الأميركي بين التفاؤل والتشاؤم، مع تراجع التضخم وقرب تخلي البنك الاحتياطي الفيدرالي عن سياسة التشدد النقدي.
- **الآراء المتشائمة**: بعض الاقتصاديين، مثل ويلبر روس ومحمد العريان، يرون أن الاقتصاد مهدد بالركود بسبب ضخ تريليونات الدولارات غير المنتجة وتأجيل خفض الفائدة، مع تقديرات جي بي مورغان تشيس لاحتمال حدوث ركود بنسبة 35%.
- **الآراء المتفائلة**: توقعات متفائلة تستبعد الركود مع اقتراب خفض الفائدة، متوقعةً قفزة في أسواق "وول ستريت" وتوسع الاقتصاد الأميركي مع تراجع التضخم إلى 2%.

المتأمل للتحليلات الخاصة بمستقبل الاقتصاد الأميركي، الأكبر عالمياً، على المدى القريب يقع في حيرة شديدة شأن الكثيرين حول العالم، في ظل تضارب التوقعات والمؤشرات المتعلقة بأسواق المال، ومعدلات النمو والتضخم والبطالة والتصنيع والإفلاس وغيرها، وغموض التخمينات المتعلقة بالمشهد السياسي الأميركي، ومن هو الفائز في سباق الانتخابات الرئاسية المقبلة، دونالد ترامب أم كامالا هاريس، وأيهما سيكون الأصلح لقيادة الاقتصاد، والأجدى للأسواق والمستهلك ودافعي الضرائب في السنوات الأربع المقبلة.

ولعلنا نذكر تصريح وزير الخزانة الأميركي السابق، لورانس سامرز، الذي حذّر قبل أيام من التداعيات الاقتصادية الوخيمة التي تنتظر أميركا حال فوز ترامب، وتحذير الأخير من نتائج فوز هاريس الكارثي على الاقتصاد.

والملاحظ أن بنوك استثمار كبرى وخبراء اقتصاد مرموقون يرون أن الاقتصاد الأميركي ابتعد كثيراً عن نقطة الخطر، ولم يعد مهدداً بالوقوع في مستنقع الركود والكساد، وأن حالة من التفاؤل بدأت تدب في أوساط المستثمرين وأسواق المال مع تراجع التضخم وقرب تخلي البنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) عن سياسة التشدد النقدي وخفض سعر الفائدة، والتأكيد أن أساسات الاقتصاد لا تزال متينة، بالنظر إلى وتيرة النمو السريعة ومعدل البطالة المنخفض تاريخياً.

هناك شخصيات اقتصادية مرموقة ترى أن الخطر يحدق بالاقتصاد الأميركي في ظل تباطؤ النشاط وانكماش التصنيع وتباطؤ سوق العمل بوتيرة أعلى مما كان متوقعاً

لكن في المقابل نجد أن هناك آراء لشخصيات اقتصادية مرموقة لا تزال ترى أن الخطر يحدق بالاقتصاد الأميركي في ظل تباطؤ النشاط وانكماش التصنيع، وإضافة الاقتصاد وظائف جديدة بأقل من المتوقع خلال شهر أغسطس/آب الماضي، وتباطؤ سوق العمل بوتيرة أعلى مما كان متوقعاً، وتفاقم أزمة الدين العام الذي تجاوز 35 تريليون دولار للمرة الأولى على الاطلاق وضخامة الأعباء المستحقة عليه.

كما أصبح القطاع الخاص وقادة الأعمال يتوخون الحذر، في وقت بات فيه التوظيف في معظم الأنشطة الصناعية بطيئاً أو منعدماً، وفي ظل توقعات بأن يرتفع معدل البطالة إلى 4.5% بحلول نهاية العام الجاري، وهو أعلى من المعدل الحالي.

موقف
التحديثات الحية

سار في اتجاه المتشائمين الذين يرون أن الاقتصاد الأميركي لم يبتعد بعدُ عن نقطة الخطر، وزير التجارة الأميركي السابق ويلبر روس، الذي يرى أن بلاده تتجه نحو ركود مع انكماش الاقتصاد، الذي شهد ضخ تريليونات الدولارات التي وصفها "بغير المنتجة" خلال جائحة كورونا.

وكذلك الخبير الاقتصادي البارز محمد العريان، الذي يرى أن إصرار البنك الفيدرالي على تأجيل قرار خفض الفائدة قد يعرض الاقتصاد الأميركي للخطر، وأن هذا التأخير قد يؤدي إلى دورة خفض قوية ما يزيد من مخاطر ركود الاقتصاد.

وبداية أغسطس الماضي رفع بنك جي بي مورغان تشيس الاستثماري المشهور تقديراته لاحتمال انزلاق الولايات المتحدة في حالة ركود اقتصادي إلى 35% بحلول نهاية العام الحالي، مقارنة بتقديرات بنسبة 25% في بداية يوليو/تموز الماضي، كما توقع أن تصل احتمالات حدوث ركود بحلول النصف الثاني من عام 2025 إلى 45%.

في المقابل زادت وتيرة التوقعات المتفائلة للاقتصاد الأميركي التي تستبعد الركود مع اقتراب خفض الفائدة، بل ويتوقع هذا الفريق حدوث قفزة في أسواق "وول ستريت"

حتى التقارير الصادرة عن كبريات الصحف الأميركية ومنها "واشنطن بوست"؛ ترى أن الاقتصاد الأميركي قد يعاني قريباً حالة ركود اقتصادي، لا سيما أن فترة الازدهار في عام 2023 قد انتهت، وبات الوضع الآن هشّاً.

كما أن استمرار عمليات تسريح العمال قد يتسبب في تقليص المزيد من الأفراد والشركات والمؤسسات لنفقاتهم، مما يؤدي إلى مزيد من تخفيضات الوظائف وإمكانية دخول الاقتصاد في حالة ركود بحسب الآراء التي تنقلها تلك الصحف.

في المقابل زادت وتيرة التوقعات المتفائلة للاقتصاد الأميركي التي تستبعد الركود مع اقتراب خفض الفائدة، بل ويتوقع هذا الفريق حدوث قفزة في أسواق "وول ستريت" المالية على مدى الأشهر الستة المقبلة، وأن تتجه الولايات المتحدة نحو هبوط ناعم وسلس، مع توسع الاقتصاد وتراجع التضخم إلى هدف البنك المركزي البالغ 2%، وعدم توجه الاحتياطي نحو اجراء حاد في سعر الفائدة خلال فترة قصيرة.

وسط تلك الآراء المتضاربة يراقب الملايين حول العالم الخطوة التالية للبنك الفيدرالي بشأن سعر الفائدة واستمرار علامات الضعف الاقتصادي، لأن تلك الخطوة لن تكون تداعياتها مقتصرة على الاقتصاد الأميركي، بل تمتد إلى اقتصاد وأسواق وعملات العالم ومنها الدول العربية والناشئة، ولنا عودة لهذه النقطة.