خلصت هيئة المحلفين إلى أنّ كلّاً من جوني ديب وزوجته السابقة آمبر هيرد قد تعرّضا للتشهير في نزاعهما الطويل، الذي توّج بمحاكمة قاسية استمرّت ستّة أسابيع وأثارت تساؤلات حول ما إذا كان الممثلان قادرين على تجاوز الضرر الذي لحق بسمعتيهما، بحسب ما أفادت وكالة "أسوشييتد برس".
كان الحكم، الذي صدر أمس الأربعاء في فيرجينيا، قد أكدّ أنّ ديب تعرّض للتشهير في ثلاثة أقوال تضمّنها مقال رأي كتبته هيرد قالت فيه إنّها كانت ضحية سوء المعاملة. منحته هيئة المحلفين أكثر من 10 ملايين دولار، لكنّها خلصت أيضًا إلى أن هيرد تعرّضت للتشهير من قبل أحد محامي ديب، والذي اتهمها باختلاق خدعة مفصلة حول مزاعم الإساءة، فحكم لها بتعويض بقيمة مليوني دولار.
كان ديب يأمل في أن يساعده كسب دعوى التشهير في استعادة سمعته. ومع ذلك، قال خبراء قانونيّون ومختصّون في عالم الترفيه إن سمعة الممثلين قد تضرّرت بسبب التفاصيل القبيحة عن زواجهما القصير والتي ظهرت خلال المحاكمة المتلفزة التي شاهدها الملايين.
قال ماثيو بيلوني، والذي يكتب للنشرة الإخبارية باك عن الأعمال في هوليوود، لوكالة أسوشييتد برس: "كلاهما سيعمل مجدّداً، لكنّني أعتقد أنّه سيمر بعض الوقت قبل أن ينظر إليهما أيّ استديو رئيسي كخيارين آمنين بما يكفي للمراهنة عليهما".
وأضاف المحامي السابق المختص بمجال الترفيه: "الأمور الشخصية التي تم الكشف عنها في هذه التجربة كانت وضيعةً للغاية بحيث لا يرغب أي استديو في التعامل معها".
جذبت القضية المشاهدين الذين شاهدوا تغطيتها التلفزيونية من البداية إلى النهاية، بما في ذلك الناشطين المتحمّسين على وسائل التواصل الاجتماعي، والذين قاموا بتشريح سلوك الممثلين، وملابسهما، وكذلك استهلاكهما للكحول والمخدرات.
يبدو المستقبل المهني لكلا النجمين غير واضح المعالم. كان جوني ديب، المرشح لجائزة أوسكار أفضل ممثل ثلاث مرات، نجماً جذّاباً ويجلب المال، بما في ذلك في دور الكابتن جاك سبارو في سلسلة الأفلام الشهيرة "بايرتس أوف ذا كاريبيان"، لكنّه الآن خسر دور سبارو، كما تمّ استبداله في فيلم "فنتازتك بيست".
أمّا هيرد فلم تكن مسيرتها التمثيليّة بالازدهار نفسه، وفي الوقت الحالي لن يكون لديها سوى دورين في أفلامٍ صغيرة إضافة إلى دورها في الجزء الجديد من فيلم "أكوامان" في العام المقبل.
وصف خبير إدارة الأزمات والمختصّ بالتواصل إريك روز المحاكمة بأنّها "عملية قتل/ انتحار كلاسيكي" من حيث الضرر الذي ألحقته بمسيرتيهما الفنيّة.
وقال روز: "من منظور إدارة السمعة لا يمكن أن يكون هناك فائز"، وأضاف: "لقد أدميا بعضهما بعضاً. صار من الصعب الآن على الاستديوهات توظيف أيٍّ منهما لأنّ ذلك قد ينفّر شريحة كبيرة من الجمهور، ممّن لم تعجبهم حقيقة أنّك احتفظت بجوني أو أمبر لمشروع معيّن، خاصة أنّ المشاعر لا تزال ملتهبةً جدّاً الآن".
