استمع إلى الملخص
- **أوضاع الصحافيين المصريين**: كشف نقيب الصحافيين أن أكثر من ألف صحافي عاطلون عن العمل، وغالبية الصحافيين يعملون بأجور أقل من الحد الأدنى، مع وجود 45 صحافياً في السجون حالياً.
- **ردود الفعل على رعاية الشركة**: رفضت حركة صحافيات مصريات رعاية الشركة للحفل، معتبرة أنها تؤثر على استقلالية النقابة، بينما أشاد بعض أعضاء مجلس النقابة بالعلاقة بين النقابة والشركة.
انتقد صحافيون مصريون رعاية شركة المتحدة للخدمات الإعلامية، المملوكة للدولة، حفل جوائز النقابة الذي أقيم في التاسع من يوليو/ تموز الحالي، باعتبارها "المتهم الرئيس في الهيمنة على قطاعات الصحافة والإعلام في مصر واحتكار منافذه، عبر تملكها لأكثر من 90% من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة"، وبالتالي فهي مسؤولة عن "خفض سقف الحريات الإعلامية والصحافية، وفرض سياسة الصوت الواحد في الإعلام، وتحويل الصحافة والإعلام إلى منابر لنشر بيانات الحكومة". صحافيون آخرون رأوا أن الأصل أن تكون نقابة الصحافيين مستقلة، وأن رعاية شركة المتحدة للخدمات الإعلامية لحفل جوائزها يهدّد استقلاليتها ويقوّض دور الصحافيين في ممارسة دورهم الحقيقي في الكشف والرقابة على الأداء والممارسات الحكومية.
كانت نقابة الصحافيين المصريين قد أعلنت، قبل أسابيع، عن تنظيم احتفالية جوائز الصحافة المصرية برعاية شركة المتحدة للخدمات الإعلامية. تتضمّن الاحتفالية تكريم الفائزين في المسابقة، بالإضافة إلى الجائزة التقديرية وجائزة حرية الصحافة، في احتفالية تقام تحت رعاية رئيس الوزراء مصطفى مدبولي. وأعلن لاحقاً نقيب الصحافيين المصريين، خالد البلشي، رفع قيمة الجوائز الصحافية من 15 إلى 50 ألف جنيه (من نحو 300 إلى ألف دولار أميركي) بدعم شركة المتحدة للخدمات الإعلامي.
البلشي كان قد اعترف قبل أيام من تنظيم الاحتفالية بأن أكثر من ألف صحافي، يمثلون بين 10 إلى 15% من إجمالي الصحافيين المصريين، عاطلون عن العمل. وكشف أن غالبية الصحافيين يعملون بمقابل أقل من الحدّ الأدنى للأجور، وأكد أن النقابة في سعيها لإقرار الحد الأدنى تدرك أن الكثير من الصحافيين لا يحصلون عليه بسبب علاقات العمل المختلّة وغير المتوازنة.
وتساءل البعض عمّ وراء تلك الرعاية الأولى من نوعها، في وقت تعاني فيه الصحافة المصرية من تشويه دورها وتشريد مئات الصحافيين وحجب المواقع المستقلة الخاصة وحبس عشرات الصحافيين والإعلاميين بسبب مواقفهم المعارضة أو في قضايا نشر وحريات.
وكان المرصد العربي لحرية الإعلام قد كشف، مطلع العام الحالي، أنه خلال السنوات الماضية مرّ أكثر من 300 صحافي مصري بتجربة السجون، سواء عبر قضاء أحكام بالحبس، أو عبر قرارات حبس احتياطي تفاوتت مُدَدها. ولا يزال في السجون حالياً 45 صحافياً، أنهى الكثيرون منهم مدَد الحبس الاحتياطي القانونية (سنتين)، لكن السلطات الأمنية أعادت تدويرهم على ذمة اتهامات جديدة من داخل محابسهم. قضى بعضهم نحو عشر سنوات في الحبس الاحتياطي من دون توجيه اتهامات أو إحالة إلى القضاء.
ومصر في أدنى قائمة مؤشر حرية الصحافة الذي تعدّه منظمة مراسلون بلا حدود، إذ احتلت هذا العام المرتبة 170 من أصل 180 دولة، وهي "من أكبر السجون في العالم للصحافيين، وأضحت بعيدة عن آمال الحرية التي حملتها ثورة 2011".
