إمينيم... رسالة وداع كتبها رجل عصابة إلى ابنته

21 يوليو 2024
ينعى المغني شخصية متخيلة بديلة (آرون جيه ثورنتون / Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أطلق إمينيم ألبومه الجديد "The Death of Slim Shady"، الذي يمثل الألبوم الاستوديو رقم 12 في مسيرته، وينعى شخصية "سليم شيدي" التي قدمها لأول مرة في 1999.
- الألبوم يتناول مواضيع الموت والبعث، ويعكس أفول جيل إمينيم الموسيقي (جيل X) وصعود جيل Z، مع استضافة موسيقيين شباب.
- يتميز الألبوم بتنوع موسيقي كبير، ويضم تعاونات مع فنانين من الجيل الجديد مثل JID وEz Mil، وينتهي بأغنية شاعرية تعكس ندم رجل عصابات يناجي ابنته.

أطلق مغني الراب الأميركي إمينيم (51 عاماً) ألبومه المسجل ضمن استوديو رقم 12، واختار له عنوان The Death of Slim Shady. المنعيّ هنا الشخصية المتخيّلة البديلة (Alter Ego)، التي قدم بها إمينيم نفسه من خلال ألبومه The Slim Shady LP سنة 1999، وإليه يعود الفضل في إطلاق مسيرته الفنية، إلى أن مضى عليها اليوم 25 سنة.

بنعيه شيدي، وإن بسردية من حلقات تُعرض في تراكات الألبوم الـ19، تشهد موتاً وبعثاً ثم موتاً من جديد، إنما يُسقط إمينيم موضوعة الموت، ليس فقط على أفوله بصفته موسيقيّ راب، سطع نجمه منتصف القرنين العشرين والحادي والعشرين، وإنما أيضاً أفول جيله، المُسمّى X، مقابل صعود جيل موسيقي جديد، جيل Z، بات يعتمد شكلاً فنياً مختلفاً، ويتبنى فكراً وخطاباً سياسياً واجتماعياً وثقافياً مغايراً، وذلك مع سعيه في الوقت نفسه، بحكمة الفنان الجماهيري المخضرم، من خلال استضافة موسيقيين يمثّلون جيل الشباب، إلى عدم الوقوف عند عتبة المواجهة النقدية إزاء الصراع الجيلي، بل تجاوزها عبر احتضان التغيير، أو على الأقل، التسليم به.

ظلمة حالكة وهطل مطر، تتخللها بصقة خليعة تضع الأغنية الأولى في حال تنافر مع عنوانها، Renaissance، وتناغم مع مضمونها السوداوي، فيما يُنظم الراب على نبض ثابت، ترافقه جوقة كنسية قروسطية.

تتصل الأغنية الثانية المعنونة Habbits بسابقتها لجهة المشهدية الظلامية التي تذكّر بأفلام الجريمة (Film Noir)، فيما تستمر ثيمة التناقض ما بين الراب في المقدمة وموسيقى العصور الوسطى في الخلفية، هذه المرة باستحضار الوتريات، لتُضيف لمسة شاعرية.

يتباطأ الإيقاع الناظم للراب في الأغنية الثالثة Trouble بينما تستمر أجواء الجريمة، تتخللها إيحاءات سياسية معاصرة كذكر مصطلح "الإلغاء" (Cancel). شكلياً، تُستدعى وسائل الهيب هوب الكلاسيكية في تركيب الموسيقى المصاحبة، مثل خدش أسطوانة التسجيل (Record Scratching).

تتداخل معها الأغنية التالية المسمّاة Brand New Dance. بدخولها، سيتغيّر المزاج العام، لتُخرجه من القتل والتعذيب إلى السمر والرقص. أما الموسيقى فتُذكّر في راب تسعينيات القرن الماضي المعروف بمصطلح "بوب راب" (Pop Rap) حيث تُسمع أصداء فرق أيقونية مثل MC Hammer.

إلا أن الفاصلة الراقصة لم تدم سوى مدة أغنية واحدة، لتعود مع التراك السادس، المعنون Evil. أصوات البنادق الآلية ومشاهد حرب العصابات في الأحياء الموبوءة بالعنف والمخدرات. بغية شحن المشهدية الصوتية بكمون درامي، تضاف الانسجامات الهارمونية إلى الخلفية، تؤديها مرات تشكيلات الوتريات.

لن يتجاوز التراك السابع المعنون All You Got مدة 25 دقيقة، الذي يُعرف في إنتاج الراب بمصطلح "مشهد هزلي" (Skit)، وهي فاصلة درامية غير غنائية متناهية القصر، ذات طابع ترفيهي.

