- الأطفال، مثل موسى الجمل البالغ من العمر 9 سنوات، يجدون في هذه العروض هروبًا من الواقع المؤلم، على الرغم من إدراكهم بأن هذه اللحظات من الفرح لن تدوم طويلًا.
- الحرب خلفت أكثر من 112 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 10 آلاف مفقود، في ظل تجاهل دولة الاحتلال لقرار مجلس الأمن بوقف القتال، مما يجعل مبادرات مثل عروض الأفلام بارقة أمل صغيرة.
يجلس عشرات الأطفال الفلسطينيين على الأرض في مخيم يضم آلاف النازحين في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، لمشاهدة أفلام كرتونية للتخفيف من وطأة الألم والصدمات النفسية الناجمة عن العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
من بين الخيام المنصوبة على عجل، يبدأ شاب فلسطيني عرض الأفلام عبر جهاز العرض الضوئي، وسط تفاعل الأطفال وضحكاتهم التي لم تنقطع، مستمتعين بالترفيه والتسلية رغم الظروف الصعبة التي يعيشونها، ومن دون اكتراث بأصوات الطائرات الحربية والاستطلاعية التي تجوب سماء مدينة رفح، فكل ما يهمهم في هذا الوقت هو الاستمتاع بمشاهدة الأفلام الكرتونية والضحك من القلب.
وفي ظل الوضع المأساوي الذي يعيشه قطاع غزة، يظهر تجمع الأطفال واهتمامهم بمشاهدة الأفلام الكرتونية كمنفذ للهروب من واقع الحرب، إذ توفر هذه اللحظات القليلة من السلام والفرحة ملاذاً لهم.
رسم البسمة على وجوه الأطفال
يتنقل الشاب محمد الخضري (38 عاماً) من مخيم إلى آخر برفقة جهاز عرض سينمائي محمول اشتراه من مدينة رفح بعد نزوحه من شمال قطاع غزة. يهدف الشاب من خلال أفلام الرسوم المتحركة إلى رسم البسمة على وجوه الأطفال الذين يعيشون في خوفٍ متواصل جراء أصوات الرصاص والقنابل، وليحاول مساعدتهم في تجاوز آثار الحرب السلبية على نفوسهم.
ولأوّل مرة منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع في السابع من أكتوبر الماضي، يشعر الطفل الفلسطيني موسى الجمل (9 سنوات) بالفرحة لمشاهدة أفلام الكرتون التي يحبها. يقول لوكالة الأناضول: "الحرب بدأت وذهب كل شيء جميل، واليوم أشاهد أفلام الكرتون التي أحبها، لكن الفرحة لن تدوم طويلاً، لأن الشاب الذي يعرض لنا هذه الأفلام سيتركنا بعدها ليجوب كل المخيمات والمناطق المختلفة".
بدوره، يقول الخضري لـ"الأناضول": "نزحت من مدينة غزة إلى مدينة رفح في يناير/ كانون الثاني الماضي، وسط الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة"، مضيفاً: "قررت خلال الفترة الماضية شراء جهاز بروجكتور وعرض أفلام الكرتون، بعدما شاهدت الأطفال جالسين مستمعين لأصوات الطائرات، وهم خائفون من غاراتها، لذلك قررت تغيير هذا المشهد المؤلم وأن أحاول رسم البسمة على وجوههم".
ويكمل: "بدأت قبل أيام جولات على مخيمات النزوح المنتشرة في مدينة رفح لعرض أفلام الكرتون الهادفة، بهدف نشر السرور بين أطفالنا الذين يعانون من الخوف الشديد جراء الحرب".
ظروف صعبة في رفح
أنشأ الفلسطينيون النازحون مخيمات مؤقتة في مدينة رفح المكتظة بنحو مليون و300 ألف نازح، يعيشون ظروفاً صعبة جراء الحرب، وفق مسؤولين حكوميين في غزة. تفتقر هذه المخيمات لأبسط مقومات الحياة، وتمثل ملاذاً مؤقتاً للعديد من الأسر التي نزحت جراء القصف، حيث يعيش السكان في ظروف صعبة تحت ظلالها.
ومنذ أن بدأت حرب الإبادة على قطاع غزة، خلف عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 112 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، إضافة إلى 10 آلاف مفقود، في ظل مجاعة ودمار هائل، وفق بيانات فلسطينية وأممية. مع العلم أنّ دولة الاحتلال تجاهلت قراراً من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فوراً، ولم تستجب لمطالبة محكمة العدل الدولية لها باتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني في غزة.
(الأناضول، العربي الجديد)