الكشف عن حملة تشويه على نطاق العالم بمزاعم ضد قطر في منصّات التواصل

08 يوليو 2024
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **حملة تشويه عالمية ضد قطر**: بدأت نهاية 2023، تستهدف تشويه صورة قطر عالميًا بالتزامن مع حرب غزّة، عبر مواقع مشبوهة وإعلانات تشهيرية، وتركز على رهاب المسلمين والمهاجرين.

- **تشابهات وتورط شخصيات متعددة**: تتسم الحملة بنقاط مشتركة في النشر والرعاية، وتورط فيها قرصان فيتنامي، ومدرّسة مؤثّرة، ورجل دين مسيحي، مع مواقع جديدة تدعو لمقاطعة قطر.

- **دور منصات التواصل الاجتماعي**: استُخدمت آلاف الصفحات على "فيسبوك" لتمرير 900 إعلان مناهض لقطر، تصل إلى 41 مليون شخص، و"ميتا" تحاول تعطيل الشبكة.

كشف الباحثان مارك أوين جونز وسوهان دسوزا، في تقرير من 77 صفحة نشر اليوم الاثنين، عن حملة كبرى بدأت نهاية عام 2023، على نطاق عالمي، غرضها الأساسي تشويه صورة دولة قطر، وتتواصل مع استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزّة للشهر التاسع. وتشارك في الحملة مواقع إلكترونية مشبوهة تدعو إلى مقاطعة الدوحة، إلى جانب لوحة إعلانية في ساحة تايمز سكوير الشهيرة في نيويورك تنتقد المسؤولين في قطر ومئات الإعلانات التشهيرية عبر منصّة "فيسبوك" صادرة عن شبكة مع تشعبات فيتنامية، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس.

التقرير مقسّم إلى فقرات مختلفة، ومدعّم بالصور والملصقات والأمثلة التي شكّلت المحتوى الأساسي لهذه الحملة، إلى جانب رصد الإعلانات التي انتشرت على مختلف منصّات التواصل الاجتماعي. وتتناول حملة التشهير هذه، أساساً، موضوعات تتعلّق برهاب المسلمين والمهاجرين، وتتضمّن إحداها دعاية معادية لقطر نُشرت في الولايات المتحدة خلال اجتماع لناشطين وسياسيين محافظين شارك فيه الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، فضلاً عن عريضة إلكترونية عبر موقع Change.org منسوبة إلى شخص ومنظمة وهميَين.

حملة بدأت نهاية 2023، على نطاق عالمي، غرضها الأساسي تشويه صورة دولة قطر، وهي الأكبر، وتتواصل مع استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية في غزّة

الحملات الإلكترونية وغير الإلكترونية التي تتّسم، بحسب الباحثَين، بنقاط مشتركة على صعيد النشر والرعاية الإعلانية والمضيف الإلكتروني، تُظهر السهولة التي يمكن فيها تشويه سمعة شخص أو صورة بلد برمّته في زمن التضليل الإعلامي، من دون أن يتعرّض المرتكب الفعلي لأي خطر أو مُلاحقة.

وفي إطار البحث عن نقاط التشابه بين الهجمات المختلفة، اكتشف جونز ودسوزا ووكالة فرانس برس مجموعة كبيرة من الأشخاص، بينهم قرصان معلوماتية فيتنامي، ومدرّسة مؤثّرة، مروراً برجل دين مسيحي في الولايات المتحدة، يعملون جميعاً على إخفاء الخيوط المؤدية إلى العقل المدبّر للعملية.

مشاعر التشكيك

يبدو أن هذه الحملات تهدف إلى تعزيز مشاعر التشكيك حيال قطر، في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي خلال السنة الراهنة التي تشهد انتخابات في هذه الدول، تنطوي على رهانات كبيرة. والهدف الظاهر جعل "أي علاقة مؤسّساتية مع قطر مضرّة وخطرة"، على ما يقول دسوزا الذي كان يعمل سابقاً لحساب مركز الأبحاث الأميركي "أم آي تي ميديا لاب". ويضيف "الهدف جعل إدارة النزاع الحالي في الشرق الأوسط أصعب من خلال الضغط على قطر"، الوسيط بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس.

