يمكن وصف الإنتاجات الدرامية الرمضانية، على أنها مجرد محاولات، والتقدم المفترض أن يسجل هذا الموسم، هو برسم الإنتاج المصري الذي حافظ على مستوى جيد حتى الحلقات الأخيرة. بينما غرق المخرجون السوريون في أفكار ومشاهد مُستهلكة، شوهدت من قبل.
تبنت الأعمال السورية والمشتركة المعروضة للموسم الدرامي الرمضاني الحالي، حكاية "ثائر" يقف في مواجهة سلطة القمع والإقطاعية الزراعية، وهو حال مسلسل "الزند ذئب العاصي"، الذي حمل هموم طفل يافع يُدعى عاصي (تيم حسن)، يفقد والده بقرار أرعن، ويحاول مواجهة الحياة إلى جانب شقيقته وأولادها، ليتحول في نهاية المطاف إلى منتصر يحارب حكام الأرض العابثين الذين يمارسون الظلم بأبشع صوره بحق الفلاحين، وهو ما يحملنا إلى مسلسلات عرضت سابقاً، ومنها "إخوة التراب" (إنتاج عام 1998) من إخراج نجدت إسماعيل أنزور وبطولة أيمن زيدان.
في الوقت نفسه، كررت الدراما المصرية في "ضرب نار" قصص الثأر، من خلال شخصية جابر (أحمد العوضي) الذي يغادر قريته في الصعيد هرباً من الثأر، ليجد نفسه متورّطاً في تجارة السلاح. لكن الفارق هو أن الدراما المصرية تحافظ على خط درامي لا يتراجع في منتصف العرض، رغم التطويل الذي يُفرض على ثلاثين حلقة، وتمسّك خط المسلسل بالأحداث، بخلاف الإنتاجات السورية، أو تلك المسماة "دراما مُشتركة" اليوم.
نجح مسلسل "تحت الوصاية"، من بطولة منى زكي، وحقق تفاعلاً جيداً بين المشاهدين. يطرح "تحت الوصاية" قصة الوصاية على الأطفال في ظرف اجتماعي اقتصادي صعب, ورغم كون القضية مُستهلكة هي أيضاً، إنما تأتي رؤيتها من خلال صناع العمل مختلفة عن كل ما شاهدناه من أعمال سابقة. والأمر سيان بالنسبة إلى مسلسل "الهرشة السابعة"، من إخراج كريم الشناوي، الذي يدرك جيداً كيفية تمرير قضية الزواج لمجموعة من الناس، منهم متقدمون في العمر، وآخرون شباب، في إطار لا يخلو من الحبكة الجيدة التي قادتها مريم نعوم المشرفة على ورشة سرد، بحسب ما ذُكر عن صنّاع العمل. الشنّاوي يختار سلسلة من المحترفين، ويحيطهم بكافة جوانب الحكاية، ليخلص المسلسل بمشهدية جيدة حملته إلى المرتبة الأولى من حيث نسبة المشاهدة في القاهرة، وبعض البلدان العربية.
وكذلك، يخرج مسلسل "جعفر العمدة"، إلى الضوء، إخراج محمد سامي وبطولة محمد رمضان، ويحقق نسبة مشاهدة كبيرة في القاهرة والعالم العربي. فرادة رمضان تحسب له دائماً، وتجعله في الصف الأول، رغم بساطة الحكاية لشاب يتزوج باربع سيدات، ويعيش يوميات وسط مشاكل الزوجات والبيئة الشعبية التي تحيط به.
في المحصلة، يبدو أن الدراما المصرية تسير بخطى ثابتة في كل موسم من رمضان، وهذا يدل على تخبط ما زال يسيطر على الإنتاجات الأخرى، خصوصاً تلك المسماة بالدراما المشتركة.