على مر العقود، عُرف عن المغنيات اللبنانيات تمتعهن بالأناقة. ومن دون شك، أسس عقد الستينيات من القرن الماضي لفنون الأزياء. وشهد لبنان ولا يزال ثورة من روّادها من أفضل مصصمي الأزياء الذين وصلت شهرتهم إلى العالم، ونذكر منهم بيار كترا، والأخوين شويتر، ورئيفة صالحة (مدام صالحة)، وحنا توما، ووليم خوري، وتوفيق حطب، وصولاً إلى جيل آخر أبحر بعيداً، ومنهم إيلي صعب، وزهير مراد، وفؤاد سركيس، وجورج حبيقة، ونيكولا جبران، وغيرهم.
بعد فترة الحرب اللبنانية، بدأت المنافسة الحقيقية لمجموعة من المغنيات في لبنان عرفن بالجيل الثاني بعد صباح وسميرة توفيق وسعاد محمد ونجاح سلام، فكانت ماجدة الرومي التي تميزت إطلالتها الأولى بتصاميم إيلي صعب الذي كان لا يزال في بداياته هو أيضاً، لتأخذ عنها نجوى كرم وترتدي أيضاً من مجموعة صعب في معظم حفلاتها التي شهدت انطلاقتها. امتازت خطوط الموضة يومها بالتصاميم الفضفاضة، أو "الكلوش"، وكانت ثقيلة في وزنها وتشبه أزياء الأميرات الأسطورية. واستعانت نجوى كرم في تلك الحقبة أيضاً بالمصمم وليم صعب.
ولم تبخل نوال الزغبي بعد احترافها في بداية التسعينيات بالغناء بأزياء جعلتها أيقونية في ملابسها، وذلك بدعم مباشر من المخرج اللبناني الراحل سيمون أسمر، باستغلال أسماء في عالم الموضة، لعل أبرزهم تعاونها بداية مع إيلي صعب، وبعده زهير مراد، وكذلك كانت بدايات نانسي عجرم في التعاون مع مراد ودور الأزياء العالمية، وكذلك استغلال المغنية السورية أصالة نصري لموهبة المصمم نيكولا جبران منذ بداياتها وبعد إقامتها في القاهرة، وكذلك فعلت هيفا وهبي التي ارتدت لوقت طويل من أزياء توفيق حطب، ونيكولا جبران، وغيرهما.
بعد جائحة كوفيد-19، يبدو أن الذائقة الخاصة بأزياء الفنانات اختلفت، إذ نلاحظ توجّه هؤلاء اليوم إلى عالم الألبسة الجاهزة أو التصاميم الهندسية التي لا تمت بصلة لخطوط الموضة التقليدية. والواضح أن المغنية نجوى كرم تتبنّى ذلك، إذ نالت انتقادات واسعة بعدما ارتدت مجموعة خاصة من الأزياء من دور لمصممين مختلفين في مهرجانات وحفلات أقيمت في الرياض ودبي، وحتى في الولايات المتحدة الأميركية. تحاول كرم التحايل على الوقت والتاريخ، وتريد أن تماشي العصر بمثل هذه الإطلالات، الأمر الذي يبعدها عن إجماع الجمهور حول أناقتها التي اعتبرت لسنوات مثالاً، فيما تحافظ زميلتها نوال الزغبي على مظهر محدود يراعي تاريخها في الأناقة، سواء لجهة الإطلالات والمقابلات التلفزيونية، أو مشاركتها في المهرجانات والحفلات، حتى أنها فازت أخيراً بجائزة المغنية الأكثر أناقة في فعالية أقيمت في دبي.
تحاول مغنيات لبنان الخروج عن التقليد مراعاةً للتغييرات التي طرأت على العالم بعد الوباء واختلاف التوجه، وهو أمر يبقي على التباين بين صفوف جمهور أكثريته معارضة لهذا التغيير في عصر الذكاء الاصطناعي، ولا يمكن أن تتفاعل معه إلا للحظات أو ساعات الحفل فقط، ما يجبر المتابع على السؤال: هل هذه هي الموضة حقيقةً؟