جدد وزير العمل التركي فيدات بيلجين وعود رفع الحد الأدنى للأجور لتتناسب مع التضخم الذي يتراجع في تركيا للشهر الرابع على التوالي، مبيناً، خلال تهنئته العمال اليوم بمناسبة عيد العمال العالمي، أنه سيُعاد تقييم الحد الأدنى للأجور في يوليو/تموز المقبل.
وأضاف الوزير التركي، خلال تهنئته، أن الحكومة مستمرة بالوقوف إلى جانب العمال بـ"اتخاذ القرارات الأكثر صحة وإنصافًا للبلاد"، مؤكداً "رفع الحد الأدنى للأجور في يوليو بشكل يحمي العمال"، لأن الهدف برأيه "زيادة مستوى الرفاهية لكل مواطن لدينا، وزيادة التوظيف من خلال الوقوف جنبًا إلى جنب مع موظفينا مع فهم الحالة الاجتماعية".
ورفعت تركيا، في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، الحد الأدنى للأجور للمرة الثالثة خلال عام 2022، بعد أن وصلت نسبة التضخم وقتذاك إلى الأعلى منذ 23 عاماً، بعد تخطيها 79.6 على أساس سنوي، بهدف مواجهة غلاء الأسعار وتحسين مستوى معيشة الأتراك الذي تأثر بنسبة التضخم التي رفعت من نسبة الفقر بالبلاد.
ويقول مدير مركز الأبحاث الاستراتيجية في إسطنبول محمد كامل ديميريل، لـ"العربي الجديد"، إن حكومة بلاده "ملتزمة بجعل العمال سعداء" كما وعد الرئيس (رجب طيب أردوغان) ووزير العمل، فـ"رغم تراجع التضخم، لا تزال الأسعار مرتفعة مقارنة مع الأجور، لذا جاءت اليوم الوعود برفع الحد الأدنى ليتناسب دخل من يتقاضى الحد الأدنى، نحو 7 ملايين عامل بتركيا، مع غلاء المعيشة".
ويضيف ديميريل لـ"العربي الجديد" أن "زيادة الأجور ستترافق مع مساعي تحسين سعر صرف الليرة التي ستبدأ بعد الانتخابات"، مشيراً إلى "دور مكتشفات الغاز وتراجع فاتورة الاستيراد في عرض الدولار وتحسن العملة التركية، ما يعني بدء انتعاش وتحسن المستوى المعيشي للأتراك الذين عانوا، منذ أزمة كورونا، من التضخم والغلاء اللذين اشتدا بعد حرب روسيا على أوكرانيا".
وكانت تركيا قد رفعت، مطلع العام الماضي، الأجور بنسبة 50% ليصل الحد الأدنى للأجور إلى 4250 ليرة، قبل أن تأتي الزيادة الثانية في شهر يوليو/تموز بنسبة 30%، ليصل الحد الأدنى للأجور إلى 5500 ليرة تركية، لتأتي الزيادة الثالثة في 22 ديسمبر بنسبة 55%، ليصل الحد الأدنى للأجور إلى 8500 ليرة تركية.
وفي حين يعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن "التضخم مشكلة ليس فقط لتركيا، ولكن للعالم بأسره"، يشدد على تصميم الحكومة على تحديد الأولويات ومعالجة التحديات التي تواجهها الأسر التركية، مضيفاً بعد زيادة الأجور المرة السابقة أن "المشكلة الأكبر في تركيا هي تكلفة المعيشة، ولكن سنحصل على النتائج الملموسة لأهدافنا هذا العام".
وأكد أردوغان، بعد زيادة الأجور المرة السابقة، أن "مسؤولية الحكومة هي ضمان التوصل إلى النتيجة الأسلم والأكثر مراعاة واستدامة للبلاد والشعب"، وشدد على أن حكومته "لا ترضى أن تُهضم حقوق العمال ولا بالإضرار بمستوى التوظيف من خلال وضع عبء لا يمكن تحمله من قبل أرباب العمل".
ويقول المحلل التركي هشام جوناي إن على الحكومة رفع الأجور بما يتناسب مع التضخم "أو يزيد"، وليس كما المرة السابقة رغم الوعود التي علّق عليها الأتراك، لأن ارتفاع الأسعار زاد بأكثر من 150% خلال عامين، في حين لم تزد الأجور أكثر من 102% الأمر الذي زاد من نسبة الفقراء وغيّر من أنماط المستهلكين المعيشية والشرائية.
ويضيف جوناي لـ"العربي الجديد" أن ارتفاع أسعار الطاقة زاد من ارتفاع الأسعار وتكاليف معيشة الأتراك، ما يفرض على حكومة "العدالة والتنمية" التفكير برفع الرواتب والأجور بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار"، لأن عتبة الفقر اليوم تتجاوز 22 ألف ليرة، بحسب تقرير اتحاد العمال، وزادت نسبة الفقر عن 13%، و"هذه أرقام لم يعرفها الأتراك منذ أكثر من 20 عاماً".
ويشير حد الفقر إلى الأموال اللازمة لأسرة مكونة من أربعة أفراد لإطعام نفسها بشكل كافٍ وصحي، كما أنها تغطي النفقات على الضروريات الأساسية مثل الملابس والإيجار والكهرباء والمياه والنقل والتعليم والصحة، في حين تشير عتبة الجوع إلى الحد الأدنى من المال اللازم لإنقاذ أسرة مكونة من أربعة أفراد من الجوع شهرياً.
ويذكر أن التضخم في تركيا بلغ ذروته في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، وقت تجاوز على أساس سنوي عتبة 85%، قبل أن يتراجع في فبراير/شباط الماضي إلى نحو 52% ثم إلى 50% في مارس/آذار، مع وعود من الرئيس التركي بمزيد من التراجع نهاية هذا العام.