يبدأ برلمان تونس الجديد، اليوم الأربعاء، مناقشة مشروعي الموازنة التكميلية للعام الحالي وموازنة العام القادم وسط ترقب للسياسات الاقتصادية التي تنوي السلطات تطبيقها خلال العام الجديد في غياب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وتأخر الإصلاحات لدفع النمو.
ووفق مشروع قانون الموازنة المتداول من قبل الهيئات المهنية الذي أُحيل على البرلمان، من المرجَّح أن ترتفع موازنة تونس العام القادم بنسبة 12 بالمائة مقارنة بالموازنة الأصلية للعام الحالي.
وتقدر الموازنة المرتقبة للعام القادم، وفق الوثيقة التي اطلعت عليها "العربي الجديد"، بـ77.8 مليار دينار، أي ما يعادل 24.4 مليار دولار، من بينها 28 مليار دينار، أي نحو 9 مليارات دولار يفترض تعبئتها من طريق القروض.
ولأول مرة منذ عام 2013 يفترض أن يناقش البرلمان مشروع موازنة لا تتضمن فرضيات لجوء للاقتراض من صندوق النقد الدولي، رغم إقرار حزمة إصلاحات، من بينها تقليص الدعم عبر زيادة الضرائب على المواد الاستهلاكية الموجهة للمطاعم وأصناف من المقاهي، إلى جانب زيادات متوقعة في الضرائب على مواد الطاقة، بهدف تمويل الانتقال الطاقي.
لكن الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي، يعتبر أن الوثائق المتداولة لا يمكن أن تكشف السياسات الاقتصادية التي تنوي حكومة أحمد الحشاني تطبيقها العام القادم، في غياب التصريحات الرسمية التي تتبنى المشروع المتداول.
وقال الشكندالي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن موقف البرلمان من الموازنة المرتقبة للسنة القادمة سيكشف لاحقاً مع بدء اللجان مناقشة بنود الوثيقة المحالة عليه، مشيراً إلى أن حكومة الحشاني لا تتبنى حتى الآن أي برنامج واضح للإصلاحات الاقتصادية التي ستنفذ في السنة الجديدة.
وحول غياب فرضيات اللجوء إلى تمويلات صندوق النقد الدولي في الموازنة المرتقبة، أشار الخبير الاقتصادي إلى أن الأمر لم يحسم نهائياً بشأن إلغاء التعاون مع مؤسسة التمويل الدولية، ولا سيما أن محافظ البنك المركزي تحدث عن مؤشرات إيجابية للإصلاحات التي تلت الاتفاق المبدئي الذي وقعته تونس قبل عام على مستوى الخبراء.
وأخيراً، قال محافظ البنك المركزي مروان العباسي، في مقابلة نشرتها وكالة الأنباء الرسمية "وات"، إن الزيارة المتوقعة لفريق خبراء صندوق النقد الدولي لتونس المقررة في ديسمبر/ كانون الأول القادم "تعد إشارة إيجابية."
لأول مرة منذ عام 2013 يفترض أن يناقش البرلمان مشروع موازنة لا تتضمن فرضيات لجوء للاقتراض من صندوق النقد الدولي
ومنذ أكثر من عام، خاضت تونس مفاوضات صعبة على مستوى الخبراء مع صندوق النقد، انتهى بالتوصل في سبتمبر/ أيلول 2022 إلى اتفاق مبدئي، يمنح تونس حق النفاذ إلى تمويلات بقيمة 1.9 مليار دولار مشروطة ببرنامج إصلاح اقتصادي يشمل رفع الدعم عن الغذاء والطاقة وخفض كتلة الرواتب.
في المقابل، أكد الشكندالي أن فرضيات موازنة تونس لن تكون في مأمن من تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزّة، ولا سيما في ما يتعلّق بسعر البترول والصرف، مشيراً إلى أن تونس سبق أن تأثرت مباشرةً بالحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما أربك كل مؤشرات موازنة 2023، واستوجب اللجوء إلى قانون موازنة تكميلي.
ووفق بيانات لتحديث ميزانية الدولة لسنة 2023 أحالتها وزارة المالية على مجلس نواب الشعب، سيناقش البرلمان ضمن قانون المالية التكميلي فرضية زيادة سعر برميل النفط إلى 78 دولاراً للبرميل مقابل 89 دولاراً للبرميل مقدرة في قانون المالية الأصلي.