لاقت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى العاصمة الإيرانية طهران، صدى واسعاً في الداخل الإيراني، ولا سيما أنها أسفرت عن عقود تعاون اقتصادية واسعة شملت عدداً من القطاعات والمجالات، لتكون العقود العملية الأولى التي تحصل عليها طهران، بعد الإعلان عن دخول اتفاقها النووي حيز التنفيذ العملي، وهو ما أدى للإعلان أيضاً عن إلغاء العقوبات الغربية المفروضة على البلاد في 16 يناير/كانون الثاني الجاري.
زيارة بينغ هي الأولى لرئيس صيني منذ أربعة عشر عاماً لطهران، وقد رافقه أول من أمس السبت نوابه الثلاثة، ورئيس وزراء البلاد، فضلاً عن ستة وزراء في الحكومة، وعدد من ممثلي الشركات التجارية والاقتصادية الصينية بالغة الأهمية.
وبعد عقد لقاء ثنائي جمعه بالرئيس الإيراني حسن روحاني، وقع الرئيسان بحضور الوفد الصيني الرفيع ومسؤولين إيرانيين آخرين على 17 اتفاقية تعاون، منها ما يتعلق بالمجال النووي، وحسب الاتفاقات فإن الصين ستشرف على تطوير قلب مفاعل آراك ليصبح مطابقاً للشروط المذكورة في بنود الاتفاق مع الغرب، كما اتفق الطرفان على تفعيل اتفاقية الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، والتي تهدف لإيجاد طريق حرير بحري جديد، يسهل عمليات التبادل والتعاون الاقتصادي.
فضلاً عن هذا، وقعت طهران وبكين على اتفاقيات تجارية ومالية، وأخرى ترتبط بالنقل، ومد سكك حديدية في إيران، ومنحت هذه الأخيرة الصين عقداً لتطوير خط القطار السريع سيصل العاصمة طهران بمدينة مشهد شمال شرقي البلاد، فيما اتفق أعضاء غرفة التجارة لدى كلا البلدين على تطوير العمل بينهما وتسريعه.
وكل هذا تم تلخيصه بتصريح أدلى به الرئيس الإيراني حسن روحاني عقب توقيع اتفاقيات التعاون هذه، فقال إنه اتفق ونظيره الصيني على رفع معدل التبادل التجاري بينهما إلى 600 مليار دولار خلال الأعوام العشرة القادمة، مقترحاً كتابة وثيقة تعاون ثنائية تحتوي على برنامج عمل اقتصادي مكثف ومفصل للأعوام الخمسة والعشرين المقبلة، وهو ما أثنى عليه الرئيس الصيني بدوره واعتبره خطوة إيجابية وبناءة نحو تطوير العلاقات الاقتصادية بين الطرفين.
بذات الوقت، احتلت هذه الزيارة الرسمية التي حملت أبعاداً سياسية كذلك مساحة كبيرة من صفحات الصحف الإيرانية الصادرة أمس الأحد، فذكرت صحيفة اعتماد الإصلاحية على صفحتها الأولى تحت عنوان "الرفيق في العقوبات، شريك في الاتفاق"، مشيرة إلى الصين التي وقفت مع طهران خلال مفاوضاتها مع دول ( 5+1)، طيلة الأعوام الماضية، ودعمت إيجاد حل سلمي ينهي أزمة الملف النووي، وكان رئيسها أول من زار إيران بعد الإعلان عن إلغاء الحظر.
في ذات السياق، تجدر الإشارة إلى أن طهران تعلم أن الصين كانت أكثر الدول الحليفة والمقربة منها من بين الدول الست الكبرى، فرغم التقارب السياسي مع روسيا، لكن البلاد تعلم أن تحالفهما هذا يسمى اصطلاحاً بتحالف الضرورة، فبين موسكو وطهران تقاطع مصالح سياسية، ولكن هناك تضارب بالمنفعة الاقتصادية في كثير من الأحيان، ولا سيما فيما يتعلق بقطاع الطاقة، بينما الصين ورغم تصويتها في مجلس الأمن على فرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي في سنوات ماضية، لكنها سمحت للاقتصاد الإيراني بالتنفس من خلال تعاملات النفط الواسعة معها، كما حققت مكانة استراتيجية كبرى في اقتصاد إيران واستفادت منه بالمقابل، فأعطت طهران القدرة على الصمود رغم ما حل باقتصادها المثقل بفعل الحظر.
ومن هنا تأتي أهمية هذه الزيارة حيث يرى بعض المراقبين أن الصين تريد الحفاظ على مكانتها بينما تحاول طهران البحث عن أسواق جديدة مستغلة الانفتاح بعد إلغاء العقوبات عنها.
