أعلنت الصين، أمس الأربعاء، تخفيف القيود المرتبطة بجائحة كوفيد-19 على نطاق واسع، وأكدت أن بعض الإصابات يمكن أن تخضع لتدابير عزل في المنزل، كما خفضت شروط إجراء فحوص بي سي آر. وبموجب الإرشادات الجديدة، يمكن لبعض المصابين الذين لا تبدو عليهم عوارض، أو مع عوارض طفيفة، الخضوع للعزل المنزلي، ما يضع حداً لشرط عزل جميع المصابين في منشآت حكومية.
كما ستحد من وتيرة ونطاق فحوص بي سي آر. وستقتصر الفحوص الجماعية الإلزامية، وهي كثيراً ما اعتبرت شرطاً مرهقاً في تطبيق سياسة صفر-كوفيد في الصين، على مناطق "عالية المخاطر" ومدارس. ولن يُطلب بعد الآن من المسافرين بين الأقاليم إبراز فحص كوفيد-19 سالب أجري خلال 48 ساعة، ولن يُطلب منهم إجراء فحص لدى الوصول.
ويأتي الإعلان في أعقاب تظاهرات في أنحاء البلاد قلما تحدث، احتجاجاً على سياسات الحزب الشيوعي الحاكم الصارمة لاحتواء الوباء. وتوسعت التظاهرات لتصبح دعوات لمزيد من الحريات السياسية، بل طالب البعض بتنحي الرئيس شي جين بينغ.
واستخدمت الشرطة الصينية أدوات مراقبة متطورة، شملت برمجيات التعرف إلى الوجوه وتتبع الهواتف، في تعقب المتظاهرين المشاركين في الاحتجاجات الأخيرة. وقالت المحامية التي تقدم المشورة القانونية المجانية للمتظاهرين، وانغ شنغشنغ، لوكالة فرانس برس الأسبوع الماضي: "في بكين وشنغهاي وقوانغتشو، استخدمت الشرطة على ما يبدو أساليب عالية التقنية". وأضافت المحامية المختصة في حقوق الإنسان في شنتشن: "في مدن أخرى، يبدو أنهم اعتمدوا على لقطات المراقبة والتعرف إلى الوجه".
تمكنت شرطة بكين من استخدام بيانات موقع الهاتف الملتقطة بواسطة ماسحات ضوئية (سكانرز) في موقع التجمعات، وكذلك من سيارات الأجرة التي أنزلت المتظاهرين، بعد مسح تصاريحهم الصحية.
وقالت المحامية إن العديد من سكان بكين "لم يفهموا سبب اتصال الشرطة بهم عندما مروا ببساطة قرب موقع تظاهرة لم يشاركوا فيها". وأضافت أن الشرطة استدعت في شنغهاي أولئك الذين حددت موقعهم لاستجوابهم، وصادرت هواتفهم "ربما لاستخراج بياناتهم كلّها".
في كانتون، أخبر أشخاص المحامية أن حساباتهم على تطبيق تيلغرام اختُرقت، بعد تسجيل هويتهم لدى الشرطة في طريقهم إلى موقع التظاهر. وقال أصدقاؤهم للمحامية إن حسابات المحتجزين في بكين على "تيلغرام" بقيت نشطة أثناء احتجازهم، ما أشار إلى دخول الشرطة إليها.
في حالة من التأهب، تحدث المتظاهرون مع بعضهم بعضاً في مجموعات دردشة مشفرة لا يمكن دخولها إلا من خلال برمجية في بي إن غير القانونية في الصين. ومع ورود أنباء عن مزيد من الاعتقالات والتعرض للترهيب من جانب الشرطة، تبادل المتظاهرون نصائح حول كيفية تجنب التعرض للاستجواب والمشورة القانونية بشأن ما يجب القيام به، في حالة التعرض للاستجواب أو الاعتقال أو مصادرة هواتفهم. وحثوا بعضهم البعض على محو كل ما يتعلق بالتظاهرات من هواتفهم، تحسباً لفحصها من قبل الشرطة.
وقال أحد سكان العاصمة الصينية، لـ"فرانس برس"، إن الشرطة اعتقلت صديقين له شاركا في احتجاجات في بكين وشنغهاي. وأضاف، طالباً عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن الشرطة أفرجت عن صديقه من شنغهاي، لكنها احتفظت بهاتفه.
على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية الخاضعة للمراقبة الشديدة، يمكن بسهولة تعقب أي مستخدم ينشر عن الاحتجاجات، لأن المنصات تطلب الاسم الحقيقي للاشتراك فيها. وشرح المحلل الصيني في مركز ويلسون في واشنطن، روي تشونغ، قائلاً: "يتم البحث عن محتويات في الهواتف ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي بالتأكيد، سواء في الحياة الواقعية أو عبر الإنترنت".
شاهدت "فرانس برس" عدداً من ضباط الشرطة وهم يصورون متظاهرين، منهم عديمو الخبرة، بكاميرات صغيرة محمولة باليد خلال مسيرة في بكين. في شنغهاي، شهد صحافي من وكالة فرانس برس اعتقال العديد من الأشخاص، وقال إن الشرطة فحصت هاتف أحد المتظاهرين بالقوة، بحثاً عن شبكات اجتماعية أجنبية يُفترض أنها محجوبة في الصين، تُستخدم في نشر معلومات عن التظاهرات. حتى إن شرطياً سأل متظاهراً يبلغ من العمر 17 عاماً في شنغهاي، وفقاً لتسجيل صوتي: "ما هو الحق في الخصوصية؟ ليس لديك خصوصية".
أبدت المحامية وانغ أسفها لاستخدام هذه "التقنيات المتقدمة خلال التظاهرات العامة"، بدلاً من استخدامها "عندما يُفقد أشخاص أو يُقتلون في قضايا جنائية". وتساءلت: "إذا كان من الممكن الاستيلاء على هواتفنا والتلاعب بها، والدخول إلى حساباتنا من دون موافقتنا، فماذا تبقى لنا من حرية؟".