- تواجه ناكامورا حملة عنصرية وتهجم من اليمين المتطرف، بما في ذلك تظاهرات وانتقادات من شخصيات سياسية مثل إريك زمور وماريون ماريشال لوبين، مما يثير جدلاً حول تمثيلها لفرنسا.
- على الرغم من الانتقادات، تلقت دعماً من فنانين وسياسيين، لكن استطلاع للرأي يظهر أن 63% يرون تمثيلها لفرنسا فكرة سيئة. اختيار ماكرون لها يعكس شهرتها الواسعة وقدرتها على جذب جمهور عالمي.
حتى الأيام القليلة الماضية، كان اسم المغنّية آية ناكامورا مقترناً بأخبار في وسائل الإعلام الفرنسية تتحدّث عن نجاحاتها، ولا سيّما فوزها الشهر الماضي بجائزة فنانة العام في مهرجان فيكتوار دو لا موزيك، أو بأخبار أقلّ جدّية تهتمّ بتفاصيل حياتها الخاصّة.
لكنّ الأمور ستبدأ بالتغيّر انطلاقاً من التاسع والعشرين من فبراير/ شباط الماضي، وهو اليوم الذي نشرت فيه مجلّة ليكسبريس تقريراً كشفت فيه عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شخصياً بأن تشارك المغنّية الفرنسية المالية في حفل افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس الصيف المقبل، مقترحاً عليها، بحسب المجلّة، أن تؤدّي عملاً لأيقونة الغناء الفرنسية إديث بياف.
وعلى الرغم من عدم تأكيد هذه "المعلومة" من قبل القصر الرئاسي الفرنسي أو حتى من قبل الفنّانة (الأكيد، فحسب، أنها التقت ماكرون في منتصف الشهر الماضي)، فإن الفضاء الإعلامي الفرنسي، ولا سيّما اليميني منه، تعامل معها كخبر جدّي أو مؤكَّد، وراح المشاركون في "النقاشات" المتلفزة أو الإذاعية ينقسمون بين رافض للفكرة ومدافع عنها.
غير أنّ القضية سرعان ما خرجت من حيّز النقاش إلى حيّز التهجّم والعنصرية بعدما نشرت مجموعةٌ يمينية متطرّفة، السبت الماضي، صورة لتظاهرة لأعضائها رفعوا خلالها يافطة تقول: "مستحيل يا آية. هذه باريس، وليست سوق باماكو"، في ازدراءٍ لأصول الفنانة المولودة عام 1995 في العاصمة المالية، قبل أن تنتقل طفلةً مع عائلتها إلى فرنسا.
وشاركت المجموعة العنصرية، التي تحمل اسم Les natifs (أبناء البلد الأصليون)، الصورةَ في منشور على حسابها على موقع إكس، أعلنت فيه "إدانتها" لما سمّته "استبدال اللباقة الفرنسية بالابتذال، وجعل أغنياتنا الشعبية أغنياتٍ أفريقية، وطرد السكّان الأصليين مع تفضيل المهاجرين من أصول غير أوروبية". كلامٌ لم تنشغل به وسائل التواصل الاجتماعي فحسب، بل فتح الباب على حملة من الهجمات والشتائم التي استهدفت الفنانة، قبل أن تتلقّف القضية وجوهٌ من اليمين المتطرّف السياسي.
ففي اليوم التالي، وخلال اجتماع انتخابي مع مئات من جمهوره، خصّص السياسي والصحافي اليميني المتطرّف إريك زمور جزءاً من خطابه لانتقاد المغنّية، قائلاً إن "الأجنّة وهم في أرحام أمّهاتهم يحبّون الجَمال، لكنّهم لا يصوّتون للراب أو لرقصة اللمبادا البرازيلية أو لآية ناكامورا، بل يصوّتون لموزارت"، الذي أخذه مثلاً مضاداً لناكامورا، باعتباره سليلاً لـ"التفوّق الأوروبي"، بحسبه. ولم تتأخّر زميلته في حزب الاسترداد ماريون ماريشال لوبين بالمزايدة عليه، حيث قالت على إحدى الشاشات اليمينية إن ناكامورا "لا تغنّي بالفرنسية، ولا تمثّل اللغة الفرنسية".
وردّت آية ناكامورا على هذه الحملة بمنشور على حسابها في موقع إكس انتقدت فيه عنصرية مَن يهاجمونها وعدم إحساسهم بالموسيقى، قائلة إنها لا تدين لأحد بأي شيء. وتلقّت صاحبة ألبوم "دفتر مذكّرات" دعماً واسعاً من العديد من الفنّانين الفرنسيين والغربيين بشكل عام، وكذلك من وجوه سياسية يسارية أو أعضاء في الحكومة الفرنسية، مثل وزيرة الثقافة رشيدة داتي، ووزيرة الرياضة أميلي أوديا كاستيرا، أو عُمدة بايس آن إيدالغو.
لكنّ هذا الدعم لا يعني بالضرورة أن عموم الفرنسيين يوافقون على فكرة تمثيل الفنّانة فرنسا في حفل افتتاح الألعاب الأولمبية، إذا ما صدّقنا نتائج إحصائية لمركز أودوكسا قال 63 في المائة من المشاركين فيها إن تمثيل ناكامورا لفرنسا "فكرة سيئة"، في حين اعتقد 73 في المئة ممّن يعرفون الفنانة بأنهم "لا يحبّون أغانيها".
ولا يبدو اختيار ماكرون المحتمَل للفنانة الشابة قائماً على جودة اشتغالاتها الموسيقية، بل على شُهرتها والرغبة في استغلالها لـ"ملامسة" أكبر عدد من المتابعين خارج فرنسا، وخصوصاً أن آية ناكامورا تُعَدّ أكثر المغنين الفرانكوفونيين شهرةً على منصّات الاستماع والمشاهدة، إذ يفوق عدد مرات الاستماع إلى أغانيها في المنصّات الموسيقية الـ6 مليارات استماع، بحسب شركة إنتاجها، في حين يزيد الرقم على الـ3 مليارات في "يوتيوب"، مع العلم أن الفيديو كليب الرسمي لأغنيتها Djadja على "يوتيوب" حقّق، وحده، أكثر من 950 مليون مشاهدة منذ نشره قبل خمسة أعوام.