وأعلنت هيرد، التي حضرت المحكمة يوم أمس الأربعاء وحافظت على هدوئها أثناء قراءة الحكم، أنّها حزينة بسبب ما وصفته بأنّه انتكاسة للنساء بشكل عام.
وقالت في بيانٍ نشرته على حسابها على "تويتر": "أشعر بخيبة أمل أكثر ممّا يعنيه هذا الحكم بالنسبة للنساء الأخريات. إنّه نكسة. إنّه يعيد عقارب الساعة إلى وقت كانت فيه المرأة التي تتحدّث علناً تتعرّض للإذلال. إنه يعيق فكرة أن العنف ضد المرأة يجب أن يؤخذ على محمل الجد".
أمّا ديب، والذي لم يحضر جلسة النطق بالحكم، فعلّق بالقول: "هيئة المحلفين أعادت لي حياتي، أنا ممتن للغاية".
وتابع في بيان نُشر على حسابه على "إنستغرام": "آمل أن يكون مسعاي لقول الحقيقة قد ساعد آخرين، من الرجال أو النساء الذين وجدوا أنفسهم في وضعٍ مماثل لوضعي، وأن يساعد الداعمين لهم على ألّا يستسلموا أبداً".
ورفع ديب دعوى ضد هيرد بسبب مقال نشرته في صحيفة واشنطن بوست في ديسمبر/ كانون الأوّل 2018 وصفت فيه نفسها بأنّها "شخصية عامة تمثّل العنف المنزلي".
ومع أن هيرد لم تذكر اسم جوني ديب صراحة في ما كتبته، اعتبر الممثل أن المقالة شوّهت سمعته وقوّضت مسيرته المهنية، وطالب بتعويضات قدرها 50 مليون دولار.
بدورها، شنّت الممثلة التي ظهرت خصوصاً في فيلمي "أكوامان" و"جاستيس ليغ"، هجوما مضاداً مطالبةً طليقها بتعويض مضاعف قدره مئة مليون دولار.
واتهمت هيرد محامياً سابقاً لديب بأنه شهّر بها من خلال قوله للصحافة في نيسان/إبريل 2020 إن ما كتبته عن تعرضها للعنف الأسري عبارة عن أكاذيب.
وكان كلاهما بحاجة لإثبات أن التصريحات التي أطلقها الآخر تنطوي على تشهير، وللحصول على تعويضات، كان على هيئة المحلفين أن تتثبت من أن هذه الاتهامات وُجهت بنيّة سيئة، أي مع علم مطلقها بأنّها كاذبة أو "بتجاهل طائش" لما إذا كانت خاطئة أم لا.
كانت القضية تتعلّق ظاهرياً بالتشهير، لكن معظم الشهادات ركزت على ما إذا كانت هيرد قد تعرّضت للإيذاء الجسدي والجنسي، كما زعمت.
زعمت هيرد تعرّضها لأكثر من 12 اعتداء. من جهته، قال ديب إنّه لم يضرب هيرد مطلقاً وإنّها كانت المعتدي.
رأى محامي قانون الأسرة في نيويورك بريت وارد أنّ ديب جعل نفسه شاهداً أكثر قابلية للتصديق من خلال الاعتراف بتعاطي المخدرات والكحول وبأنه يمكن أن يكون شخصاً صعب الطباع، لكنّه قال إنّ ديب خاطر بجعل هذه اللحظات ترسخ في ذهن الجمهور أكثر من أدواره التمثيلية.
وقال وارد: "يقول إنّه فعل ذلك من أجل أطفاله، لكن بعدما شاهدت المحاكمة بأكملها لا أعتقد أنّه قدّم أيّ خدمة لأطفاله عبر نشر كلّ هذه التفاصيل".
وأضاف: "هل سيكون هذا مفيداً لجوني ديب؟ سنعرف بعد خمس سنوات ما إذا كان قد أعاد ترسيخ نفسه كممثل من الدرجة الأولى في هوليوود. أما إذا لم يفعل ذلك؟ فأعتقد أنه سيكون قد ارتكب خطأ فادحاً لأنّ معظم الناس لن يتذكروا مسيرته المهنيّة المميزة في هوليوود، بل سيتذكرون هذه المحاكمة".