اقرأ أيضا: إيران تتجه لشراء 114 طائرة إيرباص خلال شهرين
من جهة ثانية، اعتبرت صحيفة "دنياي اقتصاد" في عددها الصادر أمس الأحد، أن السوق الإيرانية ستزدحم بالعروض خلال الفترة القريبة المقبلة، فهناك أطراف كثيرة وشركات متعددة ومتنوعة تبحث عن مكان لها في السوق الإيرانية، وطهران بالمقابل تعلم أن كافة قطاعاتها الاقتصادية تحتاج للترميم بعد سنوات الحظر، وأفادت الصحيفة أن زيارة الرئيس الصيني لإيران في إطار جولة شملت القاهرة والرياض يجعلها تحمل أبعاداً عديدة إيجابية بالنسبة للبلاد.
كما كتب الخبير في الشؤون الإيرانية حسين راهداري في ذات الصحيفة، إن العملاق الصيني حتى حين يتباطأ اقتصاده قليلاً، ما زال قادراً على النهوض باقتصاد أي بلد آخر إذا ما ركز عليه، فالصين التي تنتج الفولاذ والمواد المعدنية والبتروكيماوية والإلكترونية، دائماً بحاجة للأسواق بالمقابل.
ويرى الكاتب أن المشكلات بين الصين والجارة اليابانية، والتي تلقى دعماً أميركياً، نقطة ثانية تجعل طهران حريصة للغاية على هذه العلاقة رغم وجود عروض مغرية أخرى من دول غربية هجرت طهران خلال سنوات الحظر.
فالصين تستطيع أن تشكل مع إيران قوة متوازنة مقابل الولايات المتحدة الأميركية، ليس بهدف منح بكين كل الامتيازات الاقتصادية الإيرانية، وإنما لمنح طهران القدرة على الحفاظ على أهميتها الاقتصادية والسياسية في ظل تواجد ضغوطات كثيرة على البلاد حتى في زمن الاتفاق النووي وإلغاء العقوبات.
في هذا الصدد، يقول الخبير في الشأن الاقتصادي الإيراني حسين أنصاري فرد لـ"العربي الجديد"، إن طهران ستفتح المجال أمام الصين أكثر من قبل، لكن هذا لا يعني أنها ستمنحها كل الامتيازات، حيث ستحاول بلاده بالمقابل كسب الغرب والتقارب مع الاتحاد الأوروبي في ظل التوتر الدائم مع عدد من الأطراف الإقليمية، وعدم إمكانية حصول انفراجات حقيقية في العلاقات مع الولايات المتحدة.
وتوقع أنصاري أن يحصل هذا التحسن في العلاقات بعد مدة، معتبراً أن الصين ستقدم عروضاً أفضل وبأسعار أقل لإيران في ظل هجوم زبائن جدد على القطاعات الاقتصادية الإيرانية.
من جهته، قال نائب رئيس غرفة التجارة المشتركة بين الصين وإيران مجيد رضا حريري لوكالة مهر الإيرانية إن تبعات زيارة الرئيس الصيني الإيجابية ستنعكس مباشرة على العلاقات الثنائية لكنها ستصبح ملموسة خلال عام، معتبرًا أن إيران تركز على هذه العلاقات من طرفها كون الصين البلد الثاني اقتصادياً بعد أميركا في العالم، وتعد الشريك التجاري الأول لأكثر من مائة دولة، إيران واحدة منها.
واعتبر حريري أن تطور العلاقات يتطلب وصل إيران بنظام "سويفت" الدولي، وتسهيل تعاملاتها البنكية والمالية بعد إلغاء العقوبات كافة وبشكل عملي، قائلاً إن تأسيس صندوق مالي مشترك لدول طريق الحرير الذي تسعى الصين لتفعيله وضم 65 دولة حتى الآن يستطيع أن يسهل التعاملات ويسرعها كثيراً حسب رأيه.
يذكر أن ميزان التبادل التجاري بين البلدين بلغ في عام 2014، حوالي 51.850 مليار دولار، وبمقارنته بالعام الذي سبقه، يلاحظ ارتفاع الرقم بمعدل 31.5%، وهذا بعد أن كان المعدل قبل عقد يعادل 500 مليون دولار فقط.
كما بلغ حجم الواردات الصينية من إيران معدل 27.507 مليار دولار، فيما وصلت صادرات الصينية لإيران 24.345 مليار دولار.
