وسط حالة من الغلاء الفاحش في الأسواق السورية أسعفت حوالات المغتربين الأسر مع اقتراب عيد الأضحى.
وعادة تشهد مثل هذه المواسم قفزة كبيرة في حجم التحويلات المالية الخارجية التي باتت مصدراً رئيسيا للنقد الأجنبي للبلاد.
ويرى الاقتصادي السوري عبد الناصر الجاسم أن حوالات المغتربين السوريين تسعف الأسر بالداخل وتساعدهم على نفقات عيد الأضحى، سواء بمناطق نظام بشار الأسد أو المناطق المحررة، لأن تكاليف العيد لا تقل عن مليون ليرة سورية للأسرة الواحدة، بواقع ارتفاع الأسعار ووصول سعر كيلوغرام الحلويات إلى ما يوازي الدخل الشهري للموظف.
ويضيف: الأجور بمناطق سيطرة الأسد متدنية (نحو 100 ألف شهرياً)، كما أن المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة تعاني من قلة فرص العمل وغلاء الأسعار.
وحسب الجاسم، يقدر متوسط الحوالات اليومية خلال فترة الأعياد "بأكثر من 9 ملايين دولار" نظراً لزيادة عدد المغتربين والمهجرين وزيادة الفقر و"حاجة الأهل" بالداخل، مشيراً خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن الحوالات تأتي من تركيا ودول الخليج وألمانيا وهولندا أولاً، نظراً لوجود أكثر من 7 ملايين سوري بتلك الدول.
وحول التضخم العالمي وتراجع مستوى معيشة المغتربين السوريين وتأثير ذلك على حجم التحويلات، يقول الجاسم: ربما تراجع دخل المغتربين، ولكن 200 يورو أو دولار لا تؤثر شهرياً عليهم، لكنها كبيرة بالنسبة للأسرة السورية في الداخل والتي لا يزيد دخلها الشهري عن 25 دولاراً شهرياً.
ويتابع: أتوقع أن يصل متوسط الحوالات للداخل السوري شهرياً إلى نحو 300 مليون دولار، ما ينعكس على معيشة السوريين وسعر صرف الليرة أيضاً.
وكان سعر صرف العملة السورية قد تحسن خلال الأيام الأخيرة، بعدما سجل قاعاً جديداً، الأسبوع الماضي، ببلوغ الدولار 4050 ليرة، قبل أن يتحسن، أول من أمس، بحسب موقع "الليرة اليوم" إلى 3950 ليرة مقابل الدولار الواحد.
ويعتبر رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية السابق عابد فضلية أنه من الصعب تقدير حجم حوالات السوريين من الخارج رغم أن التقديرات شبه الرسمية كانت دوماً تشير إلى أن المتوسط اليومي للحوالات هو ما بين 5 و7 ملايين دولار، لكن اتساع عدد السوريين وتوزعهم في الخارج وإرسال الكثير من الحوالات خارج القنوات الرسمية يجعل من الصعب وضع تقديرات حول إجمالي الحوالات.
ويضيف فضلية في تصريحات، أول من أمس، أن ثلث السوريين يعتمدون في معيشتهم على الحوالات الخارجية بشكل رئيسي والتي عادة ما ترتفع مع الأعياد والمناسبات، مثل بداية العام الدراسي ومواسم المؤونة وغيرها.
كان سعر صرف العملة السورية قد تحسن خلال الأيام الأخيرة، بعدما سجل قاعاً جديداً، الأسبوع الماضي، ببلوغ الدولار 4050 ليرة
وكان نظام بشار الأسد قد رفع سعر دولار الحوالات الخارجية في إبريل/ نيسان الماضي من 2500 ليرة للدولار إلى 2800، لكن السعر بالشركات "أعلى من ذلك بكثير"، حسب مصادر خاصة تحدثت لـ"العربي الجديد" من العاصمة السورية دمشق.
وتضيف المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها، أن سعر الدولار بشركة "الهرم" على سبيل المثال، يصل إلى موازاة سعر السوق السوداء (3900) ليرة، وهي الشركة العاملة في كنف النظام، بحسب وصف المصادر، معتبرة أن "شبه تعويم" لسعر دولار الحوالات الخارجية يتم بشكل متعمّد من حكومة الأسد، بهدف إدخال أكبر قدر من العملات الأجنبية للبلاد.
وحسب مصادر سورية، رفضت ذكر اسمها، تحدثت لـ"العربي الجديد"، تشكل التحويلات الخارجية المورد الدولاري الأهم للحكومة السورية، بعد تراجع موارد الخزينة الأساسية، مثل الصادرات والضرائب وفوائض المؤسسات الحكومية. وتزيد التحويلات الخارجية السنوية من المغتربين السوريين عن 3 مليارات دولار سنوياً، حسب تقديرات المصادر.