شارات المسلسلات: موسيقى تسير بخُطىً سريّة
يمكن لأغنية شارة غير جيدة أن تفسد عملاً درامياً جيداً. تلك العلاقة الطردية خلقت عدداً من الروائع الغنائية في شارات المسلسلات العربية. وعلى خلاف الدراما في السابق، تراجع مستوى أغاني الشارات في الدراما الحالية، من حيث معالجتها اللحنية والشعرية، وكذلك في مستوى الأصوات. على الأقل، لم ولن نشهد على مدى سنوات، مرة أخرى، ثلاثياً بحجم سيد حجاب وعمار الشريعي وعلي الحجار.
اللافت في أساليب أغاني الشارة سابقاً، اتخاذها طريقاً لا تلتقي فيه مع الأنماط اللحنية السائدة في صناعة أغاني البوب، وهو سمتها الغالبة في الوقت الحالي. فالحرية التي كانت تتيحها الدراما بمنأى عن الذائقة المستهلكة، استعادت بعض الجسور مع الصياغة اللحنية المشغولة بمساحة من التصرف والابتكار. ومع حضور أصوات متمكنة، مثل علي الحجار ومحمد الحلو، ارتبطت الدراما المصرية بروائع غنائية من الصعب نسيانها.
تطرق علي الحجار في أحد لقاءاته إلى لحن أغنية مقدمة مسلسل "المال والبنون"؛ إحدى أيقونات الدراما المصرية، للمؤلف أسامة أنور عكاشة، وكيف اختلف مع ملحن الأغنية، ياسر عبد الرحمن، الذي ختم نهاية جمله اللحنية بتحولات مقامية. كان من وجهة نظر الحجار أنها جديدة وغير معمولة بها في الشكل السائد للغناء، ما استدعى ذلك المزاج المختلف الذي أدت به الأغنية، على حد قوله.
اتكأت الأغنية على وظائف مقامية تمارس تصعيداً، فالأغنية مكونة من ثلاثة مقامات تؤدي كل منها دوراً تعبيرياً. تبدأ الأغنية على مقام البيات، المنحصر في الجملة الموسيقية، بمرافقة أصوات الكمانات المحاكية لصوت الربابة، والنبر على النغمات وترخيمها لتعطي انعكاساً مأساوياً. ينتقل غناء المذهب مباشرة إلى مقام الحجاز بصيغة سؤال يغنيه الكورال وجواب بصوت الحجار، ويكون مرة مشحوناً بتصاعد متوتر، ومرة يكون مستسلماً.
شكلت الجملة الموسيقية تعميقاً مدارياً، لكن الانتقال إلى مقام الكرد في غناء الكوبليه يكاد يكون تبديداً لصوت الوتريات المشحون، مع تحول إيقاعي من المصمودي إلى الوحدة، ليتسق مع اللحن الانسيابي، الذي ينتهي بجواب متوتر من الحجاز، يعود به إلى المذهب. صيغة لحنية تتواصل مع الأغنية الكلاسيكية، نتلمّس فيها السبك المقامي العالي، وصياغة جملة موسيقية متينة. تلك الروح لم تكن متاحة في مساحة الغناء الشعبي وصناعة الألبوم.
أخذت أغاني شارات الدراما طريقاً لا تلتقي فيه مع صناعة البوب، ما أعطى مساحة لموسيقيين مقتدرين في التلحين. لكن الفارق أيضاً هو الانتماء؛ فأغنية الشارة الحالية تنتمي لأغنية البوب من حيث الشكل والنمط الموسيقي. مع هذا، لا يمكن أن ننظر إلى أغنية الشارة على أنها منتج مغاير كلياً للغناء العاطفي، أو الأنماط الأخرى. ففي الثمانينيات، ظهرت حالة غنائية بدت للكلاسيكيين منحرفة، وما حدث أنها أصبحت اليوم مقبولة.
على صعيد آخر، ظلت صناعة الدراما الجيدة تضع اعتباراً لأغنية الشارة باعتبارها افتتاحا يساهم في نجاح العمل من عدمه. لكن وجود الفجوة بين أغنية الشارة وأغنية البوب، كان عاملاً مساعداً بمحافظة هذا النوع على أشكال لحنية كلاسيكية زاوجت بين التطريب والتعبير، وأيضاً وظفت الألحان الشعبية بصيغة رفيعة، كما هو في اللحن الصعيدي لشارة مسلسل "شيخ العرب" من ألحان الشريعي.
