استمع إلى الملخص
- **التأثير على الناتج المحلي والنفقات**: الحرب خفضت نمو الناتج المحلي الإجمالي في 2023 و2024، مما أدى لخسارة 60 مليار شيكل. تكاليف الحرب الشهرية بلغت 9 مليارات شيكل، مع نفقات إضافية لإجلاء السكان وإعادة بناء الشمال.
- **التداعيات الاقتصادية والمالية**: ارتفع العجز الحكومي إلى 8.3% من الناتج المحلي الإجمالي، وارتفعت أسعار الفائدة على الديون. تأثرت سوق الأوراق المالية في تل أبيب، وقد يؤدي خفض التصنيف الائتماني إلى تعقيد الوضع الاقتصادي.
يبدو أن الحكومة الإسرائيلية قد تخلت بالفعل عن محاولة حساب التكاليف الباهظة لتوسيع الحرب مع لبنان، حيث لا توجد تقديرات للمدة التي ستستغرقها، وعلى أي مستوى يقف الاقتصاد، وما هي الأضرار التي ستلحق بالأسواق.
وتجعل التطورات والطبيعة المختلفة وغير المعتادة للحرب الحالية ضد حزب الله القدرة على حساب وتقدير تكاليفها قصة معقدة إلى حد المستحيل. إذ إن الحرب ضد حزب الله قد بدأت بالفعل، وفق موقع "كالكاليست" الإسرائيلي، فالشمال يُقصف يومياً وتُحرق أجزاء كبيرة منه؛ هناك حوالي 68 ألف ساكن تم إجلاؤهم من الشمال منذ عدة أشهر؛، يتم تعطيل جزء كبير من النشاط الاقتصادي هناك من السياحة والزراعة وجزء من الصناعة بما في ذلك الصناعات ذات التقنية العالية؛ ويستثمر الجيش الإسرائيلي الكثير من الموارد - جنود وذخائر - في هذه الجبهة. وهذا يعني أن هناك بالفعل نوعاً من الحرب ضد حزب الله، بدرجة ليست منخفضة، وبالتأكيد من حيث تكاليف الميزانية.
كما أنه خلافاً للماضي، لا أحد يعرف متى ستنتهي الحرب في الشمال، وفق الموقع الإسرائيلي، خاصة أن الحرب على غزة أنهت عقيدة الحروب القصيرة، فيما ينظر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لهذه الحرب باعتبارها "أداة" لإدامة حكمه وتأجيل الانتخابات وتشكيل لجنة تحقيق حكومية.
وقد نما الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 بنسبة 2% بدلاً من 3.7%، وفي عام 2024 من المتوقع أن ينخفض النمو إلى 1.1% بدلاً من 2.7%. أي أن الاقتصاد خسر في هاتين السنتين نحو 60 مليار شيكل من النشاط الذي لم يحدث بسبب الحرب. (الدولار 3.75 شواكل).
ويقول الموقع الإسرائيلي إن هناك نقطة أخرى تزيد تعقيد الحسابات: حتى بعد انتهاء الحرب، سيتعين على حكومة إسرائيل استثمار المليارات لغرضين ضروريين. الأول، استعادة الشمال وإعادة بنائه. الهدف الثاني، بالطبع، هو زيادة دائمة في ميزانية الحرب تراوح بين 1% و1.5% من الناتج المحلي الإجمالي على مدى حوالي عقد من الزمن، أي حوالي 20-30 مليار شيكل سنويا، ويجب أيضاً تضمين هذه التكاليف في أي حساب.
تكاليف الحرب على لبنان
والفحص السريع لتكاليف الحرب يظهر أنها بلغت في المتوسط حوالي 9 مليارات شيكل شهريا. وحتى أغسطس/آب، أعلن المحاسب العام أن نفقات الحرب بلغت 72 مليار شيكل منذ بداية العام أو 97 مليار شيكل منذ بداية الحرب. ولم يقدم الجيش الإسرائيلي تعريفا دقيقا أو تفصيليا لما تتضمنه نفقات الحرب، لكن هذا هو الرقم الرسمي الوحيد الموجود. وتشير التقديرات في المؤسسة الأمنية إلى أن الحرب ضد حزب الله لن تكون أسهل أو أرخص مقارنة بغزة.
وأعاد وزير المالية بتسئليل سموتريتش فتح موازنة إسرائيل لعام 2024 لإنفاق 2.2 مليار شيكل أخرى لتمديد مدة إجلاء السكان من مناطق النزاع (أغلبيتها في الشمال)، حتى نهاية العام، بما في ذلك ما يتعلق منها بالمنح في مجال التوظيف. وبحساب بسيط، تقدّر النفقات حوالى نصف مليار شيكل شهرياً فقط.
ووفقا لبيانات اتحاد المصنعين، فإن حوالي 36% من العمال الصناعيين موجودون في مناطق الشمال وحيفا، في حين يعمل 17% آخرون في الجنوب. علاوة على ذلك، تعتبر الصناعة قطاعا مركزيا للتشغيل في الشمال، حيث يعمل فيها حوالي 100 ألف عامل (16%). بالإضافة إلى ذلك، وفقاً لمسح الموظفين الذي أجرته دائرة الإحصاء المركزية، هناك 127000 شخص آخرون في المنطقة الشمالية يعملون في الخدمات - التجارة والنقل والغذاء والضيافة، ولكن تم إغلاق بعض هذه الأنشطة لفترة طويلة.