وتحصل الصين على نصيب 25٪ من التجارة الإيرانية، فضلا عن 50٪ من منتجات النفط والغاز الإيراني، وهو ما يجعلها الشريك الأول لطهران.
اقرأ أيضا: الصين وإيران... شراكة استراتيجية بين قطبي طريق الحرير
زيارة بينغ هي الأولى لرئيس صيني منذ أربعة عشر عاماً لطهران، وقد رافقه أول من أمس السبت نوابه الثلاثة، ورئيس وزراء البلاد، فضلاً عن ستة وزراء في الحكومة، وعدد من ممثلي الشركات التجارية والاقتصادية الصينية بالغة الأهمية.
وبعد عقد لقاء ثنائي جمعه بالرئيس الإيراني حسن روحاني، وقع الرئيسان بحضور الوفد الصيني الرفيع ومسؤولين إيرانيين آخرين على 17 اتفاقية تعاون، منها ما يتعلق بالمجال النووي، وحسب الاتفاقات فإن الصين ستشرف على تطوير قلب مفاعل آراك ليصبح مطابقاً للشروط المذكورة في بنود الاتفاق مع الغرب، كما اتفق الطرفان على تفعيل اتفاقية الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، والتي تهدف لإيجاد طريق حرير بحري جديد، يسهل عمليات التبادل والتعاون الاقتصادي.
فضلاً عن هذا، وقعت طهران وبكين على اتفاقيات تجارية ومالية، وأخرى ترتبط بالنقل، ومد سكك حديدية في إيران، ومنحت هذه الأخيرة الصين عقداً لتطوير خط القطار السريع سيصل العاصمة طهران بمدينة مشهد شمال شرقي البلاد، فيما اتفق أعضاء غرفة التجارة لدى كلا البلدين على تطوير العمل بينهما وتسريعه.
وكل هذا تم تلخيصه بتصريح أدلى به الرئيس الإيراني حسن روحاني عقب توقيع اتفاقيات التعاون هذه، فقال إنه اتفق ونظيره الصيني على رفع معدل التبادل التجاري بينهما إلى 600 مليار دولار خلال الأعوام العشرة القادمة، مقترحاً كتابة وثيقة تعاون ثنائية تحتوي على برنامج عمل اقتصادي مكثف ومفصل للأعوام الخمسة والعشرين المقبلة، وهو ما أثنى عليه الرئيس الصيني بدوره واعتبره خطوة إيجابية وبناءة نحو تطوير العلاقات الاقتصادية بين الطرفين.
بذات الوقت، احتلت هذه الزيارة الرسمية التي حملت أبعاداً سياسية كذلك مساحة كبيرة من صفحات الصحف الإيرانية الصادرة أمس الأحد، فذكرت صحيفة اعتماد الإصلاحية على صفحتها الأولى تحت عنوان "الرفيق في العقوبات، شريك في الاتفاق"، مشيرة إلى الصين التي وقفت مع طهران خلال مفاوضاتها مع دول ( 5+1)، طيلة الأعوام الماضية، ودعمت إيجاد حل سلمي ينهي أزمة الملف النووي، وكان رئيسها أول من زار إيران بعد الإعلان عن إلغاء الحظر.
في ذات السياق، تجدر الإشارة إلى أن طهران تعلم أن الصين كانت أكثر الدول الحليفة والمقربة منها من بين الدول الست الكبرى، فرغم التقارب السياسي مع روسيا، لكن البلاد تعلم أن تحالفهما هذا يسمى اصطلاحاً بتحالف الضرورة، فبين موسكو وطهران تقاطع مصالح سياسية، ولكن هناك تضارب بالمنفعة الاقتصادية في كثير من الأحيان، ولا سيما فيما يتعلق بقطاع الطاقة، بينما الصين ورغم تصويتها في مجلس الأمن على فرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي في سنوات ماضية، لكنها سمحت للاقتصاد الإيراني بالتنفس من خلال تعاملات النفط الواسعة معها، كما حققت مكانة استراتيجية كبرى في اقتصاد إيران واستفادت منه بالمقابل، فأعطت طهران القدرة على الصمود رغم ما حل باقتصادها المثقل بفعل الحظر.
ومن هنا تأتي أهمية هذه الزيارة حيث يرى بعض المراقبين أن الصين تريد الحفاظ على مكانتها بينما تحاول طهران البحث عن أسواق جديدة مستغلة الانفتاح بعد إلغاء العقوبات عنها.