تظل بصمة الشريعي هي الأكثر حضوراً، لكنه أيضاً غلفها بطابعه العام، بمعنى أنها أغنية لم تكن مختلفة كلياً، لكنها محررة من قيود الغناء الرائج شعراً ولحناً، والمحدد بفكرة لحنية بسيطة. يستعيد الشريعي في أغنية شارة "الشهد والدموع"، أجواء أغاني عبد الحليم حافظ، وهو ما أجاده أيضاً أداء الحجار. كما أن الفراغات بين النغمات أعطت حساً رومانتيكياً عالياً للحن.
مع هذا، لا يمكن وضع حدود واضحة بين أغنية الشارة والأغنية العادية، حتى قديماً؛ بمعنى أن هناك استعارات. هذا ما فعله الشريعي مع لحنه لأغنية لطيفة "أكثر من روحي بحبك"، حين وظف لحنه في موسيقى الشارة لمسلسل "الراية البيضاء".
لكن أغنية شارة مسلسل "ليالي الحلمية"، لم تنجح كأغنية شارة فقط، وإنما أعادت جانبا من روح الغناء العربي الذي يمتد إلى أواخر الستينيات باستخدام مزيج من التطريبي والشعبي. و"ليالي الحلمية" أحد أكثر المسلسلات نجاحاً في الدراما العربية، سواء من الناحية الفنية أو الجماهيرية. وبمطلعها الشعري الشهير "منين بيجي الشجن من اختلاف الزمن"، وبصيغة حكمية، ولحن راقص، استعادت فيها ملامح من ثيمات ألحان بليغ حمدي لأم كلثوم بجملها الراقصة، وبعض ألحان الستينيات بمزيج من الشعبي والتطريبي وجمل لحنية راقصة.
ولعل ترديد الأغنية من الصغار والكبار في العالم العربي، شجع على بث تلك الموجة وبصيغتها الأكثر نجاحاً بألحان صلاح الشرنوبي وتوزيع طارق عاكف. وهي الصيغة التي تبدو في الجملة الموسيقية الشكل الإيقاعي للوتريات تفضي لصوت الأوكورديون بجمل راقصة وقصيرة على مقام الحجاز. حدود الانتقال المقامي بين الحجاز في المذهب والعجم في الكوبليه.
ربما كانت الثيمات اللحنية لبليغ حمدي، موضوع الاستلهام في تلك الفترة، مع أنه لم يستطع في لحنه لشارة أغنية "بوابة الحلواني" مجاراة ألحان الشريعي وياسر عبد الرحمن أو حتى ميشيل المصري. وهذا المجال المفتوح لتجسيد قيم لحنية مختلفة عن السائد في سوق الغناء، فتح أمام الملحنين الباب لوضع صيغ أكثر جدية مما هي في الألبوم.
اقــرأ أيضاً
سنلاحظ في ألحان ياسر عبد الرحمن لعلي الحجار، مثل "تجيش نعيش"، أقل مجازفة في فكرته اللحنية العامة وفي بناء الجمل اللحنية. لكن أيضاً المسلسل لم يعد يستهدف نفس الجمهور السابق، وتغيرت وظيفة أغنية الشارة، فمن غير الممكن الاستماع لجملة موسيقية طويلة كما في لحن شارة مسلسل "ناس كفر عسكر" من ألحان محمد علي سليمان التي تمتد لأكثر من دقيقة.
إلا أن الالتقاء مع أغاني البوب الرائجة، وحتى مع توظيف أغنية المهرجان، تستمر في استجداء النجاح الجماهيري، بينما كانت في السابق أكثر استقلالية. هذا على صلة بنمط التنافس، فالمنافسة الكبيرة وازدحام رمضان بإنتاج المسلسلات، يجعلان أغنية الشارة تعتمد على النجاح العام في أغنية البوب. لكن يبدو أن آمال ماهر تمثل أحد الأصوات المطلوبة، إلى جانب شيرين الغائبة هذا الموسم. كذلك أنغام، سنلاحظ أنها تغني بمظهرها الجديد، بينما كانت في السابق تغني في نسق شهدناه مع الحجار والحلو.
