يُصر رئيس الحكومة المغربي، عبد الإله بنكيران، على المضي في تمرير مشروع قانون إصلاح التقاعد، رغم قرار أربعة اتحادات عمالية متحالفة، بخوض إضراب وطني عام في القطاعين العام والخاص، يوم 24 فبراير/شباط الجاري.
وفي أول رد فعل له على قرار الاتحادات العمالية، قال بنكيران أول أمس، إنه "إذا لم ننخرط في إصلاح صناديق تقاعد الموظفين، فإنها ستصبح فارغة في 2021، فالصندوق المغربي للتقاعد، لن يمكنه، بعد هذا التاريخ أداء ولو درهما واحدا من المعاشات".
وأوضح أن الصندوق المغربي للتقاعد، الذي يهم الموظفين الحكوميين، يلجأ منذ 2014، إلى استعمال احتياطياته من أجل أداء المعاشات للمستفيدين منها، مؤكدا أن تقديرات الحكومة تشير إلى أنه سيتكبد خسائر تصل إلى 600 مليون دولار في العام الجاري.
وقال خلال المؤتمر السنوي الرابع الذي ينظمه صندوق الإيداع والتدبير بالرباط حول التقاعد، إنه يتفاوض مع النقابات منذ أربع سنوات، مشدداً على أنها تتشبث بالمكتسبات، ولا تقدم أيه مقترحات ملموسة من أجل التقدم في الإصلاح.
وأشار إلى أن إصلاح التقاعد سيكون مؤلماً، لكن لا يمكن التنازل. وهذا ما درج رئيس الحكومة، على تريده في مواجهته للاتحادات العمالية، حيث دأب على التأكيد على أن كلفة إفلاس الصندوق المغربي للتقاعد سيكون كبيراً.
وبذلك يعترف رئيس الحكومة أن الإجراءات التي يأتي بها الإصلاح ستنال من حقوق المتقاعدين حسب الضوابط التي سيخضعون لها.
ولكن رئيس الحكومة يعتبر أن الخبر الجيد في الإصلاح يتمثل في رفع الحد الأدنى للمعاش من 1000 درهم (104 دولارات) إلى 1500 درهم (156 دولاراً)، موضحاً أنه يتطلع إلى أن يصل هذا الحد الأدنى إلى مستوى الحد الأدنى للأجور، الذي يصل في المغرب إلى حوالي 240 دولاراً.
ويتطلع مشروع قانون إصلاح التقاعد إلى رفع سن التقاعد من 60 عاماً إلى 63 عاماً، مع الزيادة في المساهمات، وخفض معاش التقاعد، وهو ما ترفضه الاتحادات العمالية التي تقترح أن يكون التقاعد اختياريا لمن أراد أن يحال عليه بعد سن الستين.
اقرأ أيضاً: الإعلان عن إضراب عام في المغرب يوم 24 فبراير
وتعتبر الاتحادات العمالية، أن الحكومة تريد تحميل الموظفين، محكومة بهاجس مالي محض، مسؤولية الاختلالات التي يعاني منها الصندوق المغربي للتقاعد، غير أن الاتحادات ترى أن المسؤولية الأولى يجب أن تتحملها الدولة لأنها لم تكن تفي في السابق، كمشغل للصندوق.
وترى الاتحادات العمالية الداعية للإضراب العام، أن الحكومة غير جادة في الحوار الاجتماعي، معتبرة أنها تريد الانفراد بإصلاح التقاعد.
وتلح الاتحادات العمالية على ضرورة سن مقاربة تشاركية في إصلاح التقاعد، والزيادة في الأجور والمعاشات وتحسين الدخل، إضافة إلى رفع سقف الأجور المعفاة من الضريبة على الدخل إلى 600 دولار.
وجاء قرار الإضراب العام بعد اجتماع عقدته الاتحادات العمالية، الثلاثاء الماضي، بالدار البيضاء، حيث عبرت عن خيبه أملها من عدم تجاوب الحكومة مع انتظاراتها.
وكانت الحكومة وضعت مشروع قانون إصلاح التقاعد الذي يهم الموظفين الحكوميين، في الغرفة الثانية من البرلمان، من أجل الشروع في مسار التصويت عليه، غير أن اللجنة البرلمانية المكلفة بدراسته وتلقي التعديلات، أجلت للمرة الثالثة، في الأسبوع الماضي، النظر في ذلك المشروع، بإيعاز من ممثلي الاتحادات العمالية في الغرفة الثانية وأحزاب معارضة، في انتظار أن يجرى التوصل إلى توافق حول ذلك المشروع أو تستجيب الحكومة لبعض من مطالب الاتحادات قبل الشروع في دراسة المشروع.
وكانت الاتحادات العمالية أكدت في بيانات سابقة أن الحكومة الحالية تسعى للإجهاز على القدرة الشرائية للمغاربة، وتغض الطرف عن قوى الفساد، معتبرة أنها تسعى عبر مشروعها لإصلاح التقاعد إلى النيل من القدرة الشرائية للأجراء والموظفين، حيث تتوقع أن يفضي ذلك الإصلاح إلى خفض المعاش بما يتراوح بين 20 و40%.
وفي المقابل قال بنكيران، الأحد الماضي، إن "إصلاح التقاعد لن يؤجل"، موضحاً أن "عددا من الناس نصحوني بترك هذا الإصلاح، لكنني رفضت، قلت لا بد أن يمر.. إذا كان لا بد أن تسقط هذه الحكومة من أجل هذا الإصلاح، فلتسقط".
وكانت تلك الاتحادات انخرطت في العام الماضي في مسلسل من الاحتجاجات، حيث نظمت مسيرة وطنية بالدار البيضاء، وإضرابا عاما في الوظيفة العمومية والجماعات المحلية، غير أن ذلك لم يثن الحكومة عن المضي في ما عقدت عليه العزم.
اقرأ أيضاً:
الحكومة المغربية تجيز إصلاح التقاعد
المغرب يرفع الحد الأدنى للتقاعد إلى 150 دولارا