عندما اصطدمت الكرة بالعارضة في الدقائق الأخيرة في ملعب البليدة قرب العاصمة الجزائرية، بسبب ركلة خاطئة من هلال سوداني ضد مرماه، حمدت الله، وأثنيت على القدر الذي لم يحرم الجزائر من التأهل للمرة الرابعة إلى مونديال البرازيل 2014. بخلاف كل الجزائريين، كان لي سبب آخر في التنهيدة الكبيرة للسلامة الوطنية، فالحارس الذي كان يقف بين الأضلع الثلاث للمرمى هو أيضاً ضلع في العائلة وشقيق زوجتي (محمد الأمين زماموش).
كانت مباراة التأهل بين الجزائر وبوركينا فاسو تلعب في لحظاتها الأخيرة، وكان هدف المنتخب الجزائري حتى تلك اللحظة مؤهلاً للمونديال، شرط عدم تلقي أي هدف. تعديل المنتخب البوركينابي للنتيجة كان يعني تأهله وحرمان الجزائر، والوقت لم يكن يكفي للعودة لو حصل تعديل النتيجة.
في تلك الأوقات العصيبة، كانت شقيقة الحارس قد فضلت الجلوس في غرفة أخرى من البيت، لكي لا تشاهد المباراة المثيرة للأعصاب. كانت تكرر الأحاديث النبوية من كتاب "الأربعون النووية"، لتُذهب عنها القلق. لديها سبب أكثر من عموم الجزائريين يدعوها للقلق. هي لا تعرف الكثير عن كرة القدم والمونديال، وكل ما يهمها سلامة الحارس من الأهداف ومن الإصابة، ومن الانتقادات الحادة للجمهور المتعصب للكرة في الجزائر، وخشيتها الكبرى أن يُحمل محمد الأمين المسؤولية فيما لو حصل خطأ ما وهفوة أقل تضيع على الجزائريين المونديال. لم تكن تشاهد المباراة، لكن أذنها كانت معلقة بين صوت حفيظ دراجي الذي كان يصرخ بسبب أو من دون سبب، وصفارة الحكم، على أمل أن تنهي المقابلة بفرحة جزائرية.
عندما استشارني زميل في القسم الرياضي عن فكرة عمل صحافي يكون نوعياً من حيث الموضوع، وغير مسبوق في المعالجة، نصحت بالكتابة عن المعايشة الصعبة لعائلات الرياضيين في المقابلات والمنافسات الحاسمة، بعضهم أصيب بالضغط والسكري بسبب ذلك.
ذهبت الجزائر إلى البرازيل، وأنجزت استحقاقاً جميلاً شرفت به الكرة العربية. تأهلت للمرة الأولى إلى الدور الثاني، بعدما طحنت الشمشوم الكوري. وتعادلت مع الدب الروسي، وخسرت مباراة واحدة مع الشياطين الحمر البلجيكية، قبل أن تصطدم بألمانيا في الدور الثاني.
على الرغم من ذلك المنجز، بالنسبة إلى جيلي، فإن ملحمة خيخون عام 1982 تبقى الأكثر إبهاراً على الصعيد الفني والقيمة التاريخية. ربما يعود السبب إلى أنه الظهور الجزائري الأول في مونديال، ولكون المشاركة في كأس العالم بالنسبة لبلد فتي لم يكن قد مضى على استقلاله عقدان من الزمن هو امتداد للعنفوان الثوري الذي كانت عليه الجزائر، ولكون المنتخب حقق أكبر مفاجأة وبإبهار كبير عندما فاز على ألمانيا، وعلى تشيلي. لا يمل الجزائريون من إعادة مشاهدة تلك الملحمة المونديالية.
وبسبب هذا الرصيد الرياضي الحافل تبدو الحسرة لدى الجزائريين على الغياب عن مونديال قطر كبيرة، ستدوم حتى نهاية البطولة. كان الطموح الجزائري كبيراً في أن تكون الجزائر حاضرة في أول مونديال تحضنه أرض عربية، بعدما أمكن حضور أول مونديال على أرض أفريقية في جنوب أفريقيا عام 2010. هفوة صغيرة وسوء تركيز في الثواني الأخيرة من مباراة التصفيات الأخيرة مع الكاميرون، من الحارس والدفاع، وضعت الجزائر خارج مونديال قطر. لم تسلم الجرة هذه المرة مثلما سلمت في 2013، في ملعب البليدة، عندما اصطدمت الكرة بالعارضة.