بثت منصة نتفليكس، أخيراً، مسلسل التحريك "العميل السري إلفيس بريسلي" (Agent Elvis). ينجز بريسلي في هذا العمل مهمات خطرة لإنقاذ الولايات المتحدة والعالم من الخراب، بينما يمارس حياته كملك الروك آند الرول.
اللافت في المسلسل أن من يؤدي صوت بريسلي هو الممثل ماثيو ماكونهي، والمنتجة المنفذة هي زوجة المغني السابقة، بيرسيلا.
المسلسل الكوميدي يتحرك بين الحقيقة والخيال، فبريسلي كان يمتلك قرداً، وقابل الرئيس الأميركي ريتشارد نيسكون وطلب منه أن يجعل منه شرطياً، وذهب إلى فييتنام وأقام حفلات في لاس فيغاس. كل هذا ضمن خلطة كوميدية تستفيد من التخيل التاريخي، بأسلوب يذكرنا بمسلسل التحريك "أميركا" America، وشخصيات تشابه تلك التي نراها في مسلسل "آرتشر" Archer.
الاختلاف أن بريسلي أقل سخرية من آرتشر، وأقل دموية من أبطال مسلسل "أميركا"، خصوصاً أن الأحداث الحقيقية التي عاشها تتحول إلى صيغة كارتونيّة، إذ يكتشف عنصريّة نيكسون، ويتورط مع منظمة سريّة تحاول إنقاذ العالم من جهاز يسيطر على عقول الناس، عبر توظيف قوة الروك آند رول، لتحويل البشر إلى ما يشبه الوحوش.
يمتلئ المسلسل بالإحالات الإباحيّة والعنف الذي يبدو كوميدياً، ولا يتلاءم مع صورة ملك الروك آند رول التقليديّة، لكنه بالنهاية عميل سريّ، أقل حنكة من جيمس بوند، لكن أكثر قدرة على مواجهة المخاطر. وهذا اللافت، كأن المسلسل يحاول إعادة تقديم إلفيس بريسلي ضمن صيغة تحوي كل ما يتداول عنه من حكايات، مع التركيز أن هناك ما هو خفي وسريّ في حياته.
ويمكن القول إن العمل، المؤلف من عشر حلقات، يكشف ما تعرض له بريسلي من دعاية وتوظيف سياسيّ، أشبه بصورة ساخرة لحياته المليئة بالتقلبات والهزائم. كما أن المسلسل لا يتردد في توجيه الاتهام لبريسلي ببناء شهرته على "سرقة" موسيقى السود في الولايات المتحدة.
يستعيد "العميل السري إلفيس بريسلي" أيضاً موسيقى المغني وأشهر أغانيه التي تكتسب معاني جديدة مع كل حلقة، كذلك كل حياته التي تصبح رحلة في سبيل تحقيق العدالة. المثير أن هناك شعوراً بعدم الإنجاز يلاحق بريسلي، وكأنه لم يحقق الشهرة الكافية. وهنا، يحيل المسلسل إلى نظريات المؤامرة، إذ نكتشف أن بريسلي هو أول من وطئ سطح القمر، لماذا؟ لأن الهبوط على القمر ليس إلا كذبة ابتدعتها الولايات المتحدة. وهنا يتحول المسلسل إلى نسخة تلائم أولئك الذين يقدسون المغني، ويتعاملون معه كأعظم رجل عاش على سطح الأرض، إذ تندمج نظريات المؤامرة مع الحقيقة، لنرى أنفسنا أمام صورة كارتونية مكثفة لملك الروك آند رول، تحوي كلّ الحكايات التي حيكت حوله، أو ما يشبه "ماكينة إلفيس" في إحالة إلى ماكينة هاملت.
يوظف المسلسل عناصر من الخيال العلمي، كالعالم المجنون والاختراعات المريبة، والأهم، تجارب سرية للسيطرة على العالم، وهذا بالضبط ما يكسب العمل حيويته، إذ لا يكتفي بتوظيف التكنولوجيا والإحالات التي تنتمي إلى حقبة بريسلي، بل يستعيد عناصر من التاريخ الحاضر وثقافته الشعبيّة ليكمل أسطورة المغني، وكأنه يصلح لأي مكان وزمان. في الوقت نفسه، يحافظ على روح الروك آند رول، والاحتفالات الصاخبة والمخاطرة بالحياة في سبيل لحظة صفاء.
تعرض المسلسل إلى كثير من الانتقادات، كونه يفتقر للأصالة، وهذا ما لا يمكن إنكاره، هو يشبه العديد من إنتاجات الكارتون التي ذكرناها سابقاً، ولا يقدم ما هو جديد في سيرة بريسلي، حتى المغامرات التي يخوضها تشابه تلك التي نرصدها في مسلسل "إنسَيد جوب" Inside Job، ونظريات المؤامرة المحاكمة حول نجوم هوليوود، وعملهم مع حكومة الولايات المتحدة، وربما أكثر ما يثير المتعة في المسلسل هي موسيقى إلفيس بريسلي نفسها، وإمكانية سمعاها ضمن سياقات جديدة تختلف عن تلك الأصليّة.