آخرون ذكّروا بفترات مرّت فيها الصحافة المصرية، حين توحّدت العناوين الرئيسية في الصحف القومية والحزبية والخاصة، وكذلك التناول الإعلامي لبعض القضايا عبر الشاشات، في ما عرف بـ"إعلام السامسونغ"، نسبة إلى عبارة "تم الإرسال من جهاز سامسونغ"، كانت في ختام بيان رسمي قرأته مذيعة على الهواء مباشرة، موجه من السلطات إلى رؤساء تحرير الصحف والقنوات.
وربط البعض بين رعاية الشركة لحفل النقابة وما تتعرض له الصحافة والإعلام من جملة انتهاكات، في تحدٍّ واضح للدستور المصري الذي كفل حرية تدفق المعلومات في المادة 68، وكفل حرية الصحافة في المادة 70، ومنع الحبس في قضايا النشر والعلانية في المادة 71.
وحتى الآن، فإن حركة صحافيات مصريات هي الوحيدة التي أعلنت صراحة موقفها الرافض لتلك الرعاية. وقالت الحركة في بيان لها نشرته عبر حسابها الخاص على موقع فيسبوك: "نستنكر بشدة أن ترعى شركة المتحدة، المملوكة لأجهزة وكيانات الدولة، حفل النقابة، ما قد يؤثر على استقلالية النقابة ودورها في حماية أعضائها من الصحافيين، من بينهم آلاف الصحافيين العاملين في المواقع والصحف التي استحوذت عليها".
كذلك تساءلت الحركة عن سبب حضور وجوه سياسية تابعة للسلطة، ليس من بينهم صحافيون، لحفل يخص الصحافة والصحافيين، "فإن كان هناك مبرر لحضور وزيرة البيئة أثناء تسليم جوائز الصحافة البيئية، فما مبرر حضور وتكريم مسؤولين حاليين وسابقين بالدولة".
وتابعت الحركة: "نعي جيداً أنّ دور النقابة هو الدفاع عن مصالح عضواتها وأعضائها، وأن هذا الدور يقتضي، ضمن أدواته، التفاوض مع السلطة الموجودة على رأس الدولة، وأن النقابة جزء من هذه الدولة، لكننا نؤكد أن هذا يجب أن يتم في إطار الفصل بين السلطات وضمان الاستقلالية وتجنب خلط الأمور". وأضافت: "إننا نقدر ونثمن بكل تأكيد الظروف الإنسانية الصعبة التي تتواتر ولا تتوقف لكل صحافيي مصر، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المهنة، ونقدر كل تبرع مادي يأتي في لحظة صعبة، لكن هذا لا يعني بالتأكيد الخلط بين المساحات، بل ويدعونا إلى إعادة التذكير بضرورة تفعيل توصية الجمعية العمومية لعام 2019 بإنشاء صندوق الطوارئ ورعاية الحالات الخاصة، كي لا تحمل النقابة نفسها أي حسابات أو توازنات تضر بموقفها وموقعها كمدافع عن حرية وحقوق الصحافيين ومهنتهم".
تعرّف شركة المتحدة للخدمات الإعلامية عن نفسها، عبر موقعها الرسمي، بأنها واحد من أكبر الكيانات الإعلامية في المنطقة العربية، فهي تمتلك أكثر من 40 شركة رائدة في مختلف المجالات الإعلامية تتنوّع ما بين إعلام مرئي، وإعلام مسموع، وإعلام مطبوع، وإعلام إلكتروني، وإنتاج درامي، ودعاية وإعلان، وخدمات إعلانية مباشرة وغير مباشرة وأيضا خدمات الحقوق الرياضية وتسويقها.
بينما في الواقع، فإن الشركة المملوكة لجهاز المخابرات المصرية هيمنت على سوق الإعلام الخاص، بالإضافة إلى الإنتاج الدرامي، منذ تأسيسها في مايو/ أيار 2016.
ووسط الاعتراضات التي وجِدت في ساحات مواقع التواصل الاجتماعي والمجموعات الخاصة بالصحافيين متسعاً لها، خرج بعض أعضاء مجلس النقابة، في تصريحات إعلامية، يشيدون بالحفل والرعاية. فقال الكاتب الصحافي حسين الزناتي، وكيل نقابة الصحافيين، إن "العلاقة بين النقابة والشركة المتحدة تساهم في بناء وعي المواطن، وإن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية ونقابة الصحافيين مؤسستان كبيرتان وطنيتان تقومان على بناء الوعي لدى الشعب المصري وبناء الإنسان المصري، وإن ما تقوم به الشركة المتحدة ونقابة الصحافيين لخدمة الإعلام والصحافة المصرية هو دور مهم جداً في مرحلة حرجة جداً لهذا الوطن الذي يواجه الكثير من المخاطر".