اختلط الفرح بالحزن في الجدارية الفنية التي تم رسمها، غربي مدينة غزة، احتفالاً بالإفراج عن عميد الأسرى الفلسطينيين كريم يونس، بعد 40 عاماً قضاها في السجون الإسرائيلية، إذ احتوت معاناة الأسر ممتزجة مع بزوغ فجر الحرية.
وشارك عدد من الفنانين التشكيليين في رسم الجدارية، التي افتتحتها جمعية واعد للأسرى والمحررين، اليوم الخميس، على مفترق دوار حيدر، المؤدي إلى مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والتي اختزلت قصة أقدم أسير فلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وقد رفعت صور الأسير المحرر.
واستقبلت الجماهير الفلسطينية، اليوم، الأسير المُحرر كريم يوسف يونس (64 عاماً) من بلدة عارة في الداخل المحتل، والذي رفض الاحتلال الإسرائيلي خلال سنوات اعتقاله الإفراج عنه في كل صفقات التبادل التي تمت، واعتَبَره أحد أخطر الأسرى داخل سجونه. وراوغ الاحتلال حتّى اللحظات الأخيرة قبيل الإفراج عنه الساعة الرابعة فجراً، وذلك لضمان عدم وجود استقبال جماهيري للأسير.
وضمّت الجدارية الفنية صورة للأسير المُحرر كريم يونس، وقد بدا تقدم العُمر واضحاً عليه، بعد أن غزت التجاعيد وجهه، إثر 4 عقود قضاها خلف قضبان سجون الاحتلال، والتي تم التعبير عنها في اللوحة بالأسلاك الشائكة، والتي اعتلاها شاب فلسطيني، يحمل العلم، ذا الألوان الأربعة.
ولُقّب يونس بعميد الأسرى، وهو صاحب أطول فترة اعتقال متواصل، وصلت إلى 40 عاماً، بدأ تحديداً في 6 يناير/ كانون الثاني عام 1983، قبل أن يفرج عنه صباح اليوم بعد انتهاء فترة محكوميته بشكل كامل.
ويقول الفنان التشكيلي محمد أبو ليلة، المُشارِك في رسم جدارية الأسير كريم يونس، إنّ العمل على رسم الجدارية بدأ مساء أمس، واستكمل صباح اليوم، موضحاً أنّ الجدارية اعتمدت بشكل أساسي على ملامح الأسير والتي تحمل في طياتها حكاية أطول مدة اعتقال مأساوية، من خلال ملامح وجهه، ولون شعره.
ويوضح أبو ليلة في حديث مع "العربي الجديد" أنّ اللوحة ضمّت العديد من التعبيرات، ومن بينها لون الغروب والذي يرمز إلى غروب سنوات الأسر، ولون شروق الشمس، والذي يرمز إلى بزوغ فجر الحرية، فيما حمل شاب فلسطيني الراية، في دلالة على مواصلة الدرب حتى التحرير الكامل.
من ناحيته، يبين زميله الفنان التشكيلي ثائر الطويل أنّ الجدارية التي تنفذها جمعية واعد للأسرى والمحررين، بمناسبة تحرر الأسير كريم يونس، تحمل رسالة الوحدة الوطنية، ما بين قطاع غزة، وبين المدن الفلسطينية كافة، ورسالة الدم الواحد والجسد الواحد.
ويلفت الطويل إلى أنّه شارك في رسم اللوحة، "ابتهاجاً وفرحاً بتحرير الأسير كريم يونس، والذي يعتبر من أقدم الأسرى الفلسطينيين"، مضيفاً: "أراد الاحتلال أن يطمس الفرحة باستقباله، حين أخرجه من سجنه فجراً، إلّا أن الشعب الفلسطيني أبى إلّا أن يشاركه فرحة التحرير".
فيما يشير مدير جمعية واعد للأسرى والمحررين عبد الله قنديل بحديث لـ"العربي الجديد" أنّ الجدارية رسالة فرح وتهنئة لعميد الأسرى الفلسطينيين كريم يونس، ووسيلة لإظهار الامتنان والوفاء له.
ولفت إلى أنّ قطاع غزة يشاطِر الأسير يونس الفرح بنيله الحرية مثل باقي الجماهير الفلسطينية في الداخل المحتل والضفة الغربية، التي انتفضت لمشاركته فرحته، بعد انقضاء سنوات محكوميته خلف قضبان الأسر.
واحتفى الفلسطينيون في كافة أماكن تواجدهم بالإفراج عن الأسير كريم يونس، من خلال فعاليات عفوية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن المقرر تنظيم العديد من الفعاليات الجماهيرية والشعبية في كافة المناطق الفلسطينية ترحيباً بالأسير المُحرر.