تزدهر في الجزائر مهن مؤقتة مع قدوم عيد الأضحى من كل عام، وتنتعش هذه الأنشطة لأيام فقط، لا سيما في الأسواق الشعبية والشوارع في مختلف أحياء المدن. ويحرص آلاف الشباب على الانخراط في هذه المهن من أجل كسب دخل يعيلون به عائلاتهم، ومنهم من يوفره لشراء أضحية العيد.
"القراسة" (التسمين) هي إحدى المهن التي تنتعش قبل العيد، يحترفها الشباب في المحافظات الداخلية، ويقوم فيها الشاب بمتابعة النظام الغذائي للماشية قصد "تسمينها" وتبدأ هذه العملية قبل 30 يوماً من عيد الأضحى.
حيث يتم فيها عزل الماشية المراد بيعها عن باقي القطيع وتزويدها بالأعلاف والكلأ الجيد، بالإضافة إلى الشعير، قصد تسمينها في أقل وقت ممكن.
ويقول الشاب محمد الذي يشتغل "قراساً" قبل عيد الأضحى لـ "العربي الجديد" إنه "يحصل على 50 ألف دينار (410 دولارات) من هذه المهنة الموسمية". وعن طبيعة عمله يضيف محمد أنه "يستيقظ يوميا قبل أذان الفجر، يلتحق بالإسطبلات لتحضير الأكل والماء للمواشي، ثم يقوم بعدها بالرعي بهم لمدة 3 ساعات، ثم يعيد سقيهم بالماء مجددا".
نشاط آخر ينتعش مع قدوم عيد الأضحى ويصبح بين ليلة وضحاها مصدر كسب مالٍ للكثير من الشباب، خاصة في العاصمة الجزائرية والمدن الكبرى، وهو بيع الأعلاف والكلأ، إذ لا يكاد يخلو شارع من شوارع مدن الجزائر من مشهد الطاولات المملوءة بالأعلاف من مختلف الأنواع.
عز الدين بولحليب شاب يتخذ من خدمة توفير الكلأ تجارة يربح بها مبلغا ماليا قد يسمح له بشراء أضحية العيد هذه السنة، حسب قوله، ويكشف جمال الدين لـ"العربي الجديد" أنه "يربح في اللفة الواحدة من العلف بين 400 دينار إلى 500 دينار (بين 3 و4 دولارات) وحوالي 40 ديناراً (0.35 دولار) في الكيلوغرام الواحد من الشعير"، وهو هامش ربحٍ يكفيه لتحصيل جزءٍ من أموال شراء الأضحية.
كذا، تمتد طاولة الشاب وليد خيار في سوق الجزائر تعرض أنواعا مختلفة من السكاكين والأدوات المستعملة في عمليات الذبح والسلخ، تفنن الشاب في ترتيبها، ولا يجد أي حرج أو خوف من عرض هذه الأدوات المصنفة ضمن "الأسلحة البيضاء" الممنوع بيعها أو حملها في القانون الجزائري إلا وفق ضوابط وتراخيص، ويتوقع الشاب، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تبلغ إيراداته من بيع السكاكين حوالي 40 ألف دينار جزائري (320 دولاراً).
غير أن أسعار السكاكين يجدها الكثير من المواطنين مرتفعة مقارنة بطبيعة استعمالها الموسمي والمناسباتي، وبالتالي يفضلون إعادة شحذ السكاكين القديمة، ما يعيد الحياة إلى مهنة شحذ السكاكين الآيلة إلى الزوال، في المجتمع الجزائري، ويبلغ سعر شحذ السكين الواحد بين 100 إلى 200 دينار (0.74 دولار إلى 1.40 دولار) حسب الشاب العاطل عن العمل بلال الذي يضع طاولة لشحذ السكاكين أسفل منزله في حي "العافية" الشعبي في ضواحي العاصمة الجزائرية.
ويرى بلال في هذه التجارة الموسمية فرصة له لجمع بعض المال يعيل به عائلته على اقتناء مستلزمات العيد من مواد غذائية وغيرها. واللافت أن هذه المهن الموسمية لم تسلم من حمى ارتفاع الأسعار جراء تضاعف نسب التضخم وتراجع الدينار.
وإذا كانت المهن السابقة مقتصرة على فترة ما قبل عيد الأضحى، فهناك مهن مرتبطة زمنيا أيضا بيوم عيد الأضحى منها "تشواط البوزلوف" أو تنقية رأس الأضحية التي يتفنن فيها شباب أمام المذابح والمسالخ، ويعفون بذلك النساء من مشقة حرق رأس وأطراف الأضحية لإعداد أكلة "البوزلوف" المشهورة في الجزائر ودول المغرب العربي.