تعثّر اتفاق الزيادة في رواتب موظفي تونس قبل خطوات قليلة من الوصول إلى خط النهاية، وذلك عقب جلسة مطولة جمعت أول من أمس، الوفد المفاوض للاتحاد العام التونسي للشغل بالحكومة، في وقت كان التونسيون ينتظرون التوقيع على النسخة النهائية للاتفاق.
وفي ساعة متأخرة من ليل أول من أمس، أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل على موقع صحيفته الإلكترونية "الشعب" أن الطرفين المتفاوضين لم يتوصلا إلى حل، وأنّ الحكومة قدمت مقترحات جديدة لم يجرِ التفاوض بشأنها سابقاً، ما أدى إلى رفع الجلسة من دون أي نتيجة.
وكان اتحاد الشغل قد أعلن الأحد الماضي عقب اجتماع هيئته الإدارية، أنه قبل مشروع اتفاق مع الحكومة حول الزيادة في رواتب موظفي القطاع الحكومي والمتقاعدين والأجر الأدنى المضمون دون الكشف عن نسبة الزيادة. لكنّ مصادر خاصة قالت لـ"العربي الجديد" إنّ الاتفاق الأولي كان ينص على حصول الموظفين على زيادة بـ5 بالمائة تقسم على ثلاث سنوات (2022 و2023 و2024).
غير أنّ لقاء الإثنين غيّر المعادلات بعدما عدّلت الحكومة مقترحها الأول تحت ضغوط صندوق النقد الدولي. وقال المتحدث الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري، عبر حسابه الرسمي على "فيسبوك": "صندوق النقد وراء الباب"، ملمحاً لرفض الصندوق أيّ زيادة في أجور الموظفين.
وبلغت نفقات الأجور في تونس مستوى قياسياً خلال سنة 2022، حيث وصلت إلى نحو 15.6% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 10% سنة 2010، ما قلّص من الاعتمادات ذات الصبغة التنموية، وحدّ من قدرة الميزانية على تعزيز الاستثمار العمومي.
ويسعى الاتحاد العام التونسي للشغل إلى ضمان حقوق الموظفين في زيادات أجورهم الدورية والضغط على الحكومة من أجل تنفيذ المطالب التي تضمنتها لائحة الإضراب العام الذي نفّذ في يونيو/حزيران الماضي.
في المقابل، حاولت الحكومة تجنّب أي اتفاقات يكون لها انعكاس مالي على الميزانية التي تشكو عجزاً قياسياً فاق 9% التزاماً بتوصيات صندوق النقد الدولي، الذي يحث السلطات على خفض كتلة الأجور من 15% من الناتج المحلي الإجمالي إلى ما دون 12%.
وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد فتح أول من أمس قنوات الحوار مجدداً مع النقابات ومنظمة رجال الأعمال، في أول لقاء بهما بعد استفتاء 25 يوليو/ تموز 2022.
وقال الأمين العام للاتّحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي عقب لقاء الإثنين في فيديو بثته صفحة الرئاسة إن رئيس الدولة أبدى حرصه على تضافر كلّ الجهود من أجل إيجاد حلول للأزمة التي تمرّ بها البلاد، على غرار توفير المواد الغذائية والعناية بكلّ شرائح المجتمع وكلّ الطبقة العاملة والمستثمرين ورجال الأعمال.
وتواجه تونس منذ أسابيع أزمة شح المواد الأساسية في الأسواق واختفاء السلع، بينما يحمّل سعيّد مسؤولية ذلك للمحتكرين والمضاربين. وسجل الاقتصاد التونسي، خلال الربع الثاني من السنة نمواً بنسبة 2.8 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2021 وذلك بفضل ارتفاع نسق نمو قطاع الخدمات بنسبة قاربت 5.2 بالمائة، وفق بيانات معهد الإحصاء الحكومي.