لست حزينا على علي بونغو رئيس الغابون الذي وضعه انقلاب عسكري جرى عليه يوم الأربعاء قيد الإقامة الجبرية، بعد أن عزله قادة الانقلاب من منصبه عقب فترة حكم دامت نحو 14 عاما.
ولست حزينا على الرجل الذي حكم بلاده بالتزوير والقمع، ومارس على نطاق واسع سياسة اختلاس الأموال العامة ولسنوات طويلة، بل وأتمنى تقديمه لمحاكمة عاجلة على الجرائم الكبرى التي ارتكبها بحق شعبه وبلده طوال فترة حكمه.
وتسببت في إفساد الحياة السياسية والاقتصادية، وإدخال الدولة في متاهة الفقر والبطالة والفساد بكل أشكاله، وإدارة البلاد كما لو كانت ممتلكاتهم الخاصة.
لكنني في نفس الوقت لست مع الانقلابات العسكرية على الأنظمة الحاكمة، أو أي إجراءات استثنائية على الأنظمة المنتخبة، فالنظام الذي جاء بصندوق الانتخابات وإرادة الناخبين الحرة يذهب أيضا بتلك الإرادة، ولا يذهب بانقلاب يقوده عسكريون نحو قصور الحكم وفي يدهم سلاح ومدفع وداخل دبابة.
المتتبع لسيرة الرجل يجد تاريخا طويلا من النهب والتزوير والقمع والتعدي على حرية الرأي، والتفريط في سيادة بلاده
المتتبع لسيرة الرجل يجد تاريخا طويلا من النهب والتزوير والقمع والتعدي على حرية الرأي، والتفريط في سيادة بلاده، فهو واحد من لصوص أفريقيا الذين نهبوا ثروات شعوبهم، وكان كل همهم هو تهريب الأموال للخارج، وزيادة أرصدته وأرصدة أسرته في بنوك سويسرا وأوروبا.
وكذلك نيل رضا المستعمر القديم وفي المقدمة فرنسا، أو حتى رضا المستعمر الجديد وفي المقدمة الصين وروسيا وقبلهما الولايات المتحدة، فهذه الدول تسعى بكل طاقتها لسرقة مزيد من ثروات القارة، خاصة من المعادن النفيسة مثل اليورانيوم والماس والبلاتينوم واليورانيوم والذهب والحديد وغيره، وذلك بمساعدة هؤلاء الحكام.
علي بونغو الذي تولى السلطة في عام 2009 بعد وفاة والده عمر الذي حكم الغابون لمدة 41 عاماً، وورث ثروة ضخمة عن والده، لا يختلف كثيرا عن معظم حكام أفريقيا في تزوير الانتخابات، والتستر على الفساد، بل وممارسته على نطاق واسع، ونهب المال العام والإثراء غير المشروع، وتسهيل مهمة الأجانب في نهب ما تبقى من ثروات الدول التي يحكمونها بالحديد والنار.
ساعده في ذك انحداره من أسرة حكمت الغابون على مدى 55 سنة وحولتها إلى دولة فقيرة بائسة رغم ثرواتها الضخمة خاصة النفطية والزراعية.
وعلى الرغم من أن الغابون تعد إحدى الدول الرئيسية المنتجة للنفط في أفريقيا، وتغطي الغابات نحو 90% من مساحة البلاد، لكن ثلث سكانها يعيشون في حالة فقر مدقع، كما تقول أرقام البنك الدولي، وذلك بسبب منظومة الفساد الذي رعته أسرة عمر بونغو.
حاكم الغابون لا يختلف كثيرا عن موغابي وغيره من الحكام الفسدة الذين حكموا بلادهم بالحديد والنار، ونهبوا خيراتها وثرواتها، وعمقوا الفساد
وبنظرة للتقارير الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان نجد أنها ومنذ سنوات طويلة تتهم أسرة بونغو بالفساد والتربح، وتحويل البلاد إلى "نظام لصوصي"، كما نهبت مواردها الطبيعية وثرواتها النفطية وغاباتها المطيرة، ورغم ذلك تواصل سيطرتها على نظام الحكم بالتزوير.
حاكم الغابون المخلوع لا يختلف كثيرا عن روبرت موغابي ويحيى جامي وإبراهيما كيتا وجاكوب زوما وآلفا كوندي وتيودورو أوبيانغ، وغيرهم من الحكام الفسدة الذين حكموا بلادهم بالحديد والنار، ونهبوا خيراتها وثرواتها، وعمقوا الفساد، وأدخلوها في متاهات سياسية ومخاطر جيوسياسية واقتصادية واجتماعية عالية.
هؤلاء الحكام وأمثالهم حولوا أفريقيا إلى قارة منهوبة تسكنها شعوب يئست من الإصلاح السلمي والتمتع بخيرات بلادها، حكام زرعوا الفقر والبطالة والفساد في القارة الثرية بالموارد الطبيعية والبشرية، وتسببوا في إغراق بلدانهم في وحل الديون الخارجية والغلاء والتبعية.