ارتفاع سقف المطالب المعيشية يشعل حراك الجزائر

الجزائر

حمزة كحال

avata
حمزة كحال
25 مارس 2019
140C8D18-2CD6-4580-87C7-A4ACC8FB3A24
+ الخط -
يرتفع سقف مطالب الجزائريين من يوم إلى آخر، فبعد أن كان المطلب الرئيسي في الجمعة الأولى، في 22 فبراير/شباط الماضي، عدم ترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، وتحسين المستويات المعيشية، تطور الحراك بعد مرور نحو شهر ليطالب بخلع بوتفليقة ونظامه، مع تصاعد المطالب الاقتصادية والاجتماعية.
ورغم أن مطلب محاربة الفساد ساير حراك الشعب الجزائري منذ يومه الأول، إلا أنه تصاعد خلال الفترة الأخيرة وأصبح يحتل مساحات كبيرة في اللافتات التي يحملها المواطنون في المظاهرات المناهضة للنظام الحاكم، وصلت إلى ضرورة محاسبة المتهمين بقضايا فساد، واسترجاع أموال البلاد المنهوبة.

ولم يكتف المتظاهرون بالتنديد بظاهرة الفساد التي نخرت البلاد واقتصادها منذ وصول الرئيس بوتفليقة للحكم سنة 1999، بل شملت مطالبات بتقليص الفوارق الاجتماعية وبتوزيع عادل للثروة وحل الأزمات المعيشية.
وتتقدم الجزائر التصنيفات العالمية في مجال انتشار الفساد. وحسب الجمعية الجزائرية لمكافحة الفساد (مستقلة)، فإن حجم الفساد فاق عتبة 60 مليار دولار منذ سنة 2000.

وفي السياق، قال جمال نور الدين، خبير اقتصادي، إن "الشعب لأول مرة يتحدث عن الفساد واسترجاع الأموال بهذه الصورة الغاضبة، والدليل حملهم لافتات تطالب باسترجاع أموال الدولة، كما حدث مع نظام بن علي في تونس والقذافي في ليبيا، ويبدو الشعب مصرا على محاسبة المتهمين، ووارد جدا أن يتم ذلك، خاصة أن قطاع القضاء هو الآخر يعيش انتفاضة، بعد انضمام نقابة القضاة والمحامين لحراك الشعب".
وأضاف الخبير الاقتصادي، لـ "العربي الجديد"، أن "غياب العدالة الاجتماعية وظهور بوادر الطبقية زاد من غضب الشعب".

وشهدت الجزائر، في السنوات الأخيرة، ظهور طبقة "الأغنياء الجدد"، قابلها زوال بطيء للطبقة الوسطى، بسبب تراجع المستوى المعيشي، وانهيار القدرة الشرائية للمواطنين، بسبب تراجع الدينار أمام العملات الأجنبية وغلاء المعيشة.
وحمل الجزائريون صور شخصيات ورجال أعمال ارتبطت أسماؤهم بملفات الفساد في المظاهرات الصاخبة، يوم الجمعة الماضي، كوزير الطاقة الأسبق شكيب خليل المتورط في قضية سونطراك، وعلي حداد الرجل الأول في الكارتل المالي المساند للرئيس بوتفليقة، وأرفقوا الصور بشعارات تطالب باسترجاع الأموال.

ومن جانبه، يرى الخبير الاقتصادي ومستشار لدى الحكومة الجزائرية (2012/ 2016)، عبد الرحمان مبتول، أن "حراك الشعب أشعلته الطبقتان الوسطى وضعيفة الدخل"، موضحاً أن "المطلب الأول هو سياسي الآن وهو إقالة بوتفليقة، لكن هذا المطلب غذّته ضغوط اقتصادية واجتماعية لهاتين الطبقتين المؤهلتين للزيادة إذا تواصلت الفوارق الاجتماعية والطبقية".
وأضاف نفس المتحدث، لـ "العربي الجديد"، أن "الشعب يبحث عن العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص المعيشية، فأغلب الجزائريين يتقاضون رواتب أقل من 35 ألف دينار (الدولار = 120 دينارا)، في وقت تقر كل الدراسات التي أعدتها المعاهد الإحصائية باستحالة صمود هذه الرواتب أمام غلاء المعيشة".