ومن المواقع الإلكترونية الجديدة التي هاجمت قطر في الأشهر الأخيرة، موقع يدعى Shame on Qatar (العار لقطر) بالإنكليزية والفرنسية والإسبانية، ويزعم تمويل الدوحة "إرهابيين"، ويدعو إلى مقاطعة المؤسّسات التي تشرف عليها مثل متاجر هارودز الشهيرة في لندن، ونادي باريس سان جيرمان الفرنسي لكرة القدم، وفندق نيويورك بلازا. وظهر هذا الموقع في إعلان خلال مؤتمر التحرّك السياسي المحافظ Conservative Political Action Conference (CPAC) في فبراير/ شباط الذي تحدث فيه ترامب. ودعا الإعلان إلى فرض عقوبات على قطر، معتبراً أنها تشكّل "تهديداً أمنياً". ورفض المؤتمر الكشف لوكالة فرانس برس عن الطرف الذي وضع الإعلان.

وظهر موقع إلكتروني آخر مناهض لقطر يحمل اسم "إتز إن يور هاندز" (It's in your hands) الذي ينتقد الشيخة موزا، زوجة أمير قطر السابق ووالدة الأمير الشيخ تميم بن حمد، متهماً الدوحة "بدعم إرهابيين". وتتعرّض الشيخة موزا عشوائياً لانتقادات بزعم فشلها في تحرير الرهائن الإسرائيليين في قطاع غزّة، وهي التي لا تضطلع بأي دور رسمي في جهود الوساطة التي تبذلها قطر. وظهر شعار هذا الموقع الإلكتروني أيضاً في فبراير خلال إعلان استهدف الشيخة موزا بُثّ في تايمز سكوير في نيويورك. وتعود ملكية اللوحة التي بُثّ عليها الإعلان إلى شركة الإعلانات الأميركية العملاقة "آوت فرانت ميديا"، وفق تحاليل اعتمدت على مصادر مفتوحة قام بها سوهان دسوزا ومارك أوين جونز. ولم ترد "آوت فرانت ميديا" على أسئلة وكالة فرانس برس بشأن هوية راعي هذه الدعاية.

عريضة مزيّفة

يحيل موقع "إتز إن يور هاندز" أيضاً إلى عريضة على موقع Change.org تستهدف والدة أمير قطر. وأطلق العريضة شخصٌ قيل إنه يدعى جون أندرسون، وقُدّم على أنه رئيس منظمة تدعى "سيتيزنس أوف هيومان لايفز" (Citizens of Human Lives). ويفيد الباحثان بأن لا وجود بتاتاً للرجل والمنظمة التي تقف وراء العريضة التي وقعها آلاف الأشخاص.

وكانت المدرّسة الأميركية كاترينا لانتوس سويت قد نشرت بداية السنة الجارية، عبر منصة "إكس"، صورة لها تحمل فيها لافتة لحملة مماثلة مناهضة للشيخة موزا خلال قمّة في واشنطن عن الحرية الدينية، إلى جانب العريضة المزيفة. وقالت متحدثة باسم لانتوس سويت لوكالة فرانس برس إن مسؤولاً إنجيلياً أميركياً يدعى جوني مور، وهو رجل أعمال ومدافع عن الاحتلال الإسرائيلي، طلب من المدرّسة ترويج اللافتة. وأضافت "لا نعرف من نظّم هذه الحملة، وكاترينا ليست على ارتباط بها بأي شكل".

في إطار عملية واسعة عبر "فيسبوك" التي تملكها مجموعة "ميتا"، استُخدمت آلاف الصفحات لتمرير أكثر من 900 إعلان مناهض لقطر، يدعو كثير منها إلى عزلها سياسيّاً

أما مور الذي يقدّم نفسه عبر منصة "لينكد إن" على أنه "صانع سلام" معروف بعمله "لا سيما في الشرق الأوسط"، فقد وافق بداية على طلب وكالة فرانس برس إجراء مقابلة معه عبر "لينكد إن"، لكنه توقّف عن الرد بعد سؤال عن تصريحات سويت وآخر عن ارتباطه بالحملة.