أما الواضح في السمات العامة، فهو أيضاً صوت الملحنين، إذ أتاحت أغنية الشارة تقديم نمط من الملحنين الأكثر جدية في بناء اللحن والموسيقى، وكما تشكلت تيارات مثل عمار الشريعي (وليس عمر خيرت). ربما كان جمال سلامة جيداً في بناء الجمل الغنائية، لكنه بائس في الأسلوب الموسيقي المتكئ على الكيبورد والأصوات النغمية الفجة.
ربما تلتقي أغاني الشارة اليوم في كثير من أسلوبها مع الأغنية الشائعة، وباختلاف تياراتها من بوب أو شعبي أو مهرجان. لكن أيضاً في التصوير الموسيقي في شارة مسلسل عادل إمام، من لحن ياسر حماد، سنلاحظ البناء الهارموني والأسلوب الرومانتيكي المستلهم من الموسيقى الروسية، لكنه أيضاً ليس بابتكار اللحن الأكثر غنائية وبساطة لرائعة الشريعي في مسلسل "رأفت الهجان"، وكأن ثيمة اللحن من النهاوند تستمد شجناً أو حنيناً يلتقي مع النمط الدرامي الذي يسرد حكاية تريد أن تكون ملحمية وبطابع مصري أيضاً، فاللحن أيضاً غاية في المصرية رغم الثوب المبهج للأوركسترا الشرقية وزخم الوتريات.
هل نقول إنه لا وجود لأغنية شارة حققت نجاحاً لافتاً، خلال السنوات الأخيرة؟ بالطبع لا، فأغنية "مشاعر" لشيرين أدت وظيفة درامية حاول ملحنها محمد رحيم الابتعاد عن السمة الشائعة لأغاني البوب، مع أنه أحد أكثر الملحنين نجاحاً. اتخذت "مشاعر" شكلاً غنائياً وكانت أحد أركان النجاح في مسلسل "حكاية حياة". الأغلب أن ملحني البوب الشهيرين سيلحنون بنمطهم الشائع. مثلاً، عمرو مصطفى سيلحن أحد أشكاله اللحنية. كذلك نلاحظ في لحني خالد عز لمدحت صالح وآمال ماهر في مسلسلين تذيعهما القنوات العربية في رمضان الجاري، لا يختلف عنه في تلحينه لألبوم بوب.
لكن المسافة التي كانت بين السوق وأغنية الشارة مع الملحنين الكبار، والأكثر إبداعاً في تاريخ الدراما، جعلتها منصة يلتقون فيها مع جمهورهم، لقاء لا تتوفر فرصه خارج الدراما. لذا صاغوا أغاني الشارات بحرفية عالية وإبداع أكثر.
اللافت في أساليب أغاني الشارة سابقاً، اتخاذها طريقاً لا تلتقي فيه مع الأنماط اللحنية السائدة في صناعة أغاني البوب، وهو سمتها الغالبة في الوقت الحالي. فالحرية التي كانت تتيحها الدراما بمنأى عن الذائقة المستهلكة، استعادت بعض الجسور مع الصياغة اللحنية المشغولة بمساحة من التصرف والابتكار. ومع حضور أصوات متمكنة، مثل علي الحجار ومحمد الحلو، ارتبطت الدراما المصرية بروائع غنائية من الصعب نسيانها.
تطرق علي الحجار في أحد لقاءاته إلى لحن أغنية مقدمة مسلسل "المال والبنون"؛ إحدى أيقونات الدراما المصرية، للمؤلف أسامة أنور عكاشة، وكيف اختلف مع ملحن الأغنية، ياسر عبد الرحمن، الذي ختم نهاية جمله اللحنية بتحولات مقامية. كان من وجهة نظر الحجار أنها جديدة وغير معمولة بها في الشكل السائد للغناء، ما استدعى ذلك المزاج المختلف الذي أدت به الأغنية، على حد قوله.
