استضافت العاصمة القطرية الثلاثاء قمة الدول المصدرة للغاز الطبيعي والتي شارك بها عدد من رؤساء الدول من بينهم أمير قطر ورؤساء الجزائر وإيران وموزامبيق، كما شارك بها وزراء وممثلون عن كبار مصدري الوقود الأزرق، من بينهم مصر وروسيا والعراق والإمارات.
أهمية انعقاد القمة تأتي من اعتبارات عدة، أبرزها التوقيت، إذ تعقد في وقت بالغ الحساسية للاقتصاد العالمي وسوق الطاقة، فأزمة أوكرانيا زادت تعقيدا عقب قرار الرئيسي الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف بالمنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا، وتخطيطه إرسال قوات إلى المنطقة، وهناك تأكيدات غربية بخصوص قرب غزو روسيا أوكرانيا واحتلال كييف عسكريا، وهو ما يعد شرارة لحرب عالمية ثالثة بين موسكو والغرب.
وفي حال حدوث ذلك الغزو الروسي فإن سوق الطاقة العالمي سيشهد اضطرابات عنيفة تصاحبها قفزات في أسعار الغاز والنفط، خاصة أن الولايات المتحدة ومعها أوروبا تتوقع انقطاع الغاز والنفط الروسي عن الأسواق الدولية، كما أن تهديد الولايات المتحدة بفرض عقوبات قاسية على روسيا، ومنها الغاز والنفط والمؤسسات المالية ونظام التحويلات المالية يمكن أن يعقد مشهد الاقتصاد العالمي الذي لم يتعافَ بعد من أزمة جائحة كورونا.
كما يمكن أن يسبب متاعب شديدة لاقتصادات الدول الناشئة ومنها روسيا التي شهدت بالفعل نزوحا للأموال والاستثمارات الأجنبية خلال الفترة الماضية وتراجعا في قيمة عملتها الروبل مقابل الدولار.
وفي حال حدوث غزو روسي لكييف وتحولها إلى مواجهة عسكرية، فإن هناك مخاوف من إقدام روسيا على قطع إمدادات الطاقة إلى أوروبا والأسواق الغربية ووقف صادراتها من الغاز والتي تمثل 40% من احتياجات أوروبا، وهو ما يمثل أزمة كبيرة لدول القارة، خاصة في هذا التوقيت حيث الشتاء القارس والأسعار المرتفعة.
ومن هنا تأتي أهمية قمة مصدري الغاز التي بعثت رسائل طمأنة لأسواق العالم، من أهمها تعاون الدول المنتجة على تلبية احتياجات الدول والأسواق من الغاز، وضمان أمن الإمدادات والعمل على استقرار أسواق الطاقة العالمية حتى في حال انقطاع الغاز الروسي، وهو ما قد يفسر قرار ألمانيا اليوم تجميد مشروع "نورد ستريم 2" رغم أهميته القصوى لها، إذ كان من المخطط أن يزود ألمانيا وبعدها أوروبا بجزء كبير من احتياجاتها من الغاز الروسي، ويفسر أيضا مسارعة دول غربية بفرض عقوبات اقتصادية قاسية بحق روسيا واقتصادها ومؤسساتها المالية.