اقرأ أيضا: إيران تتجه لشراء 114 طائرة إيرباص خلال شهرين
من جهة ثانية، اعتبرت صحيفة "دنياي اقتصاد" في عددها الصادر أمس الأحد، أن السوق الإيرانية ستزدحم بالعروض خلال الفترة القريبة المقبلة، فهناك أطراف كثيرة وشركات متعددة ومتنوعة تبحث عن مكان لها في السوق الإيرانية، وطهران بالمقابل تعلم أن كافة قطاعاتها الاقتصادية تحتاج للترميم بعد سنوات الحظر، وأفادت الصحيفة أن زيارة الرئيس الصيني لإيران في إطار جولة شملت القاهرة والرياض يجعلها تحمل أبعاداً عديدة إيجابية بالنسبة للبلاد.
كما كتب الخبير في الشؤون الإيرانية حسين راهداري في ذات الصحيفة، إن العملاق الصيني حتى حين يتباطأ اقتصاده قليلاً، ما زال قادراً على النهوض باقتصاد أي بلد آخر إذا ما ركز عليه، فالصين التي تنتج الفولاذ والمواد المعدنية والبتروكيماوية والإلكترونية، دائماً بحاجة للأسواق بالمقابل.
ويرى الكاتب أن المشكلات بين الصين والجارة اليابانية، والتي تلقى دعماً أميركياً، نقطة ثانية تجعل طهران حريصة للغاية على هذه العلاقة رغم وجود عروض مغرية أخرى من دول غربية هجرت طهران خلال سنوات الحظر.
فالصين تستطيع أن تشكل مع إيران قوة متوازنة مقابل الولايات المتحدة الأميركية، ليس بهدف منح بكين كل الامتيازات الاقتصادية الإيرانية، وإنما لمنح طهران القدرة على الحفاظ على أهميتها الاقتصادية والسياسية في ظل تواجد ضغوطات كثيرة على البلاد حتى في زمن الاتفاق النووي وإلغاء العقوبات.
في هذا الصدد، يقول الخبير في الشأن الاقتصادي الإيراني حسين أنصاري فرد لـ"العربي الجديد"، إن طهران ستفتح المجال أمام الصين أكثر من قبل، لكن هذا لا يعني أنها ستمنحها كل الامتيازات، حيث ستحاول بلاده بالمقابل كسب الغرب والتقارب مع الاتحاد الأوروبي في ظل التوتر الدائم مع عدد من الأطراف الإقليمية، وعدم إمكانية حصول انفراجات حقيقية في العلاقات مع الولايات المتحدة.
وتوقع أنصاري أن يحصل هذا التحسن في العلاقات بعد مدة، معتبراً أن الصين ستقدم عروضاً أفضل وبأسعار أقل لإيران في ظل هجوم زبائن جدد على القطاعات الاقتصادية الإيرانية.
من جهته، قال نائب رئيس غرفة التجارة المشتركة بين الصين وإيران مجيد رضا حريري لوكالة مهر الإيرانية إن تبعات زيارة الرئيس الصيني الإيجابية ستنعكس مباشرة على العلاقات الثنائية لكنها ستصبح ملموسة خلال عام، معتبرًا أن إيران تركز على هذه العلاقات من طرفها كون الصين البلد الثاني اقتصادياً بعد أميركا في العالم، وتعد الشريك التجاري الأول لأكثر من مائة دولة، إيران واحدة منها.
واعتبر حريري أن تطور العلاقات يتطلب وصل إيران بنظام "سويفت" الدولي، وتسهيل تعاملاتها البنكية والمالية بعد إلغاء العقوبات كافة وبشكل عملي، قائلاً إن تأسيس صندوق مالي مشترك لدول طريق الحرير الذي تسعى الصين لتفعيله وضم 65 دولة حتى الآن يستطيع أن يسهل التعاملات ويسرعها كثيراً حسب رأيه.
يذكر أن ميزان التبادل التجاري بين البلدين بلغ في عام 2014، حوالي 51.850 مليار دولار، وبمقارنته بالعام الذي سبقه، يلاحظ ارتفاع الرقم بمعدل 31.5%، وهذا بعد أن كان المعدل قبل عقد يعادل 500 مليون دولار فقط.
كما بلغ حجم الواردات الصينية من إيران معدل 27.507 مليار دولار، فيما وصلت صادرات الصينية لإيران 24.345 مليار دولار.
وتحصل الصين على نصيب 25٪ من التجارة الإيرانية، فضلا عن 50٪ من منتجات النفط والغاز الإيراني، وهو ما يجعلها الشريك الأول لطهران.
اقرأ أيضا: الصين وإيران... شراكة استراتيجية بين قطبي طريق الحرير