توقّع اقتصاديون في "غولدمان ساكس" و"وول ستريت" أنّ البنك المركزي الأميركي (مجلس الاحتياطي الفيدرالي) سيرفع أسعار الفائدة خمس مرات خلال العام الجاري، بمقدار 25 نقطة أساس، ما سيؤدي إلى رفع المعيار القريب من الصفر إلى ما بين 1.25 و1.5%.
ويؤثّر رفع سعر الفائدة على جميع الاقتصادات المرتبطة بالدولار، ولا سيما العمل المصرفي والتجارة الخارجية والديون، فكيف سيؤثر هذا الحدث على اقتصاد السوريين، ولا سيما المناطق الواقعة شمال غربي البلاد؟
يقول الباحث الاقتصادي مخلص الناظر، لـ"العربي الجديد"، إنّ رفع سعر الفائدة "سيؤدي إلى زيادة الطلب على الدولار في السوق السورية، وبالتالي تراجع قيمة الليرة التي تشهد تراجعاً بشكل مستمر". كما أنّ هذه القرارت "ستؤدي إلى خروج الأموال الساخنة من الأسواق الناشئة، فيما الأسواق ستشهد موجة من التضخّم وهذا مرهون بالتغيرات العالمية، لأنّ سورية اليوم لا توجد فيها أموال ساخنة أو استثمارات أجنبية"، كما يشير.
وبحسب الناظر، فإنّ معظم البضائع الموجودة في سورية مستوردة بالدولار، وتراجع قيمة الليرة السورية أمام هذه العملة، "سيرفع الأسعار على المستهلكين، ولا سيما أسعار الوقود، ما يزيد معاناة السوريين الموجودين في مختلف المناطق".
ومن جانبه يتوقّع الخبير الاقتصادي فراس شعبو، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تتأثر المساعدات الإنسانية بقرار رفع الفائدة، "لأنه سيؤثر على قدرة الدول المانحة"، لكنّه يقلّل من هذا التأثير، "بحيث سيكون محدوداً لأنّ معظم تلك الدول والمنظمات تتعهد بهذه الالتزامات بشكل مسبق".
ويشير شعبو إلى أنّ الاقتصاد السوري "هو اقتصاد حرب، فلا يخضع لأي مقياس علمي". على سبيل المثال ستنخفض أسعار الذهب نتيجة لهذه القرارات لكن في نفس الوقت ستتراجع القدرة الشرائية للسوريين؛ بسبب انخفاض قيمة الليرة السورية، وبالتالي فإنّ "هذا الانخفاض لن يؤدي إلى إقبال على شراء هذا المعدن من قبل السوريين الموجودين داخل الأراضي السورية"، وفق شعبو.
ويرجّح الباحث الاقتصادي أحمد سليمان، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ المناطق الواقعة شمال غربي سورية، والتي اتخذت العملة التركية عملة أساسية منذ عام 2020، "ستكون من أكثر المناطق السورية تأثراً بقرارات المركزي الأميركي لارتباطها المباشر بالاقتصاد التركي، الذي شهد تراجعاً كبيراً لليرة أمام الدولار"، مشيراً إلى أنّه "من المتوقع أن تزيد هذه القرارات تدهور الليرة؛ بسبب هروب الأموال الساخنة والضغط الذي يتوقع أن يحصل على البنك المركزي التركي".
ويلفت إلى أنّ تركيا "باتت بوابة الشمال السوري الوحيدة، فمنه تدخل المحروقات والمواد الغذائية، والمواد الأولية للصناعات المحلية، لذا سيكون التأثّر كبيراً إن لم تقلّل سلطات الأمر الواقع اعتمادها الكبير على الاقتصاد التركي، الذي شهد هزات عديدة وارتفاعاً في مستويات التضخّم أخيراً".
وبحسب سليمان، فإنّ استمرار وصول المساعدات الإنسانية "قد يقلل من هذا التأثير"؛ لأنّ أكثر من 40% من سكان الشمال يعتمدون على المساعدات التي تقدمها المنظمات العاملة في المنطقة.
وأفاد تقرير أخير لفريق "منسقو استجابة سورية" بأنّ أسعار المواد الغذائية في الشمال السوري ارتفعت بشكل حاد، وبلغت 400%، بينما بلغت نسبة ارتفاع الأسعار للمواد غير الغذائية 200%، أما الخبز وهو غذاء أساسي للعوائل في المنطقة فارتفع سعره بنسبة 300%.