قال وزير الطاقة والمعادن المغربي، عبدالقادر عمارة، إن المغرب يتجه إلى التحول لمنتج كبير للغاز خلال العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة، بفضل الاحتياطيات الضخمة التي تم الكشف عنها مؤخرا من تلك المادة.
وخرج الوزير عمارة، خلال الندوة السنوية، التي تنظمها الصحيفة الناطقة بالفرنسية، " لافي إيكو"، قبل يومين، عن التحفظ الذي يبديه المسؤولون في المغرب حول مستقبل التنقيب عن النفط، حيث أكد أنه "بالنظر للمؤشرات التي نتوفر عليها اليوم، فإننا نعتقد أنه في أفق سنتين أو ثلاث سنوات، سوف ينتقل المغرب من قدرات إنتاج في حدود 100 إلى 200 مليون متر مكعب إلى بضع مليارات من الأمتار المكعبة في العام الواحد".
وتتمثل المبررات، التي تغذي أمل المغرب في أن يصبح منتجا كبيرا للغاز، في كونه يتوفر على 900 ألف كيلومتر مربع من الأحواض الرسوبية، لا يزال جزء كبير منها لم يكشف عما يختزنه.
غير أن الوزير تحدث عن المؤشرات التي التقطت في المنطقة البحرية ببوجدور ومنطقة الصويرة، وشمال المغرب، حيث يعتبر أن الإعلان عن اكتشاف كبير في المستقبل، سوف يثير فضول الكثير من الشركات كي تقوم بالتنقيب.
وإذا كان الوزير قد بدا متفائلا حول مستقبل إنتاج الغاز بالمغرب، خلال الندوة التي تناولت تحديات تحرير سوق المحروقات الذي بدأ في مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، فإنه عندما تحدث عن مستقبل التنقيب عن النفط، أكد على أن الوضعية مختلفة مقارنة بالغاز، فالتنقيب أثبت أن المغرب يتوفر على احتياطيات نفط غير قابلة للاستغلال.
وأوضح أن احتياطيات النفط المتوفرة في المغرب، هي من النوع الثقيل، التي لا تساعد الأسعار الدولية الحالية على استغلالها، حيث أن الشركات المنقبة لا يمكنها أن تشرع في استخراجه، إلا في الحالة التي تصل فيها الأسعار إلى مستويات قياسية.
ويبدو ترجيح الوزير لاستخراج الغاز مبررا بكونه أقل تلويثا مقارنة بالنفط، وهو ما يعطيه حظوة أكبر في سياق التطلع إلى حماية البيئة ومحاربة الاحتباس الحراري، الذي يشغل السلطات العمومية المغربية كثيرا. زيادة على ذلك يتجه العالم نحو التركيز أكثر على الغاز.
وكان المكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن، المؤسسة الرسمية المكلفة بتدبير الطاقة والمعادن باستثناء الفوسفات في المغرب، قد أعلن في مايو/أيار الماضي، عن اكتشاف الغاز على عمق يبلغ 1263 متراً في منطقة سبو، في محافظة الغرب.
اقرأ أيضاً: المغرب يتجه لاستيراد مليوني طن من الغاز المسال سنوياً
ويعتبر هذا الاكتشاف الثاني من نوعه، الذي تعلن عنه "سيركل أويل" الإيرلندية صاحبة امتياز التنقيب عن النفط في سبو، بعد اكتشاف مماثل عام 2010 في المنطقة نفسها، لكنه لم يستغل نظراً لتوفره على كميات غير قابلة للاستغلال تجارياً.
يذكر أن الشركة الإيرلندية تشرف على 12 رخصة للتنقيب عن الغاز الطبيعي في محافظة الغرب، وخاصة منطقتي "سبو" و"لاميمونة"، وذلك على مساحة تصل إلى 1347 كيلومتراً مربعاً.
وذهب عمر الفطواكي، الخبير المغربي في مجال الطاقة، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى أنه يتوجب التركيز أكثر في حالة المغرب، على تنمية الطاقات المتجددة، التي يراد لها أن تحتل حيزا مهما في سياسة الطاقة للمغرب.
ولاحظ الفطواكي، أن المشاريع الرامية إلى استغلال الطاقات الملوثة، مثل الغاز أو النفط، ستجد صعوبات كبيرة في المستقبل في الحصول على تمويل من المصارف والمؤسسات المالية، وهذا ما يتجلى، في تصوره، في النقاش الذي دار الأسبوع الماضي، في مؤتمر التغيرات المناخية في باريس.
وينتظر أن يساهم اكتشاف المغرب للغاز في دعم مساعي المغرب لإطلاق استثمارات لتوفير خمسة مليارات متر مكعب من الغاز المسال، حيث كان وزير الطاقة قد أجرى اتصالات مع مستثمرين محليين وأجانب من أجل ضمان انضمامه لهذا المشروع.
ويسعى المغرب إلى استثمار 4.6 مليارات دولار من أجل توفير الغاز المسال بحلول عام 2025.
وستتيح الاستثمارات اللازمة لإنجاز هذه الخطة، إقامة البنيات التحتية اللازمة لاستقبال الغاز الطبيعي ونقله واستخدامه في إنتاج الطاقة الكهربائية والصناعية.
ويرتقب أن ينتقل استهلاك الغاز الطبيعي بالمغرب من 0.9 مليار متر مكعب في العام الماضي، إلى 3.5 مليارات متر مكعب خلال العشرة أعوام المقبلة.
وخطط المغرب لنقل حصة الغاز الطبيعي ضمن باقة الطاقة من 3.61% في 2008 إلى 13.38% خلال تلك المدة.
ورغم أن تراجع أسعار الغاز عالميا ساهم في خفض فاتورة الدعم التي تخصصها الحكومة لغاز الطهو في المملكة، غير أن رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، لا يزال يؤكد أن رفع الدعم عن غاز الطهو أمر لا بد منه، بسبب ارتفاع كلفته بالنسبة للموازنة، بخاصة أن دعم غاز الطهو تستفيد منه، في تصوره، فئات أخرى غير الفقراء، مؤكدا على أن دعم غاز الطهو يكلف موازنة الدولة 1.4 مليار دولار.
اقرأ أيضاً:
"ستاندارد أند بورز" تتوقع نموّ اقتصاد المغرب
المغرب يوفر 1.7 مليار دولار من مشتريات النفط