وإذا كانت السعودية قد خرجت أكثر من مرة لتدافع عن موقفها وتعلن أن سياستها الداعمة لتثبيت الإنتاج النفطي وعدم خفضه جاءت بهدف الحفاظ على حصتها السوقية حتى ولو تعرضت لخسائر سعرية قصيرة الأجل، فإننا في المقابل لا نجد منطقاً في الممارسات الحالية التي تقوم بها كل من موسكو وطهران في سوق النفط الدولية والتي قد تسفر عن استمرار تهاوي الأسعار التي فقدت بالفعل أكثر من 50% من قيمتها منذ يونيو 2014.
اقرأ أيضا: قرار مؤلم ومستقبل غامض
فخلال 4 أيام فقط خرجت علينا طهران مرتين برسالة مضمونها أنها لن تستأذن أحدا في زيادة إنتاجها النفطي، ولن تتخلى عن حصصها من السوق لصالح أي دولة أخرى.
والملفت أن الرسالة الإيرانية جاءت في المرتين على لسان مصدر معلوم ومهم هو وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه الذي نقلت عنه وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء قوله، أول من أمس السبت، إن طهران لا تحتاج إلى تصريح من أحد، حتى ولو كان منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، لزيادة إنتاج النفط، مع الإشارة هنا إلى أن إيران عضو في منظمة أوبك، وبالتالي فإن عليها الالتزام بقراراتها وسياساتها المتعلقة بحصص الإنتاج.
وتكررت الرسالة الإيرانية يوم 18 نوفمبر/ تشرين الثاني حينما نقلت وكالة فرانس برس الفرنسية عن الوزير الإيراني قوله إن بلاده لن تطلب الإذن من أحد لزيادة إنتاجها، بعد رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها، وأنها ستضاعف الصادرات النفطية ولن تخسر، وإن انقسمت الأسعار عالمياً إلى النصف، أي تراجعت للنصف.
وبنوع من التحدي الأقرب للغرور قال زنغنه "لن نتفاوض مع أوبك لزيادة إنتاجنا.. سنبلغهم بالأمر فقط لكي يتكيّفوا مع الوضع".
اقرأ أيضا: أموال العرب في الخارج
أما روسيا، فجاءت رسالتها، أمس، على لسان مصدر روسي وصفته بالمطلع، نقلت وكالة "نوفوستي" عنه قوله إن موسكو مستعدة لخفض أسعار النفط المباع إلى أوروبا بهدف الحفاظ على مواقعها، وأنها ستخفض أسعار النفط المباع بالفعل، وأنها لن تتوانى عن حماية مواقعها في سوق النفط الأوروبية.
وبلهجة تحدي أيضاً وجه المصدر، الذي لم تفصح الوكالة الروسية عن هويته، رسالة للسعودية، حينما قال " ليس من السهولة أبدا على السعوديين تزويد المصافي الأوروبية بالخام اللازم لاعتمادها منذ عقود على النفط الروسي حصرا"، مع الإشارة هنا إلى أن روسيا واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم وهو ما يجعلها المنافس القوي للسعودية في أسواق النفط الدولية
إذن روسيا وإيران تسعيان لإغراق الأسواق الدولية بالنفط، وهو ما يعني استمرار تهاوي أسعار النفط عالميا، خاصة إذا علمنا بكارثة أخرى وهي أن العراق يبيع نفط البصرة الثقيل بـ 30 دولارا فقط للبرميل وهو ما يقل بنحو 30% عن الأسعار العالمية، وبالتالي فإن الأسعار ستواصل التراجع وهو ما يجعل ميزانيات واقتصادات الدول المنتجة للنفط، وفي مقدمتها دول الخليج، على المحك.
اقرأ أيضا: أردوغان ولوبي أسعار الفائدة