ويبدو أن هذا المشروع العملاق، الذي يستهدف النظام إطلاقه، طموحاً للغاية، ولا سيما إذا علمنا أن إجمالي المساحة المزروعة في مصر لا تتجاوز 8 ملايين فدان، بل والأهم من ذلك أن القطاع الزراعي يعاني من عجز مائي يستدعي تطوير بنية الري المتهالكة.
ويبلغ نصيب مصر المائي من نهر النيل نحو 54 مليار متر مكعب سنوياً، وهناك أزمة عاصفة تتعرض لها مصر قد يهدّد حصتها، التي لا تكف مصر حالياً في الزراعة والشرب والمجالات الأخرى، بعد توقيع السيسي لاتفاق مع إثيوبيا سمح لها باستكمال بناء سد النهضة دون الحصول على ضمانات بعدم تأثير ذلك على حصة المياه.
ومن المؤكد أن حلولاً طرحتها الحكومات السابقة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك بتحديث شبكة الري بمليارات الدولارات لترشيد استهلاك المياه بالإضافة إلى إيجاد بدائل أخرى ومنها التحلية، وهو ما تبناه تقريباً نظام السيسي، إلا أن هناك عائقاً كبيراً أمام هذه الحلول وهو عدم توفر الموارد المالية.
ومن هنا علينا أن نطرح تساؤلاً مهماً نفسه.. إذا كانت الدولة تعاني من عجز مائي لزراعة المساحة الحالية فمن أين ستأتي الحكومة بالمياه التي تكفي لزراعة 1.5 مليون فدان أخرى وخاصة أن مصر مهدّدة بفقدان جزء كبير من حصتها المائية قد يزيد عن 15 مليار متر مكعب سنوياً، في السنوات الأولى لملء السد الإثيوبي، حسب تقارير متخصصة.
وعلى سبيل المثال شركة الوليد بن طلال العملاقة لم تستطع أن تستصلح سوى نحو 5 آلاف فدان خلال أكثر من 10 سنوات من إجمالي 120 ألف فدان تعاقدت على استصلاحهم مع نظام مبارك، وبالتالي موضوع الاستصلاح ليس بالهين.
وكيف سيوفر النظام الحالي الموارد المالية لتمويل مثل هذا المشروع الضخم والذي يحتاج على أقل تقدير نحو 100 مليار جنيه (12.8 مليار دولار)؟ وبعيداً عن ذلك علينا أن نبحث عن كيفية ري هذا الكم الهائل من الأفدنة، وأين دراسات الجدوى لمثل هذا المشروع العملاق.!
أخشى أن يلجأ المستشارون العباقرة المحيطون بالسيسي إلى طرح حلين مبتكرين لا ثالث لهما على غرار علاج الإيدز بالكفتة التي ابتكرها اللواء عبد العاطي، وهما: الري بنور عينين السيسي أو الري على "الناشف" كما حدث مع مشروع تفريعة قناة السويس التي تراجعت إيراداتها منذ افتتاح التفريعة!
اقرأ أيضا: 5 أسئلة حول مبادرة الدعم السعودي لمصر