تبدأ الأغنية الثامنة المعنونة Lucifer بذكر تعبير "رصاصة الرحمة" (Coup de grâce) ليتخذ النص المغنّى على إيقاع ثقيل مساراً سياسياً مباشراً. يتحدث إمينيم بصحبة سلاي بايبر، عن ثقافة الإلغاء التي باتت تعكّر صفو حرية التعبير في الديمقراطيات الغربية.

تدوي صفارات سيارات الشرطة في خلفية التراك التاسع Antichrist، في حين يتخذ الراب الشكل المعروف تقنياً بمصطلح "الراب أحادي النبرة" (Monotone Rap) الذي يتصف بالثبات والتكرار على النسق ذاته والنبرة ذاتها. 

يشكّل التراك العاشر، Fuel، والمسجل بالاشتراك مع فنان الراب الشاب المعروف باسم JID، تقرّباً إلى نمط الهيب الهوب الشائع في الوقت الراهن والقادم من الساحل الأميركي الغربي، المسمى "تراب" (Trap).

في التراك الحادي عشر المعنون Road Rage، وبصحبة شريكين هذه المرة، هما الموسيقيان ديم جوينتس وسلاي بيبر، يسترجعان معاً لون التسعينيات لجهة كلٍّ من التصميم الموسيقي والأسلوب الإلقائي، في حوار ذاتي، يُشير إلى واقع الإنترنت المسموم تارةً، وتارةً يلعب لفظياً على المسمّيات المشحونة سياسياً، في تناوله لكل من مسمى "العابر جنسياً" (Transgender) و"المتسامي" (Transcender).

يشير التراك الـ12 المسمَّى Houdini، نسبة إلى الساحر الأسطوري، إلى إعادة بعث الشخصية سلِم شيدي من الموت، معتمداً لون البوب راب الخفيف، المصوغ على تراكيب نغمية مرحة، ترتبط بأجواء أفلام الرعب المخصصة للصغار. ثمة فاصلة تمثيلية صوتية من مشهد هزلي آخر، بعنوان Breaking News، تتحدث بسخرية سياسية عن نبأ إصدار إمينيم ألبوماً جديداً يقوم من خلاله بـ"إلغاء ذاته". يعود بعدها التراك الـ13 المعنون Guilty Conscience بالمستمع إلى أجواء الجريمة الحالكة، مصاحبةً بترانيم جوقية قروسطية.

ضيف جديد يحل على الألبوم، يُمثل الجيل الجديد، هو فنان الراب الفيليبيني الأميركي Ez Mil. يُضيف الأخير من خلال الأغنية الـ14 والمعنونة Head Honcho مزيداً من روح التراب منظوماً في بعض مقاطعه بلغة بلده المنشأ. 

كأن بأغنية Temporary، التراك الـ15، تتحدث عن الحياة بصفتها حالاً عابرة، خصوصاً تلك التي يقضيها المرء في ظلال الجريمة، إذ قد يلقى حتفه في أيّ لحظة. توحي الكلمات، التي يؤديها إلى جانب إمينيم، سكايلر غري، بأنها رسالة وداع كتبها رجل عصابة إلى ابنته، تحسّباً لمقتله. 

تمثّل Bad One، بالتعاون مع الموسيقي وايت غولد، مثالاً على أغنية الراب الكلاسيكية. فيها، تتمحور جميع العناصر الموسيقية حول النص المتلو، بالارتكاز على إيقاع ثابت يتبادل الأدوار مع كوبليه لحني غنائي.
  
أما الأغنية الـ17، بعنوان "توبي"، فيُقدمها ثلاثي إمينيم والموسيقيان بيغ سين وبيبي ترون، فتتميز بنسق لحني من نغمات ثمان. نسق متكرر ومتصاعد مدعوم بمؤثرات تؤديها آلة السنثسايزر، يساهم في تسخين درامي لإلقاء الراب.

ثمة فاصلة تمثيلية ترفيهية أخيرة، تفصل الألبوم عن ختامه بأغنية شاعرية تحت عنوان Somebody Save Me، تستعيد سردية تخيلية لرجل العصابات يناجي ابنته إثر مقتله، يرجو منها المغفرة مبدياً الندم على قضاء حياته في الجريمة. في حين يزيد غناء البلوز الحزين في الخلفية من السمة الإنسانية والطابع الوجداني.

المساهمون