في عام 2014 نشب خلاف بين السعودية والكويت حول منطقة النفط المحايدة المشتركة والبالغة مساحتها 5770 كيلومترا مربعا، وأدى الخلاف إلى توقف الإنتاج النفطي في المنطقة المقسومة والبالغ نحو 550 ألف برميل يومياً.
ولم يفلح الاتفاق القديم الموقع بين البلدين في العام 1965، والذي أعطى حقوقا متساوية بالثروات الطبيعية في تلك المنطقة، في الحيلولة دون تكرار الخلافات، حيث نشبت خلافات عدة آخرها ما حدث في العام 2015.
وأعقب الخلاف الأخير قرار بإيقاف الإنتاج من حقلي الخفجي والوفرة الغنيين بالنفط والواقعين في المنطقة المتنازع عليها.
وبقرار الغلق خسرت الدولتان مليارات الدولارات سنويا قدرتها مصادر بنحو 40 مليار دولار للكويت وحدها، حيث إن إنتاج الخفجي المشترك وحده وصل إلى 300 ألف برميل يوميا قبل إيقافه في شهر أكتوبر 2014. كما خسرت أسواق النفط نصفا في المائة من الإنتاج العالمي تمثل إنتاج المنطقة المقسومة.
وعلى مدى سنوات طويلة حاول الطرفان السعودي والكويتي التغلب على المشكلات العالقة بشأن المنطقة المتنازع عليها، والتي كانت تظهر من وقت لآخر رغم حرص الجانبين على ألا تخرج الخلافات إلى العلن ولا تتسرب أسبابها الحقيقة إلى وسائل الاعلام، حيث كان يتم إيقاف الإنتاج النفطي من وقت لأخر تحت عناوين عامة منها "المشاكل البيئية والفنية وغيرها"، لكن كانت تتجدد النزاعات من عام لآخر، مثلا في العام 2007 أدى النزاع إلى تأخير خطط الكويت لبناء مصفاة نفطية رابعة هي مصفاة الزور.
ورغم محاولات الطرفين حل الخلافات العالقة بشأن المنطقة النفطية المتنازع عليها، إلا أن الأزمة بقيت على حالها طوال السنوات الخمس الماضية، وفي سبتمبر 2018، زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الكويت، لكنه غادرها بعد نحو ساعتين فقط.
ساعتها ربطت مصادر بين المغادرة السريعة لولي العهد السعودي، وزيادة حدة الخلاف حول المناطق النفطية المشتركة، إلا أنه مع توجيه جماعة الحوثي اليمنية ضربات لقطاع النفط السعودي ومنشآته ومكامنه وسفنه، آخرها الضربة الموجعة لشركة أرامكو النفطية منتصف شهر سبتمبر الماضي والتي أدت إلى إيقاف نحو 60% من إنتاج المملكة النفطي، عادت المفاوضات مرة أخرى لتنجح هذه المرة، حيث طوت الدولتان اليوم الثلاثاء الخلاف النفطي الحاد بينهما، ووقعا على اتفاقية لتسوية النزاعات بشأن المنطقة المقسومة.
الاتفاق الذي جرى توقيعه اليوم بالكويت يفتح الباب لاستئناف إنتاج النفط في المنطقة المتنازع عليها، حيث إن حقول المنطقة المقسومة لم تُنتج أي إنتاج يُذكر منذ إغلاقها بعد خلافات بين البلدين في عامي 2014 و2015.
الكل مستفيد من هذا الاتفاق التاريخي، أسواق النفط العالمية التي سيتدفق عليها أكثر من نصف مليون برميل إضافي، وبالتالي يزيد المعروض النفطي.
والكويت مستفيدة حيث إنه في حال عودة الإنتاج إلى حقلي الخفجي والوفرة، فإن ذلك سيدر عليها إيرادات سنوية تقدر بنحو 6 مليارات دولار.
والسعودية ستستفيد أيضا من الاتفاق، فإضافة إلى زيادة إيراداتها النفطية، فإنها بعودة إنتاج المنطقة المقسومة تنوع مصادر الإنتاج، كما تبعد جزءا من إنتاجها النفطي عن طائرات الحوثي المسيرة والتي طالت قبل أكثر من 3 شهور حقلي خريص وأبقيق قلب الصناعة النفطية بالمملكة.