تبحث الوكالات التونسية للسفر عن متنفس بعد فترة ركود طويلة من خلال السياحة الدينية وتحريك رحلات العمرة على امتداد الأشهر الثلاثة المقبلة. لكن صعوبات مختلفة تعترض القطاع بسبب تأخّر إمضاء العقود مع الجانب السعودي وضعف الإمكانيات المالية للتونسيين التي قد تحول دون إقبال الآلاف على السفر للقيام بالعمرة لهذا العام.
قبل جائحة كورونا كانت 150 وكالة سفر تعتمد على نشاط العمرة لزيادة إيراداتها، وذلك من خلال توفير أداء المناسك لأكثر من 80 ألف تونسي، لكن توقعات هذه السنة تشير إلى أن عدد المعتمرين لن يتجاوز 20 ألفاً في أحسن الحالات بحسب تقديرات "جامعة وكالات الأسفار".
ويؤكد كاتب عام الجامعة ظافر لطيّف أن نشاط السياحة الدينية واقع تحت تأثير الأزمة الاقتصادية والمعيشية في البلاد، مشيراً إلى أن تقشف الأسر سينعكس سلباً على إقبال التونسيين على العمرة هذا العام. لكن لطيّف يؤكد في تصريح لـ"العربي الجديد" أن موسم العمرة سيسمح لوكالات السفر بأن "تعيش" لمدة شهرين على الأقل من المداخيل التي ستجنيها في ظل ركود كبير يشهده القطاع السياحي.
ويلفت إلى أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب في البلاد يلقي بظلاله على السياحة الدينية التي تتأثر بالقدرة المالية للمواطنين مثل كل القطاعات الاقتصادية الأخرى.
ويضيف لطيّف في السياق ذاته أن وكالات السفر لم تتمكن إلى حد الآن إلا من تفعيل أربعة عقود للعمرة مع الطرف السعودي مقابل تفعيل 50 عقداً على الأقل في الظروف العادية، مؤكداً أن ذلك يمكن أن يتسبب في زيادة احتكار بعض وكالات السفر لهذا النشاط.
ويتوقّع في السياق ذاته أن تزيد كلفة العمرة هذا العام 20 في المائة ليكون متوسط السعر في حدود 3,5 آلاف دينار في مقابل معدل سعر سابق يقدر بـ2,8 ألف دينار.
ويقول أيضاً إن الأولوية في التسجيل ستعطى لمن سبق أن كانوا على لوائح السفر قبل تعليق النشاط بسبب الظروف الصحية.
وتفيد بيانات لجنة العمرة في الجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة بأن عدد المعتمرين كان يرتفع سنوياً بنسبة 15 في المائة وكان من المرتقب أن يتخطى 100 ألف معتمر قبل الجائحة الصحية، وذلك مقابل تسعيرة تتراوح بين 3 و5 آلاف دينار حسب الفترة ونوعية العمرة بما يعني أن كلفة العمرة الإجمالية في البلاد تصل إلى 400 مليون دينار.
وكانت تنشط في تونس نحو 800 شركة سياحَة، منها 150 شركة مختصة بالعُمرة. وتشهد شركات السفر المختصة بنشاط العمرة في الفترة بين شهري شعبان ورمضان من كل عام نشاطاً كبيراً، حيث يفضل آلاف التونسيين سنوياً القيام بمناسكهم في شهر الصيام، وهي نسبة كبيرة بالنظر إلى أن إجمالي من يؤدون العمرة في تونس لا يتجاوز 100 ألف مواطن أدّوا المناسك في العام 2019 وفق بيانات لجامعة وكالات السفر والسياحة.
ورغم الصعوبات المادية التي يمر بها التونسيون وارتفاع أسعار تذاكر السفر والإقامات لم يسجّل نشاط السياحة الدينية قبل الجائحة الصحية أي تراجع، غير أن الواقع الاجتماعي والاقتصادي للتونسيين تغيّر كثيرا خلال العامين الماضيين بفعل التضخم وفقدان مصادر الدخل وارتفاع نسبة البطالة، وفقاً للمتابعين.
يذكر أن جامعة وكلاء الأسفار ما فتئت تقدم مقترحات لزيادة الإشراف على فاعليات المناسك الدينية ودعم هذا القطاع من البنك المركزي التونسي لا سيما طيلة السنوات الأخيرة، وذلك بهدف دعم القطاع وتنظيمه، وكذا زيادة الإيرادات التي تتدفق بالعملة الصعبة ما يسند آلاف العاملين في هذا القطاع.
وأكدت الجامعة في بيان سابق على ضرورة إلغاء استحواذ شركة الخدمات الوطنيّة والإقامات على هذا النشاط، كهيكل واحد يؤمن القيام بشعائر الحج في البلاد، وذلك سعياً لتطوير جودة الخدمات المقدمة في هذا المجال.