تكشف أحدث الأرقام عن حدوث تراجع في أسعار السلع، وفي مقدمتها الغذائية، وإيجارات السكن وتكاليف المعيشة والرهن العقاري في العديد من دول العالم بما فيها تلك الدول التي كانت تعاني في السابق من موجات تضخمية عالية على خلفية تداعيات الحرب في أوكرانيا، وتعقد سلاسل التوريد، والعقوبات الغربية المفروضة على السلع الروسية وفي مقدمتها الغاز الطبيعي والنفط والأسمدة، ورفع أسعار الفائدة على العملات الرئيسية وفي مقدمتها الدولار.
في الولايات المتحدة، صاحبة الاقتصاد الأضخم في العالم، كشفت أرقام رسمية صادرة أمس عن حدوث تباطؤ في معدل التضخم خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي، وهو ما يعني تراجعا في أسعار العديد من السلع والخدمات.
وهذا التراجع يفتح الباب أمام البنك المركزي الأميركي لخفض الفائدة بداية من منتصف العام الجاري، ووقف موجة التشدد النقدي التي بدأت قبل عامين ما لم تتطور الحرب في الشرق الأوسط وأوكرانيا وتتزايد المخاطر الجيوسياسية حول العالم، ويَعد التضخم للزيادة مجددا.
اللافت هو انخفاض أسعار السلع الجماهيرية مثل الأغذية الطازجة بما في ذلك اللحوم والأسماك والفواكه
وفي المملكة المتحدة تراجع تضخم أسعار المواد الغذائية إلى أدنى مستوى منذ عامين تقريباً في شهر فبراير/ شباط الجاري.
واللافت هو انخفاض أسعار السلع الجماهيرية مثل الأغذية الطازجة بما في ذلك اللحوم والأسماك والفواكه، كما تراجعت تكاليف مدخلات الطاقة والأسمدة، والمنافسة الشرسة بين تجار التجزئة.
وتراجعت أسعار السلع الرئيسية في العديد من دول العالم، فوفق أحدث الأرقام الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو" فإنّ أسعار المواد الغذائية العالمية انخفضت بنسبة 13.7% في 2023 مقارنة بالعام 2022، مع تسجيل انخفاض ملحوظ في أسعار الزيوت النباتية والحبوب.
كما تراجع مؤشر أسعار الغذاء، نحو 10% في ديسمبر/كانون الأول 2023 مقارنة بالشهر نفسه في عام 2022.
في الوقت الذي تتراجع فيه الأسعار في الأسواق الدولية نجد أن أسواقنا العربية تشهد قفزات متواصلة ترهق المواطن
هذا التراجع يتواصل ويحدث في الأسواق الطبيعية التي تخضع فيها الأسعار لمعايير موضوعية منها العرض والطلب وتطورات سوق الصرف وإعمال القوانين ومكافحة الممارسات غير المشروعة ومنها الاحتكارات، لكن ما يحدث في أسواقنا يغاير هذا الاتجاه.
ففي الوقت الذي تتراجع فيه الأسعار في الأسواق الدولية نجد أن أسواقنا العربية تشهد قفزات متواصلة ترهق المواطن. وهذا ما يطرح أسئلة حول مدى انضباط تلك الأسواق وخضوعها لاحتكارات تقبل بها السلطات الحاكمة، ومدى تراخي السلطات في وقف موجة الغلاء.
كما تطرح سؤالا أهم حول مدى مصداقية رواية الحكومات في تبرير أسباب الغلاء ورمي الكرة دوما في ملعب الأسواق الدولية وموجة الغلاء.