الجزائر: الأسعار المرتفعة تحرج "أسواق الرحمة" الحكومية
وقع السيناريو الذي يخشاه الجزائريون عشية كل رمضان، فأسعار المواد واسعة الاستهلاك سجلت قفزات كبيرة، فاقت 100% في بعض الأصناف، وذلك رغم تطمينات الحكومة المتواصلة بـ"إغراق السوق" بالمواد لكبح جشع المضاربين، وتدشين ما وصفتها بـ"أسواق الرحمة" في العديد من مناطق البلاد.
وقفزت أسعار اللحوم الحمراء خلال الأيام الأخيرة من 1800 دينار (13 دولاراً)، للكيلوغرام الواحد من لحم الخروف، إلى 2200 دينار، رغم تعهد الحكومة بتوفيره بسعر 1200 دينار، ومن 300 دينار (2.2 دولار)، للكيلوغرام الواحد من لحم الدجاج إلى 400 دينار.
وعلى المنحى نفسه ارتفعت أسعار الخضر، حيث قفزت أسعار الطماطم من 80 ديناراً إلى 150 ديناراً، ومن 50 ديناراً إلى 70 ديناراً للكيلوغرام الواحد من البطاطا. ولم تقتصر المشاهد على الغلاء، إذ امتدت إلى ندرة بعض السلع، على غرار زيت الطعام، ما أدى إلى صعود سعره بشكل لافت.
"كل شيء زاد ثمنه إلا كرامة المواطن"... هكذا يصف المواطن عبد الله تواتي وضع الأسعار في الأسواق قبيل حلول رمضان، معربا في لقاء مع "العربي الجديد" عن مخاوفه من صعود إضافي للأسعار خلال شهر رمضان.
قال تواتي، الذي التقته "العربي الجديد" خلال جولة في سوق "الحراش" الشعبي، شرق العاصمة: "قالوا لنا إنه لن تكون هناك زيادات في الأسعار، والعكس هو ما وقع"، مضيفا أن "أصحاب الجيوب الصغيرة ليس بمقدورهم مواجهة هذا الغلاء".
في السياق، قال رابح ربوش، وهو متقاعد: "كل شيء في السوق سعره مرتفع، الجزائري لم يعد يعرف ماذا يشتري ولا ماذا يأكل، والحكومة لا تهتم لحالنا".
ويتزامن انفلات الأسعار مع ضخ الحكومة للزيادات التي أقرتها على أجور عمال القطاع العام، ومعاشات المتقاعدين، وذلك بأوامر من الرئيس عبد المجيد تبون، بهدف امتصاص جزء من التضخم الذي هوى بقيمة الدينار الجزائري.
وككلّ مرة، يتقاذف التجار كرة المسؤولية حول ارتفاع الأسعار، فتجار الجملة يبرئون ذمتهم بتوفير العرض، وتجار التجزئة يردون بتحميل تجار الجملة الغلاء، بل ويتهمونهم بالمضاربة في الشهر الكريم.
وقال رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين الحاج الطاهر بولنوار لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأسواق شهدت زيادات متوسطة في الأسعار لارتفاع الطلب، لا سيما بالنسبة للخضر والفواكه".
واعتبر أن "الأسعار ستسجل تراجعاً ملحوظاً يزيد عن 50% بداية من اليومين الرابع والخامس من شهر رمضان، وذلك بسبب بداية تراجع مستوى الطلب والتهافت على الأسواق".
وأضاف أنّ "أسواق الرحمة" التي قررت الحكومة فتحها ليست كافية لكسر المضاربة وضمان استقرار الأسواق، مؤكدا أهمية تعميمها عبر كل البلديات في شكل أسواق شعبية، لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، ومحاربة أي تلاعبات من قبل المضاربين.
وكانت الحكومة الجزائرية قد اتخذت جملة من القرارات تحسباً لشهر رمضان، منها تسقيف الأسعار وتحديد هوامش ربح لا تتجاوز 20% على السلع واسعة الاستهلاك، بالإضافة لمنح رخص استيراد استثنائية لـ20 مستورداً للحوم الحمراء من إسبانيا بصفة عاجلة لمواجهة المضاربة.
كما أمرت بفتح أسواق طيلة شهر رمضان في كل محافظة تُعرف بـ"أسواق الرحمة"، تُعرض فيها السلع عبر المنتجين مباشرة من دون وسيط، شرط أن تكون المنتجات المعروضة مصنعة أو منتجة محلياً.