المشكلة الأكبر، بحسب "كالكاليست"، أن الاقتصاد الإسرائيلي سيدخل حرباً واسعة في الشمال، وسيكون في وضع أسوأ بكثير من الوضع عندما دخل الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023. ويبلغ العجز الحكومي الآن 8.3% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو من أعلى المعدلات في تاريخ إسرائيل، علاوة على أن المخاطرة في ذروتها، وقد وصلت فجوة العائد بين إسرائيل والولايات المتحدة بالفعل أمس إلى 1.37 نقطة أساس، ويتم تداول مقايضات العجز الائتماني عند مستوى 145 نقطة (مقارنة بحوالي 57 عشية الحرب). وحذرت الشركات من خفض كبير آخر لتصنيفها إذا اندلعت حرب مع حزب الله.
هزة اقتصادية
علاوة على ذلك، فإن أسعار الفائدة التي تدفعها إسرائيل على ديونها مرتفعة للغاية بالفعل: تقدر الزيادات في أسعار الفائدة على الديون بنحو 7 مليارات شيكل في العام المقبل وحده، على افتراض عدم انخفاض التصنيف أكثر. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاضطرابات التي سببتها الحرب في سلاسل التوريد، والواردات، والعقارات، وسوق العمل، والمقاطعة ضد إسرائيل، تسببت بالفعل في تضخم خطير يرفع رأسه بالفعل إلى 3.6%.
وبحسب "غلوبس"، فإن شن حرب شاملة ضد حزب الله من شأنه أن يؤدي إلى هزة في الاقتصاد الإسرائيلي، ويعتمد نطاقها على مدة القتال وشدته.
ويبدو أن البورصة في تل أبيب تنتظر بفارغ الصبر التحول في الشمال. وهكذا، مع بداية التقارير حول الأحداث في لبنان، غيرت سوق رأس المال الإسرائيلية اتجاهها، وانخفض مؤشر تل أبيب بنسبة 1.35%، وخسر مؤشر تل أبيب 90 ما يقرب من 2% من قيمته، وقفز مؤشر الخوف، الذي من المفترض أن يقيس تقلبات السوق، على الفور بنحو 6%.
والقلق الاقتصادي من الجبهة الشمالية لا ينعكس فقط في سوق الأوراق المالية، بحسب "غلوبس". يشير أحدث تقرير صادر عن شركة التصنيف الائتماني موديز إلى أن المواجهة الشاملة مع حزب الله ستؤدي إلى "عواقب سلبية كبيرة" على التصنيف الائتماني. ووفقاً لتقديرات مختلفة في السوق، فإن هذه العواقب قد تعني خفضاً فورياً في التصنيف لمستويين ــ وهي خطوة غير عادية بشكل خاص.
يقول الاقتصادي أليكس زبزينسكي لـ"غلوبس" إن "الأسواق حالياً تسعر بشكل أساسي وفقاً للسلوك الحالي. لذلك، سيستمر الوضع الحالي مع تقلبات قوية في الأسواق في ضوء الأحداث الجيوسياسية التي تحدث كل يوم"، ويشير إلى أنه على الرغم من أن تسعير الوضع الحالي موجود بالفعل في السوق، إلا أن النشاط الاقتصادي في إسرائيل يتأثر، وبالتالي فإن "الوضع الذي سيستمر فيه عدم اليقين لفترة طويلة سيضر بالاقتصاد الإسرائيلي".
يضيف أوري غرينفيلد، الاستراتيجي وكبير الاقتصاديين في شركة Agam Lider، أنه بمجرد وجود حالة عدم يقين مستمرة "يتفاعل السوق معها على شكل تقلبات، وبالتالي نرى المؤشرات تنخفض بسبب الأحداث الجيوسياسية".
ولا تكشف إسرائيل عن الكلفة الدقيقة لتعبئة الاحتياطي العام. ولكن، وفقا لوزارة المالية، تبلغ كلفة تجنيد جندي احتياط واحد لمدة شهر واحد حوالي 48 ألف شيكل في المتوسط، أي ضعف كلفة تجنيد جندي عادي تقريبا. اضرب ذلك بحوالي 12 شهرا من القتال، مضروبا في كل قوات الاحتياط التي تم تفعيلها في بداية الحرب، أي حوالي 300 ألف جندي احتياط - وتصل إلى مبالغ يمكن أن تهز ميزانية إسرائيل، حوالي 172 مليار شيكل في أيام الاحتياط في التشكيلات غير القتالية، بحسب ما ينقل "غلوبس".
ويتابع: "الحرب الشاملة والواسعة هي حدث لا يتم تسعيره حالياً في الأسواق. العجز سيقفز بالتأكيد. وبدلاً من عتبة 6.6%، سيرتفع إلى 7%. وهذا لن يحدث فقط بسبب كلفة الحرب التي تتحملها الحكومة، ولكن أيضاً على جانب الإيرادات، نظراً لأن النشاط الاقتصادي سوف يضعف".
وفي قطاع الصرف الأجنبي، من المتوقع أن يضعف الشيكل مقابل العملات الرئيسية، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم، وخلاصة القول: العجز سيرتفع وسترتفع كلفة الدين، وستنخفض سوق الأوراق المالية بشكل حاد وسيتدخل بنك إسرائيل لتثبيت الشيكل، ما يعني الدخول في "دوامة اقتصادية".