يقلص تعامل تونس المحدود بالعملة الأميركية التأثيرات المرتقبة لإمكانية رفع الفيدرالي الأميركي لسعر الفائدة بواقع 4 مرات خلال العام الجاري. حيث يظل اقتصاد البلاد أكثر ارتباطا بتأثيرات العملة الأوروبية الموحدة اليورو التي تشكل أكثر من 60 بالمائة من هيكل الدين الخارجي التونسي.
ولا تصنف تونس من بين البلدان "المدولرة"، ما يحد عادة تأثيرات القرارات الأميركية المالية على اقتصادها أو هيكلة ديونها، رغم توجه السلطات في أكثر من مناسبة إلى طلب الضمان الأميركي للحصول على قروض خارجية.
كذلك لا تتعدى المعاملات التجارية بين البلدين المليار دولار في أحسن الحالات، حيث تصدّر تونس نحو السوق الأميركية سلعا بقيمة 800 مليون دينار (275 مليون دولار)، وتستورد بقيمة 1.7 مليار دينار سنويا (585 مليون دولار). فيما كانت تونس تخطط إلى رفع قيمة صادراتها إلى الولايات المتحدة الأميركية إلى 465 مليون دولار قبل الجائحة الصحية.
ويقلل الخبير المالي خالد النوري من التأثيرات المتوقعة لقرار الفيدرالي الأميركي لسعر الفائدة على اقتصاد تونس وعملتها. ويفيد في تصريح لـ "العربي الجديد" بأن تونس على عكس العديد من البلدان العربية ليست بلدا دولاريا حيث يسيطر اليورو على مجمل التزاماتها المالية تجاه الدائنين فضلا عن تسيير أغلب العمليات التجارية والواردات الأساسية للبلاد بالعملة الأوروبية.
ويرجّح الخبير المالي أن يساعد قرار الفيدرالي برفع الفائدة على استقرار العملة المحلية مقابل الدولار مشيرا إلى أن رفع الفائدة سيخفض حتما قيمة الدولار وهو أمر جيد بالنسبة للسلطات المالية التونسية التي تكابد من أجل تثبيت قيمة الدينار التونسي مقابل الدولار واليورو.
وحول أعباء رفع الفائدة من قبل المركزي الأميركي على الدين الخارجي التونسي قال النوري إن 60.9 بالمائة من ديون تونس الخارجية باليورو مقابل 21.1 بالمائة من الديون بالدولار و10.6 باليان الياباني وهو ما يجعل التأثير على أعباء الدين محدودة.
وأشار النوري أيضا إلى أن السلع الأميركية لا تحضر بكثافة في السوق التونسية مستبعدا تأثير قرارات المركزي الأميركي على نسب التضخم في بلاده.
وأضاف أن 74 بالمائة من المعاملات التجارية الخارجية لتونس تتم باليورو حيث تحتل البلدان الأوروبية المراتب الأولى في البلدان المصدرة لتونس مقابل ضعف كبير في المبادلات التجارية بين تونس والولايات المتحدة الأميركية.
لكن تونس تحتاج إلى مساعدة السلطات المالية الأميركية من أجل إنجاح مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج تعاون مالي جديد لن يقل عن 4 مليارات دولار. كذلك يمثل الضمان الأميركي أمرا مهما لتونس للخروج إلى السوق المالية لتعبئة قروض خارجية تحتاجها الدولة لتمويل الموازنة.
وفي مايو/ أيار الماضي طلبت حكومة هشام المشيشي ضمانا أميركيا من أجل الخروج إلى السوق المالية العالمية للاقتراض.
وتحتاج تونس إلى 12.6 مليار دينار من القروض الخارجية لدعم موازنة العام الحالي. ويمثل دعم الدول الكبرى للبلاد أمرا مهما من أجل إبرام اتفاق سريع مع صندوق النقد الدولي فيما تسير الأمور المالية نحو الأسوأ، بسبب التعثر المالي الذي بدأ ينعكس على قدرة الحكومة على تأمين أجور الموظفين فضلا عن تأثر مناخ الاستثمار بعدم استقرار الوضع السياسي.