رامز جلال وفان دام... إشكالية النجم والدوبلير
في معظم الأحيان تتعرض برامج المقالب للنقدِ والاستهجان من بعض المشاهدين، لأن هذه البرامج مبنية على أذى الآخرين، إذْ يحاول صناعها دائماً أن يجدوا طريقة ما لتحويل الضيف المستهدف إلى ضحية، ليضعوه في وضعٍ غير مريح، ويجعلوا منه أضحوكة، ليبدو مثيراً للسخرية وللشفقة، ويتعمدوا إثارة مشاعر الرعب والغضب لديه، قبل أن يكتشف في النهاية أن الأمر مجرد مزحة، قد لا يتقبلها، ما يؤدي إلى المزيد من العنف وعدم الانضباط في ردود الفعل.
في الوطن العربي، لا اسم يعلو فوق اسم رامز جلال اليوم في عالم برامج المقالب، فهو لا يزال الأكثر قدرة على إثارة الرعب والغضب في قلوب ضيوفه بعد مضي 12 عاماً على لعبه لهذا الدور؛ وقد حوّله ذلك إلى إحدى أيقونات الشاشة العربية في شهر رمضان، الذي بات من طقوسه في العالم الافتراضي أيضاً انتقاد رامز جلال.
لكن هذه السنة خفّت حدة النقد نسبياً، ربما لأن اللعبة التي بنيت عليها النسخة الجديدة من البرنامج، "رامز موفي ستار"، تهيئ الضيف لأجواء الإثارة والرعب التي ستحدث فيه؛ فالضيف لن يأتي هذه المرة لافتتاح مركز سياحي أو لإجراء مقابلة تلفزيونية، كما هو الحال في النسخ السابقة من البرنامج، بل هو قادم لأداء دور في "فيلم" أكشن عالمي إلى جانب الممثل البلجيكي العالمي، جان كلود فان دام، وبالتالي فإنه من المفترض أن يكون مهيَّأً لبعض الذعر والإثارة التي لا يخرج البرنامج كثيراً عنها.
وقد يكون السبب متعلقاً بوجود برامج ومسلسلات أخرى هذه السنة، لديها القدرة على إثارة النقد واستجرار التعليقات السلبية إليها بشكل أكبر بكثير، ولا سيما مسلسل "الاختيار 3"، الذي أدى فيه ياسر جلال دور الرئيس السيسي، ليجرّ البساط من تحت أخيه، وينال هذا العام القدر الأكبر من التعليقات السلبية على مواقع التواصل الاجتماعي.
في ما يتعلق ببرنامج "رامز موفي ستار"، هناك بعض التفاصيل التي تجعله مثيراً للاهتمام أكثر من معظم النسخ السابقة التي قدمها رامز جلال في مجال المقالب. يرتبط الأمر بحضور فان دام فيه بلا شك، الذي لم يكن من الممكن أن يصدق أحد أن يؤدي نجم عالمي من هذا الطراز دور الطعم في برنامج جلال. فعلى الرغم من استعانة جلال في كل سنة بنجم أو إعلامي عربي معروف، ليكون طعماً يجذب به الجمهور، إلا أن الوصول إلى مرحلة الاستعانة بنجم هوليوودي كان يبدو ضرباً من الهزل. ويزيد الأمر غرابةً وإثارة طريقة رسم المقلب، الذي يتبادل فيه جلال مع فان دام الأدوار، ليكون أحدهما "دوبليراً" للآخر، بسياق شائك، يصعب فيه أن نحدد من النجم بينهما ومن الدوبلير!
هذا السياق الذي يعيدنا إلى فيلم تارانتينو الأخير Once Upon a Time in Hollywood الذي تمحور حول العلاقة التي تربط نجماً سينمائياً يعيش لحظات الإنكسار وهوس وخوف انطفاء شعلة النجومية، مع الدوبلير الخاص به، الذي يؤدي عوضاً عنه كل المشاهد الخطيرة والحاسمة في أفلام "الأكشن" التي يمثلها. لقد رصد تارانتينو في فيلمه إشكالية هذه العلاقة وطرحَ بسياق درامي مفاهيم مختلفة عن معنى النجومية. فالنجم هو ذلك الذي يعرف كيف يخطف الضوء في لحظة الذروة، ليتوج ليوناردو دي كابريو مشاهد القتال بدخول درامي مثير، ويشعل النار بالمعتدين على منزله، ليخطف الضوء من براد بيت الذي تكفّل بمهمة الدفاع عن المنزل وحده، وتضرر جسدياً بسبب ذلك.
هذه المفاهيم الخاصة عن علاقة النجم بالدوبلير التي طرحها تارانتينو بفيلمه، تتجلى بإشكاليتها في برنامج جلال، إذ يدخل إلى المشهد بديلاً من فان دام في مشاهد الأكشن الخطيرة، وليرافق الضيوف ويزيد من معاناتهم ومخاوفهم في هذه اللحظات. هو نظرياً يؤدي دور الدوبلير لفان دام، الذي يكتفي بأداء المشاهد الحوارية التي لا يرتدي فيها بطل الفيلم قناعاً، لكن عملياً، جلال هو من يخطف الضوء ويتوج اللحظة عندما ينزع قناعه في النهاية، ويكشف الحيلة أمام الضيف الذي وقع ضحية الخلل الذي أُحدِث بالعلاقة بين النجم والدوبلير.