أعاقت العقوبات بحق إيران والتوترات السياسية الإقليمية والخلاف حول حصص الاستخراج مشروع تطوير حقل هنغام المشترك مع سلطنة عمان منذ توقيع اتفاقية المشروع عام 2005، لكن اتجاه بعض دول المنطقة أخيرا إلى تطبيع العلاقات مع إيران، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، أعاد الحياة إلى المشروع، الذي يقع على الحدود البحرية المشتركة بين البلدين.
ويقع حقل هنغام في الخليج العربي، على بُعد 70 كيلومترًا عن شواطئ إيران، ويوجد ضمن المنطقة الحدودية البحرية المشتركة مع سلطنة عمان، وهي المنطقة التي تقع قبالة محافظة مسندم العمانية.
ومن شأن تطوير الحقل الإسهام في زيادة إمدادات الغاز الطبيعي بين البلدين، وإحياء مشروع خط أنابيب نقل الغاز إلى عمان، ودعم مشروع إسالة ضخم في السلطنة، وزيادة كفاءة عملية الاستخراج، بحسب ما نقلته وكالة أنباء فارس الإيرانية، شبه الرسمية، عن وزير النفط، جواد أوجي.
وفي هذا الإطار، جاء توقيع كل من إيران وسلطنة عمان، في 28 مايو/أيار الماضي، على اتفاقية لدراسة الحقل وتطويره، تطبيقا لتفاهمات أُجريت أثناء زيارة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى سلطنة عمان، العام الماضي، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الإيرانية الحكومية "إرنا".
وكان وزيرا النفط في البلدين، قد اتفقا، في مايو/أيار 2022، على تشكيل لجنة فنية مشتركة لتطوير المراحل التالية من حقل هنغام بطريقة سلسة.
تعاون متعثر في الطاقة
يؤكد الخبير في شؤون الطاقة، نهاد إسماعيل، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، حصول تطور ملحوظ في تعميق العلاقات الاقتصادية بين إيران وسلطنة عمان، لافتا إلى أن حجم التبادل التجاري بينهما للسلع، خاصة المواد الغذائية، بلغ نحو مليار و300 مليون دولار عام 2021. ويرى إسماعيل أن هذا الرقم سيرتفع في السنوات المقبلة في ضوء التعاون بين البلدين في مجالات عدة، منها النقل البحري وربط الموانئ الإيرانية بالعمانية.
لكن على مستوى التعاون بمجال الطاقة، لا تزال مشروعات التعاون الإيراني العماني متعثرة، بحسب ما يراه إسماعيل، مشيرا إلى توقيع مذكرات تفاهم بين البلدين قبل 18 عاما، دون إنجاز ملموس.
ويلفت إسماعيل، في هذا الصدد، إلى أن "مشروع تطوير حقل هنغام ليس عملاقا بل صغير جدا، إذ تبلغ احتياطاته 2 تريليون قدم مكعبة، وهي ليست احتياطيات ضخمة إذا ما قورنت بحقول أخرى مثل حقل ظهر المصري، الذي يحتوي على 63 تريليون قدم مكعبة، وحقل الجافورة السعودي، الذي يحتوي على 200 تريليون قدم مكعبة، وحقل الشمال القطري العملاق، الذي يحتوي على 900 تريليون قدم مكعبة".
لذلك، يرى الخبير في شؤون الطاقة أن مردود تطوير حق إنغام "ذو أهمية اقتصادية متواضعة"، متوقعا فوائد محدودة منه، خاصة لسلطنة عمان، إذ تبلغ حصة إيران بالحقل 80% بينما تبلغ حصة السلطنة 20% فقط.
نهج مختلف
وحسب الخبير في شؤون الطاقة، عامر الشوبكي، إن تعزيز الشراكة في مجال الطاقة بين إيران وسلطنة عمان ليس جديدا، إذ ترى السلطنة نفسها بحاجة إلى جسر يربطها بغرب آسيا وبلاد فارس، لأسباب اقتصادية وجيوسياسية، بحسب ما صرح به لـ"العربي الجديد".
ورغم كونها جزءا من منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن عمان تنتهج نهجا مختلفا عن باقي دول المجلس في ما يخص التعاون مع إيران، بحسب ما يراه الشوبكي. وأشار إلى إحياء مشروع الأنابيب التي تمتد من إيران إلى سلطنة عمان، ليتم تصدير الغاز عبر الموانئ العمانية، وكذلك أنبوب نفط يصل إيران ببحر عمان، بطول 1000 كيلومتر، ومن خلاله يتم تصدير النفط العماني عن طريق عمان.
ويلفت الشوبكي، في هذا الصدد، إلى أن سلطنة عمان تستطيع، من خلال مشروع تطوير حقل هنغام، ترسيخ علاقة اقتصادية أكثر عمقا مع إيران، ما يمكنها من الاستفادة من الثروات الأحفورية لديها.
فبخلاف احتياطي الغاز، يشمل الحقل احتياطيات من النفط تصل إلى 700 مليون برميل، لذا فإن دعم الاقتصاد العماني وترسيخ الشراكة مع دول الإقليم، خاصة إيران، يمثلان خطاً تنتهجه عمان، بحسب الشوبكي.
ويقوم هذا الخط على الحياد السياسي مع كافة دول الإقليم، بغض النظر عن التوتر السابق في علاقات دول خليجية أخرى مع إيران، فالسلطنة تنظر إلى مصلحتها أولا وآخرا، وهو ما بدا واضحا في الفترة الأخيرة، سواء في تعميق علاقاتها بإيران، أو مع الصين، وبذلك تبتعد نوعا ما عن مصالحها السابقة مع الغرب، وبريطانيا على وجه الخصوص، وفق الشوبكي.
ويؤكد الخبير في شؤون الطاقة أن الشراكة مع إيران سترفع من دخل السلطنة التي تحتاج إلى رفع صادراتها من الغاز، خاصة في ظل تنامي الطلب عليه حول العالم، في ظل استمرار العقوبات المفروضة على روسيا، ومن شأن تطوير حقل أنغام تمكينها من تصدير كميات أكبر من الغاز الطبيعي المسال.