يكتنف الغموض مصير تجديد الاتفاق الذي تقدم بموجبه دول مجلس التعاون الخليجي منحا للمغرب، حيث ينتهي سريان الاتفاق القائم بنهاية العام الحالي 2018، ما سيؤثر على رصيد المملكة من النقد الأجنبي وعجز الخزانة العامة، إلا إذا تقرر تجديد الاتفاق، وفق خبراء اقتصاد.
ولم تتعد منح دول مجلس التعاون الخليجي، إلى حدود مايو/ أيار الماضي، نحو 15.5 مليون دولار، مقابل 112 مليون دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، حسب الخزانة العامة للمملكة المغربية.
ويتوقع المغرب الحصول في العام الحالي من دول مجلس التعاون الخليجي على 740 مليون دولار، بعدما حصل العام الماصي على نحو 950 مليون دولار.
وذكر محافظ البنك المركزي المغربي، عبد اللطيف الجواهري، في مؤتمر صحافي أخيرا، أن الهبات (المنح) التي يتوقع تحويلها للمغرب في العام الحالي تشكل الدفعة الأخيرة ضمن الاتفاق المبرم مع المغرب، إلا إذا تقرر تجديد الاتفاق، مشيرا إلى أنه بعد 2018 "لن تكون هناك هبات من دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أذا حدثت مفاجأة سارة، وجرى تجديد الاتفاق".
ويراهن المغرب على تلك التحويلات هذا العام من أجل المساهمة في حصر عجز الحساب الجاري في حدود 4.1% من الناتج الإجمالي المحلي، حسب البنك المركزي.
وساهمت التحويلات التي حصل المغرب عليها من دول الخليج لغاية مايو/ أيار الماضي، في تعزيز إيرادات الحسابات الخاصة بالخزانة العامة، التي وصلت إلى حوالي 4 مليارات دولار.
يتوقع المركزي المغربي أن تساهم تلك التحويلات في دعم رصيد النقد الأجنبي، ليصل إلى 255.4 مليار دهم (27.1 مليار دولار)، ما سيغطي 5 أشهر و25 يوما من المشتريات من الخارج.
وكان المغرب قد أبرم اتفاقا من أجل الحصول على منح بقيمة 5 مليارات دولار من أربع دول من مجلس التعاون الخليجي، ممثلة في قطر والسعودية والكويت والإمارات.
وتم الاتفاق على رصد مبلغ الهبات بين 2012 و2016، لتمويل مشاريع تنموية بالمغرب، حيث التزم كل بلد من البلدان الأربعة بتوفير 1.25 مليار دولار. غير أن تباطؤ وتيرة صرف تلك الهبات في بعض السنوات، جعل مدة استحقاقها تمتد لغاية العام الحالي. وتدفقت التحويلات في الشهرين الأخيرين من العام الماضي، وفق البيانات الرسمية، كي تتجاوز توقعات الحكومة المغربية بنحو 12%.
ووفق محافظ البنك المركزي المغربي، في مناسبة سابقة، فإن ما تبقى من ذلك المبلغ يصل إلى 740 مليون دولار، حيث جرى إدراجه ضمن حسابات الموازنة ورصيد النقد الأجنبي.
غير أن الخبير في المالية العمومية، محمد الرهج، يرى أن تأثير تلك الهبات على الموازنة محدود، على اعتبار أنها من الإيرادات الاستثنائية، مثل الخوصصة (الخصخصة)، ما يستدعي تحقيق نوع من العدالة الجبائية بهدف تأمين إيرادات دائمة.
وكان وزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، قد قال في تصريحات أخيرا، إن الموازنة لا يجب أن ترتهن للإيرادات ذات الطابع الاستثنائي، مثل الهبات والاستدانة وإيرادات الخوصصة.
وجرى رصد مبالغ الهبات في حساب خاص بالخزينة من أجل تمويل مشاريع في قطاعات الزراعة، والبنيات التحتية، والصحة، والسكن، والتعليم العالي، والتربية الوطنية، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
ويعتبر خبراء أن العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي يمكن أن تتأثر بالظروف السياسية الراهنة في المنطقة، غير أن البنك المركزي المغربي أشار إلى إمكانية عدم تجديد الاتفاق مع دول الخليج، حيث خفض توقعاته لرصيد النقد الأجنبي في 2019، مقارنة بالعام الحالي.
وكانت هبات دول الخليج قد مثلت في العام ما قبل الماضي، 68% من مجمل الهبات التي تلقتها المملكة، حسب تقرير لمكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمالية.
وتتجه الحكومة لتوسيع قاعدة دافعي الضرائب من الشركات، من أجل تعزيز الخزينة العمومية وعدم الارتهان للإيرادات الاستثنائية، مثل المنح الخليجية. ويبلغ عدد الشركات الملزمة بالضريبة، وفق البيانات الرسمية، أكثر من 278 ألف شركة، بينما وصل عدد الملزمين بالضريبة على الدخل نحو ستة ملايين مواطن.
كما تسعى الحكومة إلى تعظيم الاستفادة من المغتربين، عبر تشجيعهم على الاستثمار في قطاعات مثل العقارات وزيادة تحويلاتهم المالية، التي تشير بيانات رسمية إلى بلوغها العام الماضي حوالي 7 مليارات دولار، فيما تشير وزارة المهاجرين إلى أن ودائع المغتربين لدى المصارف المغربية تمثل حوالي 21% من مجمل الودائع لدى تلك المصارف.