اتكأت الأغنية على وظائف مقامية تمارس تصعيداً، فالأغنية مكونة من ثلاثة مقامات تؤدي كل منها دوراً تعبيرياً. تبدأ الأغنية على مقام البيات، المنحصر في الجملة الموسيقية، بمرافقة أصوات الكمانات المحاكية لصوت الربابة، والنبر على النغمات وترخيمها لتعطي انعكاساً مأساوياً. ينتقل غناء المذهب مباشرة إلى مقام الحجاز بصيغة سؤال يغنيه الكورال وجواب بصوت الحجار، ويكون مرة مشحوناً بتصاعد متوتر، ومرة يكون مستسلماً.
شكلت الجملة الموسيقية تعميقاً مدارياً، لكن الانتقال إلى مقام الكرد في غناء الكوبليه يكاد يكون تبديداً لصوت الوتريات المشحون، مع تحول إيقاعي من المصمودي إلى الوحدة، ليتسق مع اللحن الانسيابي، الذي ينتهي بجواب متوتر من الحجاز، يعود به إلى المذهب. صيغة لحنية تتواصل مع الأغنية الكلاسيكية، نتلمّس فيها السبك المقامي العالي، وصياغة جملة موسيقية متينة. تلك الروح لم تكن متاحة في مساحة الغناء الشعبي وصناعة الألبوم.
أخذت أغاني شارات الدراما طريقاً لا تلتقي فيه مع صناعة البوب، ما أعطى مساحة لموسيقيين مقتدرين في التلحين. لكن الفارق أيضاً هو الانتماء؛ فأغنية الشارة الحالية تنتمي لأغنية البوب من حيث الشكل والنمط الموسيقي. مع هذا، لا يمكن أن ننظر إلى أغنية الشارة على أنها منتج مغاير كلياً للغناء العاطفي، أو الأنماط الأخرى. ففي الثمانينيات، ظهرت حالة غنائية بدت للكلاسيكيين منحرفة، وما حدث أنها أصبحت اليوم مقبولة.
على صعيد آخر، ظلت صناعة الدراما الجيدة تضع اعتباراً لأغنية الشارة باعتبارها افتتاحا يساهم في نجاح العمل من عدمه. لكن وجود الفجوة بين أغنية الشارة وأغنية البوب، كان عاملاً مساعداً بمحافظة هذا النوع على أشكال لحنية كلاسيكية زاوجت بين التطريب والتعبير، وأيضاً وظفت الألحان الشعبية بصيغة رفيعة، كما هو في اللحن الصعيدي لشارة مسلسل "شيخ العرب" من ألحان الشريعي.
تظل بصمة الشريعي هي الأكثر حضوراً، لكنه أيضاً غلفها بطابعه العام، بمعنى أنها أغنية لم تكن مختلفة كلياً، لكنها محررة من قيود الغناء الرائج شعراً ولحناً، والمحدد بفكرة لحنية بسيطة. يستعيد الشريعي في أغنية شارة "الشهد والدموع"، أجواء أغاني عبد الحليم حافظ، وهو ما أجاده أيضاً أداء الحجار. كما أن الفراغات بين النغمات أعطت حساً رومانتيكياً عالياً للحن.
مع هذا، لا يمكن وضع حدود واضحة بين أغنية الشارة والأغنية العادية، حتى قديماً؛ بمعنى أن هناك استعارات. هذا ما فعله الشريعي مع لحنه لأغنية لطيفة "أكثر من روحي بحبك"، حين وظف لحنه في موسيقى الشارة لمسلسل "الراية البيضاء".
لكن أغنية شارة مسلسل "ليالي الحلمية"، لم تنجح كأغنية شارة فقط، وإنما أعادت جانبا من روح الغناء العربي الذي يمتد إلى أواخر الستينيات باستخدام مزيج من التطريبي والشعبي. و"ليالي الحلمية" أحد أكثر المسلسلات نجاحاً في الدراما العربية، سواء من الناحية الفنية أو الجماهيرية. وبمطلعها الشعري الشهير "منين بيجي الشجن من اختلاف الزمن"، وبصيغة حكمية، ولحن راقص، استعادت فيها ملامح من ثيمات ألحان بليغ حمدي لأم كلثوم بجملها الراقصة، وبعض ألحان الستينيات بمزيج من الشعبي والتطريبي وجمل لحنية راقصة.
