بدأ الصراع السياسي داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي ينعكس على اقتصادها، خاصة في سوق السندات التي تشهد هروبا للمستثمرين فيها، وذلك بعدما حذر منتقدون لسياسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على مدى أشهر، من أن مقترحاته لإصلاح النظام القضائي قد تعرض للخطر التصنيف الائتماني البالغ "إيه+".
ووفقا لتقرير نشرته شبكة "بلومبيرغ" الأميركية، فإن التسعير في أسواق سندات الدين يشير إلى أنه قد تم التخلص منها بالفعل من قبل العديد من المستثمرين.
وكان العائد الإضافي الذي يطلبه مشترو السندات للاحتفاظ بالديون الإسرائيلية لأجل 10 سنوات مقارنة بسندات الخزانة الأميركية المماثلة، 28 نقطة أساس، بحسب أرقام يوم الثلاثاء، وهو الأعلى في 3 سنوات.
وهذه ضربة لبلد يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنه رهان آمن نسبيا للمستثمرين بسبب فائض الحساب الجاري المتسق وصناعة التكنولوجيا المزدهرة.
والشيكل هو واحد من عملتين عالميتين رئيسيتين فقط احتفظتا بقيمتهما مقابل الدولار على مدى العقد الماضي، إلى جانب الفرنك السويسري، ومن خلال الحروب والصراعات والأزمات الاقتصادية العالمية، لم يتم تخفيض تصنيف اقتصاد دولة الاحتلال من قبل أي من شركات التصنيف الكبرى.
لكن الاضطرابات السياسية بدأت تهز الثقة. فإعادة التسعير في الأسواق تعني أن إسرائيل لديها بالفعل واحدة من أعلى تكاليف الاقتراض بين الدول ذات التصنيف الاستثماري العالي، وتدفع أكثر من الدول ذات التصنيف المنخفض بما في ذلك البرتغال وتايلاند.
وارتفعت تكلفة التأمين على الديون الإسرائيلية ضد التخلف عن السداد، حيث زادت 30 نقطة أساس منذ نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلى 70 نقطة في وقت سابق من هذا الأسبوع. وتم تداولها عند نحو 64 نقطة أساس في لندن اليوم الأربعاء، أي أعلى مما هي عليه في سلوفينيا وإسبانيا الأقل تصنيفا.
المحلل الاستراتيجي في "ويلز فارغو وشركاه" في نيويورك، بريندان ماكينا، قال إن "هناك فرصة معقولة لخفض التصنيف الائتماني السيادي لإسرائيل بدرجة واحدة في الأشهر المقبلة"، مضيفا: "على المدى القصير، أعتقد أن الدين بالعملة المحلية والأجنبية يمكن أن يظل تحت الضغط مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن السياسات المحلية".
في السياق، حذرت وكالة "موديز إنفستورز سيرفيس" ووكالة "فيتش رايتينغز" هذا الشهر، من المخاطر التي تهدد تصنيف ديون دولة الاحتلال والآفاق الاقتصادية بسبب التغييرات الجديدة.
وفي حين أن هروب رأس المال وهجرة العقول التي حذر منها معارضو نتنياهو لا يبدو أنهما يحدثان بعد؛ فإن هذا لا يعني أنهما لن يحدثا، كما قال مؤسس "تارغيت غلوبال" Target Global شموئيل شافيتس، المستثمر في التكنولوجيا الإسرائيلية.
وقال إن "المال يخرج الآن بمبالغ متواضعة، لكن ذلك يمكن أن يتضاعف إذا استمر هذا لفترة طويلة بما فيه الكفاية".
انهيار "سيليكون فالي" يهزّ قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي
وقد هز الانهيار السريع لبنك "سيليكون فالي" في وقت سابق من هذا الشهر، مجتمع التكنولوجيا الإسرائيلي، ليس فقط لأنه كان البنك المفضل للعديد من الشركات الناشئة في هذا الكيان، ولكن أيضا بسبب ما قد يعنيه للتمويل عبر القطاع على نطاق أوسع.
تجدر الإشارة إلى أن قطاع التكنولوجيا يساهم بنسبة 15% من الناتج الاقتصادي المجمل لدولة الاحتلال، وحوالي نصف صادراتها، كما يدفع عمال القطاع ربع ضرائب الدخل في الدولة.
وتقوّض المخاوف الثقة في العملة أيضا، حيث يقترب الشيكل من أدنى مستوى في 3 سنوات.
المحللان الاستراتيجيان في "بنك أوف أميركا كورب" ميخائيل ليلواشفيلي وماي دوان، أوردا في مذكرة بنهاية الأسبوع الماضي، أنه نظرا للارتباط الكبير بالأسهم الأميركية، يمكن أن يؤدي الاضطراب في الأسواق إلى مزيد من الضغط.
والثلاثاء، كان متداولو المشتقات هم الأكثر تأثيرا سلبا على الشيكل منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفقا لانعكاسات المخاطرة لمدة شهر واحد.
وقال رئيس العمليات في شركة رأس المال الاستثماري "تيم8" Team8 في تل أبيب، روي هيلدشتين: "نحن في عاصفة كبيرة في جميع أنحاء العالم، وهذا إعصار محلي ضمن عاصفة عالمية".