واللافت أن السلطة الحاكمة في الجزائر لا تزال تلتزم الصمت حيال مطالب الشعب الجزائري، سواء السياسية أو حتى المتعلقة بأوضاعه المعيشية، بعد دخول الحراك شهره الثاني.
وفي مسيرة الجمعة الخامسة، 22 مارس/آذار الحالي، أو جمعة الرحيل، كما أطلق عليها الجزائريون، أجمع المتظاهرون على أن الفساد المالي الذي نخر البلاد كان هو السبب في تدهور الأوضاع، وهو ما قاله أحد الشباب عبد الله محمد لـ "العربي الجديد" الذي تساءل "أين ذهبت 1500 مليار دولار، حجم ما أنفقه نظام بوتفليقة منذ 1999؟ وكيف أنفقت؟".

ويضيف محمد: "نهبوا كل خيرات البلاد، ويريدون البقاء حتى يفرغوا الخزينة العمومية واحتياطي الصرف".
وفي نفس السياق، تقول محامية شاركت في المظاهرات، رفضت ذكر اسمها، "الكل يعلم بقضايا الفساد، فحتى القضايا الكبرى التي وصلت إلى المحاكم، تم غلقها سياسيا، ولا نعلم مصير تلك الأموال المنهوبة، مثل قضية الطريق السيار "شرق/ غرب" الذي قفزت ميزانيته من 700 مليون دولار إلى 3 مليارات دولار، ولم يتم حتى استدعاء الوزير المكلف آنذاك بإنجاز الطريق إلى القضاء لسماع أقواله، ونفس المصير في ملف سونطراك، وغيرها من القضايا التي طويت نهائيا".

ويرى أستاذ العلوم الاقتصادية فرحات علي، أن "السلطة الحاكمة ممثلة في شخص الرئيس بوتفليقة أو حكومته لا تضع تلك المطالب كأولوية، حيث لم تقدم أي اقتراح في هذا الباب، واكتفت بتقديم تنازلات سياسية صورية، لم يقبلها الشعب".
وأضاف فرحات لـ"العربي الجديد" أن "الشعب لن يمهل المسؤولين كثيرا من الوقت، لأنه يتخوف من فقدان قوت يومه، وأكبر دليل هو تحول توصيف الشعب للنظام من "السلطة" إلى كلمة "العصابة" في شعاراته، وهو دليل أن مطالب المحتجين لها أبعاد اقتصادية واجتماعية وفي تصاعد مستمر".


ذات صلة

الصورة
خلال تحرك لمحاكمة سلامة في بيروت، 25 يناير 2023 (Getty)

اقتصاد

أصدر قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي، اليوم الاثنين، مذكرة توقيف وجاهية بحق حاكم البنك المركزي السابق رياض سلامة، عقب جلسة انعقدت صباحاً.
الصورة
سرقة القرن (فرانس برس)

سياسة

أصدر القضاء العراقي، السبت، أوامر بالقبض على أربعة مسؤولين سابقين، بينهم وزير مال سابق ومقربون من رئيس الوزراء السابق، لاتهامهم بـ"تسهيل" الاستيلاء على 2,5 مليار دولار من الأمانات الضريبية.
الصورة

مجتمع

أكدت مصادر مطلعة أن المساعدات الإنسانية التي قدمتها بعض الدول للنظام السوري، لمساعدة المتضررين من الزلزال، بدأت تُباع في المحال التجارية ببعض المحافظات الخاضعة لسيطرته في الوقت الذي يُحضر بعد التجار لطرح هذه المواد غداً الجمعة في الأسواق.
الصورة
(فاضل سينا/فرانس برس)

سياسة

تقدم نشطاء حقوقيون مغاربة، الأربعاء، بشكوى أمام رئيس النيابة العامة لفتح تحقيق في ملف الاتهامات الموجهة لرئيس مكتب الاتصال الإسرائيلي دايفيد غوفرين بـ" التحرش الجنسي" بنساء مغربيات.
المساهمون