وقال الباحث مارك أوين جونز لـ"العربي الجديد"، إن العمل على التقرير بدأ قبل قرابة خمسة أشهر، عندما تواصل معه سوهان دسوزا، بعد رصده عدة إعلانات مناهضة لقطر "ومن هنا بدأنا البحث في الموضوع". وعمّا إذا ما كانت هذه الحملة شبيهة بالتي تعرّضت لها قطر في السابق، وصولاً إلى تنظيمها كأس العالم في نوفمبر/تشرين الأول 2022، أوضح أن بعض الاتهامات هي نفسها "مثل دعم الإرهاب والتطرّف، لكنّ اتهام الدوحة بتشجيع الهجرة إلى أوروبا جديد، ولم يظهر في أي حملة سابقة. لذا من المحتمل أن يكون الموضوع مرتبطاً بدور قطر في الوساطة لوقف الإبادة في غزّة، أي محاولة لتقويض مكانتها في أوروبا".

غير مسبوق

وكشف التقرير أنه في إطار عملية واسعة عبر "فيسبوك" التي تملكها مجموعة "ميتا"، استُخدمت آلاف الصفحات لتمرير أكثر من 900 إعلان مناهض لقطر، يدعو كثير منها إلى عزلها سياسيّاً، ويتّهمها بـ"إذكاء هجرة المسلمين باتجاه أوروبا وترويج الإرهاب". وكانت الحملة نشطة أيضاً عبر منصات "إكس" و"تيك توك" و"يوتيوب" فضلاً عن "ويكيميديا". وإزاء ذلك، تحرّكت "ميتا" وخلصت إلى أن هذه التحرّكات المنسّقة مصدرها فيتنام.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

وقالت مديرة الشؤون العامة في "ميتا" مارغريتا فرانكلين "لقد حدّدنا هذه الشبكة وألغيناها قبل نحو شهرين"، وأن خلاصات الشركة ستنشر في تقريرها الفصلي عن التهديدات في أغسطس/ آب المقبل. وأضافت "عطّلنا أيضاً روابط تحيل إلى مواقع وحسابات إلكترونية لهذه الحملة، حتى لا يتمّ تشاركها عبر منصّتنا".

41 مليون شخص مستهدفون

وفي مؤشر إلى أن الحملة لم تضعف، لا تزال هذه الإعلانات تصل إلى ما لا يقل عن 41 مليون شخص، على ما أفاد مارك أوين جونز وسوهان دسوزا اللذان أشارا إلى بيانات مصدرها مكتبة الإعلانات في "فيسبوك". وكلّفت هذه الإعلانات الواردة بلغات عدة، بينها الإنكليزية والفرنسية والعربية، 270 ألف دولار، وفق تقدير حذر للباحثين. وتشكّل فيتنام سوقاً سوداء معروفة لتبادل حسابات "فيسبوك" مقرصنة من أجل نشر إعلانات، لكن الباحثَين شدّدا على أن فيتنام ليست مصدر الحملة المناهضة لقطر، بل مجرّد وسيط.

وبواسطة بيانات مكتبة الإعلانات في "فيسبوك"، تمكّن الباحثان من الوصول عبر بعض الصفحات إلى شركة "إل تي ميديا" الفيتنامية للتسويق التي تدور حولها شبهات. وفي اتصالٍ أجرته معه وكالة فرانس برس، نفى ممثل عن هذه الشركة قدّم نفسه أنه لي فان تين، أن يكون على علم بأي شكل بهذه الحملة، مؤكداً أنه باع صفحاتٍ إلى زبائن مجهولين عبر تطبيق تليغرام للمراسلة. وأكد كذلك أنه تعرّض للقرصنة، وفقد الوصول إلى خاصية التحكّم في إدارة عدّة صفحات وحسابات خاصة بشركته Business manager على "فيسبوك"، وهي سجل مركزي يسمح بإدارة عدة صفحات وحسابات في وقت واحد، مع أنه نشر توجيهات تدريبية عبر "يوتيوب" عن كيفية الالتفاف على هذه القيود. وكتب في رسالة عبر "واتساب"، "لا أريد متاعب. أنا مجرد وسيط".

المساهمون