الدراما المشتركة والمنافسة على الشكل والمضمون
يتسابق المنتجون في لبنان على جذب الجمهور في مجموعة من المسلسلات التي أصبحت تُشكل لهم مصدر أربAاح طائلة. والواضح أن استراتيجية الدراما العربية المشتركة، باقية، لا بل سيزداد نشاطها في السنوات المقبلة، بسبب تفضيلها من قبل الجمهور والمحطات الجاهدة لشراء هذا النوع من المسلسلات.
ويبقى السباق "المحموم" بين الكتّاب والمخرجين في بيروت ودمشق، وذلك طمعًا في العمل ضمن القائمة الخاصة لعدد المسلسلات المفترض إنجازها من قبل شركتي الإنتاج الأكثر نشاطًا (الصبّاح/إيغل فيلم). سلسلة من الانطباعات التي أظهرت هذه السنة تناغمًا واضحًا في معرفة "سر" اللعبة، وكان ذلك ضرورياً بعد 10 سنوات من دخول الدراما المشتركة السوق العربي، واهتمام الجمهور بهذا النوع، واجتماع أبرز الممثلين من جنسيات مختلفة في عمل واحد.
الواضح، في الأعمال التي عُرضت في موسم رمضان، أن تقدمًا ملحوظًا أظهره المخرج اللبناني فيليب أسمر في مسلسل "2020" (نص بلال شحادات). والثابت أن أسمر، الذي اعتاد لسنوات على مشاهد القصور الفخمة، نزل هذه المرة إلى حي شعبي، وقدم الممثلة اللبنانية نادين نسيب نجيم بقالب بسيط، وأبعدها عن ملعب الانتقادات لإصرارها على اختيار الماركات والحقائب العالمية في أدوارها. وظهرت سما/حياة عبد الله، في المسلسل بثياب عادية جداً وتسريحات وماكياج مقنع، لزوم الشخصية، وتصدر مشهد الحي الشعبي ومتجر الخضار، والعشوائيات، الصورة كاملة هذه المرة، بعيداً عن المشاهد المتكلفة للدراما اللبنانية التي أغرق فيها المخرج فيليب أسمر نفسه لسنوات.
لم يشكل "2020" وحده، نقطة التحول أو الاختلاف في الشراكة اللبنانية السورية لتنفيذ الأعمال الدرامية. الكاتب بلال شحادات نفسه شارك فيليب أسمر قبل وقت في مسلسل "لا حكم عليه"، لعب دور البطولة فيه قصي خولي وفاليري أبو شقرا، وربما كان محاولة مناسبة لخلع ثوب النمطية "اللبناني" في نقل الصورة والواقع الحقيقي للقصة والسيناريو. في المقابل، يتجه المنتجون في الأعمال المشتركة، لاحقًا، إلى استثمار الكاتب السوري أكثر من الكتّاب اللبنانيين، بعد أن أثبت بعض الكتّاب السوريين خبرة في هذا النوع من الدراما، ومنهم بلال شحادات، ورامي كوسا.
هذا التفاعل، أو تبادل الخبرات، يحمل الدراما اللبنانية، خصوصاً في موسم رمضان، إلى فضاءات جديدة، ويعزز حضورها من ناحية المنتج اللبناني، ومساندة السوق الخليجي على شراء هذا الإنتاج، وعرضه، وهو ما يسهم في دوران عجلة الدراما العربية. تنفس موسم الدراما المشتركة في رمضان 2021 الصعداء، وشكل تحولًا واضحًا في طريقة تعاطي المنتج والكاتب والمخرج مع المحتوى، عبر سعي إلى تقديم مضمون جيد، وصورة أكثر إقناعًا للمشاهد.
هكذا، يدخل الإنتاج اللبناني الخريطة العربية، بعد عقدٍ من التجاذبات حول مشاريع أو إنتاجات الدراما المشتركة، التي شكلت تحولات من خلال المنافسة الواضحة لجهة استمالة الممثلين والكتّاب والمخرجين، ما يؤكد أن مستقبل الدراما العربية المشتركة هو الغالب أمام كل الإنتاجات المحلية الأخرى.
المساهمون
المزيد في منوعات