- تعتبر المقاومة جزءاً أساسياً من مشروعها الفني والإنساني منذ الثمانينيات، مؤكدة على أهمية الفن الملتزم في تقديم الفرح والأمل ورفض الظلم والعنف، مفضلة الرسائل ذات المعنى على المردود المالي.
- تتمتع بشعبية كبيرة في العالم العربي، خصوصاً في تونس، وتشارك بنشاط في المهرجانات العربية، مستمرة في تقديم أغاني جديدة بالتعاون مع زياد الأحمدية لمواجهة التحديات الراهنة ونشر الإلهام.
لا تكلّ الفنانة اللبنانية أميمة الخليل ولا تملّ، هي كتلة حيوية ونشاط تتنقل بخفة فراشة من حفلها الأخير في تونس لتحطّ في مسرح مترو المدينة في بيروت، ومن بعدها تطير إلى قصر دبانة التراثي في مدينة صيدا، جنوبي لبنان. هناك تحت أزيز المسيّرات الإسرائيلية التي لا تغيب من الجو، تحيي المغنية حفلتها برفقة هاني السبليني، حاملةً ذاكرة الأمة والبلد في حقيبة العود وفي حنجرتها الذهبية، وتغنّي لأهل الجنوب الصامدين بأن قضيتهم قضية حق، معلنةً أن ريع الحفل، كمعظم حفلاتها أخيراً، سيذهب إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
في هذه الظروف التقت "العربي الجديد" أميمة الخليل الفنانة التي تعتبر المقاومة جزءاً لا يتجزأ من مشروعها الفني والإنساني، منذ أن بدأت مسيرتها الفنية خلال سنوات الحرب الأهلية اللبنانية، مع الفنان مارسيل خليفة، في ثمانينيات القرن الماضي.
خلال تلك الفترة الصعبة، وما تلاها من أزمات وحروب وصراعات محلية وخارجية، بقيت المغنية ثابتةً في تمسكها بالقيم التي تناصر قضايا الإنسان، إذ إنّ "إنسانيتنا مهشمة وآدميتنا بائسة"، حسب قولها، مضيفةً: "أتمسك بما أملكه في وجداني منذ أن كنت طفلة، لم أتبدل تبعاً لحالةٍ للموضة أو انصياعاً لخيار يكون جسر عبور للناس نقطعه عند الانتهاء منه. هكذا كنت على حقيقتي حين وضعت صوتي على قصيدة مروان مخول في ارتجالات حية، وقد ساعدنا في ذلك هاني السبليني، تعبيراً عن رفض آلة القتل في غزة والجنوب اللبناني".
لطالما حظيت الخليل بحفاوة بالغة بين الجمهور التونسي، وكان آخر ظهور لها في فعاليات الدورة الأربعين من مهرجان المدينة في تونس، خلال شهر مارس/ آذار الماضي. عبّرت المغنية عن حبّها لتونس، مشيرةً إلى أنها "قصة حب قديمة جداً"، خاصةً أن الجمهور التونسي أشبه "بكورال شعبي كبير يردد ويحفظ الأغاني فأشعر بأن ما زرعناه في تونس خصوصاً والمغرب العربي عموماً لم يذهب سدى". تابعت: "أحب تونس وألبي دعواتها رغم ضآلة العائد المادي لكي أردّ لهم هذا الحبّ. فمع مشاركتي في مهرجانات قرطاج وصفاقس والحمامات وسوسة ازداد حبي وتعلقي بالجمهور الذواق الذي غمرني بالحب، حتّى أن بعضهم كانوا يطلقون اسم أميمة على بناتهم".
وردّاً على سؤال حول دور الفن في بثّ الأمل بين الناس، رأت الخليل أن "للفن الملتزم والمشغول بطريقة تحترم الجمهور، دوراً مهماً في تنقية العقول وتقديم الفرح والأمل مقابل الفن الذي يروّج للإسفاف، أو الذي لا يهدف سوى لملء الجيوب". كذلك، لفتت إلى أنّ "محركها لاختيار الأغاني لا ينبع من المردود المالي، بل الرغبة في تقديم رسالة تصب في خدمة الإنسان والسياسة والحياة والمجتمع".
منذ نهاية العام 2022، بدأت أميمة الخليل تجربة فنية جديدة، برفقة العازف والموسيقي زياد الأحمدية، انطلقت بحفلٍ موسيقي، بالتعاون مع وزارة الثقافة، في المتحف الوطني، قبل أن ينتقلا إلى مناطق لبنانية مختلفة. وصفت المغنية رحلتها مع الأحمدية بأنّها "جميلة وجديدة"، فعلى الرغم من الإمكانات الضئيلة التي لا تسمح باستعمال الأوركسترا، لجأ الثنائي إلى صوت أميمة وعود زياد ليعيدا تقديم أغنيات من ريبيرتوار الخليل.
لاحقاً، عملا على ضمّ أغانٍ جديدة، لحنّها الأحمدية، مثل "لما العتمة" "وصيف وشتي"، وصارا يجولان بها على المناطق اللبنانية المختلفة من صيدا إلى طرابلس وصولاً إلى الباروك، في تشابه، وفقاً للمغنية، مع الجولات التي كانت تقوم بها مع مارسيل خليفة وفرقة الميادين في الماضي. أمّا اليوم، فتواصل أميمة الخليل العمل مع زوجها الملحن والموسيقي هاني السبيليني على إنجاز أغانٍ جديدة، كان آخرها "سلامات" للشاعر جرمانوس جرمانوس، والتي قدّمت لأوّل مرة في حفل صيدا، نهاية مارس الماضي.
الانهماك بالعمل في حالة المغنية اللبنانية محاولةٌ لإيجاد أجوبةٍ عن مرحلةٍ مرعبة بتاريخنا خلال السنوات الأخيرة، "في ظلّ الموت الذي يضعنا بحالة قلق دائمة، خاصة في غزة وجنوب لبنان وكل بقعة فيها ظلم ووحشية في هذا العالم"، بحسب الخليل.