ولعل ترديد الأغنية من الصغار والكبار في العالم العربي، شجع على بث تلك الموجة وبصيغتها الأكثر نجاحاً بألحان صلاح الشرنوبي وتوزيع طارق عاكف. وهي الصيغة التي تبدو في الجملة الموسيقية الشكل الإيقاعي للوتريات تفضي لصوت الأوكورديون بجمل راقصة وقصيرة على مقام الحجاز. حدود الانتقال المقامي بين الحجاز في المذهب والعجم في الكوبليه.
ربما كانت الثيمات اللحنية لبليغ حمدي، موضوع الاستلهام في تلك الفترة، مع أنه لم يستطع في لحنه لشارة أغنية "بوابة الحلواني" مجاراة ألحان الشريعي وياسر عبد الرحمن أو حتى ميشيل المصري. وهذا المجال المفتوح لتجسيد قيم لحنية مختلفة عن السائد في سوق الغناء، فتح أمام الملحنين الباب لوضع صيغ أكثر جدية مما هي في الألبوم.
سنلاحظ في ألحان ياسر عبد الرحمن لعلي الحجار، مثل "تجيش نعيش"، أقل مجازفة في فكرته اللحنية العامة وفي بناء الجمل اللحنية. لكن أيضاً المسلسل لم يعد يستهدف نفس الجمهور السابق، وتغيرت وظيفة أغنية الشارة، فمن غير الممكن الاستماع لجملة موسيقية طويلة كما في لحن شارة مسلسل "ناس كفر عسكر" من ألحان محمد علي سليمان التي تمتد لأكثر من دقيقة.
أما الواضح في السمات العامة، فهو أيضاً صوت الملحنين، إذ أتاحت أغنية الشارة تقديم نمط من الملحنين الأكثر جدية في بناء اللحن والموسيقى، وكما تشكلت تيارات مثل عمار الشريعي (وليس عمر خيرت). ربما كان جمال سلامة جيداً في بناء الجمل الغنائية، لكنه بائس في الأسلوب الموسيقي المتكئ على الكيبورد والأصوات النغمية الفجة.
ربما تلتقي أغاني الشارة اليوم في كثير من أسلوبها مع الأغنية الشائعة، وباختلاف تياراتها من بوب أو شعبي أو مهرجان. لكن أيضاً في التصوير الموسيقي في شارة مسلسل عادل إمام، من لحن ياسر حماد، سنلاحظ البناء الهارموني والأسلوب الرومانتيكي المستلهم من الموسيقى الروسية، لكنه أيضاً ليس بابتكار اللحن الأكثر غنائية وبساطة لرائعة الشريعي في مسلسل "رأفت الهجان"، وكأن ثيمة اللحن من النهاوند تستمد شجناً أو حنيناً يلتقي مع النمط الدرامي الذي يسرد حكاية تريد أن تكون ملحمية وبطابع مصري أيضاً، فاللحن أيضاً غاية في المصرية رغم الثوب المبهج للأوركسترا الشرقية وزخم الوتريات.
هل نقول إنه لا وجود لأغنية شارة حققت نجاحاً لافتاً، خلال السنوات الأخيرة؟ بالطبع لا، فأغنية "مشاعر" لشيرين أدت وظيفة درامية حاول ملحنها محمد رحيم الابتعاد عن السمة الشائعة لأغاني البوب، مع أنه أحد أكثر الملحنين نجاحاً. اتخذت "مشاعر" شكلاً غنائياً وكانت أحد أركان النجاح في مسلسل "حكاية حياة". الأغلب أن ملحني البوب الشهيرين سيلحنون بنمطهم الشائع. مثلاً، عمرو مصطفى سيلحن أحد أشكاله اللحنية. كذلك نلاحظ في لحني خالد عز لمدحت صالح وآمال ماهر في مسلسلين تذيعهما القنوات العربية في رمضان الجاري، لا يختلف عنه في تلحينه لألبوم بوب.
لكن المسافة التي كانت بين السوق وأغنية الشارة مع الملحنين الكبار، والأكثر إبداعاً في تاريخ الدراما، جعلتها منصة يلتقون فيها مع جمهورهم، لقاء لا تتوفر فرصه خارج الدراما. لذا صاغوا أغاني الشارات بحرفية عالية وإبداع أكثر.
دلالات
المساهمون
المزيد في منوعات