استمع إلى الملخص
- المعرض يعرض 600 قطعة تؤرخ للأحداث البارزة والنضالات مثل المساواة بين الجنسين ومكافحة العنصرية، مع التركيز على التوترات السياسية مثل الحرب الباردة.
- يبرز دور الألعاب الأولمبية كمنصة للتغيير الاجتماعي والسياسي، مسلطًا الضوء على شخصيات رياضية أصبحت رموزًا للنضال ضد العنصرية والتمييز، وتوسيع قيم الألعاب لتشمل الرياضيين ذوي الإعاقة ونضالات المرأة.
تنظم فرنسا هذا العام دورة الألعاب الأولمبية الصيفية للمرة الثالثة في تاريخها، إذ نظمتها عام 1900، ثم عام 1924، أي قبل 100 عام. احتفالاً بهذه المناسبة، تستضيف باريس معرضاً يستكشف التقاطعات بين الألعاب الأولمبية والأزمات والصراعات التي شكّلت عالمنا المعاصر. يقام المعرض تحت عنوان "الألعاب الأولمبية وتاريخ العالم"، ويستمر حتى الثامن من سبتمبر/أيلول المقبل في قصر الباب دوريه، وهو أحد القصور التاريخية في العاصمة الفرنسية. يُسلط المعرض الضوء على أكثر من 130 عاماً من التغيرات الجيوسياسية والاجتماعية والثقافية التي واكبت الألعاب الأولمبية، بدءاً من أول دورة أولمبية حديثة في أثينا عام 1896، وحتى دورة باريس التي ستُقام هذا العام، مروراً بالدورات الثلاث التي أُلغيت بسبب الحربين العالميتين الأولى والثانية.
يضمّ المعرض ما يقرب من 600 قطعة من المعروضات، بينها أعمال فنية، ووثائق، وأفلام أرشيفية، ومقالات صحافية، وصور فوتوغرافية. تؤرخ كل هذه المواد البصرية للعديد من الأحداث التي ساهمت بالفعل في تشكيل عالمنا، وكان لها انعكاس مُباشر على هذا المحفل الدولي الكبير، كالنضال من أجل المساواة بين الجنسين، والكفاح من أجل القضاء على العنصرية والتمييز بجميع أشكاله. تؤرخ الصور أيضاً للتوترات السياسية الفارقة التي خيمت على بعض الدورات. يضم المعرض أقساماً عدة مرتبة زمنياً، يغطي كل منها فترة تاريخية محددة، كبداية الألعاب الأولمبية الحديثة، والحرب الباردة، وبداية عصر تعدد الأقطاب.
باعتبارها الحدث الرياضي الدولي الأكثر شهرة على مستوى العالم، استُخدمت الألعاب الأولمبية في كثير من الأحيان لتعزيز الأجندات السياسية على الساحة الدولية. يركز جانب من المعرض على بعض هذه اللحظات الحاسمة والاستثنائية. من بين الأحداث الفارقة التي يشير إليها، يأتي توظيف هتلر الألعاب الأولمبية في الدعاية النازية خلال دورة عام 1936. يسلّط المعرض الضوء، أيضاً، على المقاطعة الأفريقية الواسعة لأولمبياد مونتريال عام 1976، احتجاجاً على سياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، والاستعراض المذهل لقوة الصين الاقتصادية في دورة الألعاب الأولمبية في بكين عام 2008.
في سنوات الكفاح ضد سياسات التمييز العنصري، مثّلت الألعاب الأولمبية أيضاً مساحة نادرة وواضحة للغاية، استطاع فيها ضحايا التمييز التعبير عن أنفسهم وإسماع أصواتهم. ويسلّط جانب من المعرض الضوء على الألعاب الأولمبية، باعتبارها ساحة للنضال الاجتماعي، ومرآة للتغيرات المجتمعية الأوسع، كالنضال من أجل الحريات، وإنهاء التمييز العنصري، والمساواة بين الجنسين. كما يُظهر المعرض كيف توسعت هذه القيمة التنافسية التي تمثلها هذه الألعاب مع الوقت، لتشمل الرياضيين ذوي الإعاقة عام 1960. كما يسلط المعرض الضوء على نضالات المرأة، وحضورها البارز في هذه الألعاب منذ عشرينيات القرن الماضي.
في هذا السياق، يؤرخ العرض البصري للعديد من الشخصيات الرياضية التي تحولت إلى أيقونات للنضال، ومن بينها على سبيل المثال العداء الأميركي جيسي أوينز، الذي فاز بأربع ميداليات ذهبية في أولمبياد برلين 1936. واعتبر فوز أوينز، ذي الأصول الأفريقية في هذه الدورة، سُخرية من الأنظمة التي تؤمن بالتفوق العرقي للجنس الأبيض، كما تحوّل اللاعب إلى أيقونة لنضال السود في الولايات المتحدة.
بين صور الأبطال الرياضيين التي يضمها المعرض، كذلك يبرز المُهاجر الجزائري أحمد بوقرة الوافي، الفائز بسباق الماراثون لفرنسا في دورة أمستردام عام 1928، وهو أول مُهاجر من شمال أفريقيا يمثل فرنسا في الأولمبياد. تُتيح الاستعادة البصرية لسيرة البطل الجزائري التفكير في طبيعة الهجرة، والإرث الاستعماري، والنظرة الاستعلائية للأقليات. في هذه الدورة التي شارك فيها الوافي، أنقذ العداء الجزائري البعثة الفرنسية من العودة خالية الوفاض، إذ كان صاحب الميدالية الذهبية الوحيدة لفرنسا في تلك الدورة. وعلى الرغم من هذا الإنجاز الذي حققه الوافي، فإنه لم يُقدَّر في فرنسا كما يجب، وتوارت سيرته مع الوقت حتى اعتزل الرياضة، وافتتح مقهى في أحد أحياء باريس، ثم مات مقتولاً في ظروف غامضة عام 1959.