استمع إلى الملخص
- تأثير السياسة ملحوظ، حيث أن الوضع السياسي الحالي في فرنسا ونتائج الانتخابات المقبلة سيحددان مصير مشروع القانون، مع إمكانية خصخصة جزء من الإعلام إذا فاز اليمين المتطرف.
- خصخصة الإعلام الفرنسي الرسمي تعتبر خطوة محتملة مع تزايد شعبية اليمين المتطرف، مما يثير قلقًا بشأن مستقبل الإعلام الرسمي وتأثيرات سلبية محتملة على الإعلام الخاص بسبب المنافسة في سوق الإعلانات.
يتلقّى الإعلام الفرنسي الرسمي صدماته الواحدة تلو الأخرى بسرعة تتناسب مع تسارع الأحداث السياسية في البلد، وكان آخرها الخطط التي تستهدف إطلاق مشاريع إصلاحية في القطاع، من قبل جهات سياسية مختلفة.
في الأشهر الأخيرة، انشغل المشهد الإعلامي الفرنسي بمشروع قانون إصلاح الإعلام الرسمي، الذي تقدّمت به وزيرة الثقافة رشيدة داتي إلى المجلس النيابي، وكان الجميع بانتظار البتّ بأمره. هدف مشروع القانون هو دمج المؤسسات الإعلامية الرسمية في هيئة بثّ موحّدة، ممّا أثار مخاوف الكثيرين من تهديده لحرية التعبير وحياديّة الخطّ التحريري لهذه المؤسسات، وتأثّر التمويل، وبالتالي خفض عدد العاملين.
لكن، وبعد قرار رئيس الجمهورية الفرنسي، إيمانويل ماكرون، حلّ المجلس النيابي والدعوة إلى انتخابات نيابية في نهاية يونيو/ حزيران الحالي، لم يعد مشروع القانون في إطار البحث أو المُمكن في الوقت الحالي. مع ذلك، من المرجح أن يعود المشروع إلى الضوء في حال نجاح ماكرون في الحصول على الأكثرية في المجلس النيابي. أمّا إذا كانت الحصة الكبرى من نصيب اليسار، فمن المؤكّد أن رحلة القانون ستتوقف عند هذا الحدّ، لأن اليسار عبّر عن رفضه التامّ له.
لكن الاحتمال الأسوأ للقطاع يكمن في فوز اليمين المتطرف بالانتخابات وحصوله على الأكثرية النيابية، وبالتالي ترؤس الحكومة. لن يكون مصير الإعلام الفرنسي الرسمي في منأى عن هذا التحوّل المفصلي في تاريخ الجمهورية، إذ يحمل اليمين المتطرّف مفاجأته الخاصة لهذا القطاع: خصخصة جزءٍ منه.
خصخصة الإعلام الفرنسي الرسمي مشروعٌ متجدّد
ومنذ صدور نتائج الانتخابات الأوروبية، التي عكست توسّع شعبية اليمين المتطرّف عبر حصول حزب الجبهة الوطنية على أكثر من 31% من الأصوات الناخبة، عاد الحديث عن مشروع خصخصة جزء من الإعلام الفرنسي الرسمي إلى التداول.
وكانت مرشحة حزب الجبهة الوطنية، مارين لوبان، إلى الانتخابات الرئاسية الفرنسية 2022، قد ضمّنت خصخصة الإعلام الفرنسي الرسمي المرئي والمسموع في مشروعها الانتخابي. كما دعا زميلها السابق إيريك زيمور إلى تطبيق الأفكار نفسها مراراً، إذ لا يجد اليمين المتطرّف سبباً يستدعي تمويل الدولة قطاعاً إعلاميّاً متكاملاً.
وبمجرّد صدور نتائج الانتخابات الأخيرة، أثار النائب في حزب الجبهة الوطنية، سيبستيان شينو، قضية خصخصة الإعلام في مقابلة صحافية، مشيراً إلى أنه وزملاءه "سيجدون حلولا للميزانيّات الكارثيّة التي فرضها ماكرون، ترضي الشعب الفرنسي". كما لفت إلى أنّه بمجرد وصولهم إلى الحكم، سيتّخذون قرارات سريعة تتعلق بخصخصة إذاعة فرنسا الرسمية وشبكة التلفزيونات الفرنسية الرسمية، ممّا سيوفر ثلاثة مليارات يورو.
وكان مشروع ضمّ مؤسسات الإعلام الرسمي، الذي اقترحته وزيرة الثقافة رشيدة داتي، قد واجه موجة من الاعتراضات والنقد والتظاهرات النقابية رفضاً لتمريره، وبالتالي من المتوقع أن يواجه مشروع خصخصة القطاع برمته اعتراضاً أكثر شراسة.
وستؤدي خصخصة الإعلام الفرنسي الرسمي إلى تمدد رجال الأعمال المستثمرين في أغلب المؤسسات الإعلامية الخاصة، مثل فانسون بولوري ورودولف سعادة وغيرهما، وهذا يعني تحوّل جزء من المؤسسات الإعلامية الرسمية من خطوطها التحريريّة الحالية إلى أخرى ساعية لخدمة مصالح مالكيها، عدا عن العداوة الحالية القائمة ما بين اليمين المتطرّف وبعض المؤسسات الإعلامية الرسمية.
وكان من أوّل آثار عودة الحديث عن الخصخصة، وما يُخبئه اليمين المتطرّف للإعلام الرسمي الفرنسي، انخفاض أسهم كل من قناة فرنسا الأولى (تي إف 1) ومجموعة إم 6 في البورصة، بنسبة 6,95% للأولى، و3,12% للثانية.
وأشارت صحيفة لو فيغارو الفرنسية إلى أنّ الخصخصة سيكون لها أثر سلبي على الإعلام الخاص، لأنها سترفع من احتمالات المنافسة في سوق الإعلانات، خاصةً أن هذه الأخيرة لن تتمكّن من استيعاب وصول قنوات جديدة إلى السوق، وقد تكون عائقاً مركزياً أمام خصخصة القطاع برمته.