استمع إلى الملخص
- **إطلاق نموذج "لاما 3"**: ميتا تطلق نموذج "لاما 3" للذكاء الاصطناعي، الذي يتحدث بثماني لغات ويكتب أكواد بجودة عالية، مع توقعات بتفوقه مستقبلاً.
- **دوافع ميتا وتحديات المصدر المفتوح**: ميتا تتبنى المصدر المفتوح لمواجهة قيود آبل، مع جدل حول دوافعها ومخاوف من استخدام التكنولوجيا بشكل غير مسؤول.
وسط السباق المحموم بين عمالقة التكنولوجيا في قطاع الذكاء الاصطناعي، قدّم الرئيس التنفيذي لشركة ميتا مالكة "فيسبوك" و"إنستغرام"، مارك زوكربيرغ، على نحو غير متوقع، نفسه مبشراً بتكنولوجيا المصدر المفتوح، مما يضعه مباشرة في مواجهة شركتي أوبن إيه آي وغوغل. وطرح قطب التكنولوجيا، البالغ من العمر 40 عاماً، رؤيته في رسالة مفتوحة عنوانها "الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر هو الطريق إلى الأمام" خلال الأسبوع الحالي.
ما هو المصدر المفتوح؟
يشير مصطلح المصدر المفتوح إلى برمجيات مطوَّرة ذات كود برمجة متاح مجاناً للعامّة، مما يسمح للمطورين بتعديل البرنامج والبناء عليه كما يحلو لهم. تقنيات أساسية عدة في الإنترنت، مثل نظام التشغيل "لينوكس" وخادم الويب "أباتشي"، هي خدمات مفتوحة المصدر. ومع ذلك، فإن المصدر المفتوح لا يخلو من التحديات، إذ قد يكون الحفاظ على المشاريع الكبيرة، وضمان الجودة المتسقة، وإدارة مجموعة واسعة من المساهمين، معقداً. انبثقت فكرة المصدر المفتوح من مجتمع التكنولوجيا. ولكي تتطور الابتكارات التقنية، فإنها تحتاج إلى تعاون عالمي. على سبيل المثال، لنفترض أن فريق برمجة في الولايات المتحدة يطوِّر تقنية جديدة مفتوحة المصدر لأحد التطبيقات المالية. وهناك فريق برمجة آخر في أستراليا يقوم بتعديل التقنية وإضافة وظائف جديدة أكثر ملاءمةً لقطاع الصحة. وهناك فريق ثالث في آسيا يقوم بتطوير منتجات جديدة مفتوحة المصدر تستخدم التقنية الأصلية مكوناً أساسياً. والمجتمع بأكمله يستفيد من تبادل المعرفة والابتكار الجماعي. وخلال العقود القليلة الماضية، تم إحراز تقدم تقني سريع في جميع أنحاء العالم بسبب مشروعات شهيرة مفتوحة المصدر.
لماذا اختار زوكربيرغ المصادر المفتوحة؟
أصدرت شركة ميتا، الثلاثاء الماضي، أكبر نسخة من نماذجها للذكاء الاصطناعي "لاما 3"، وهي مجانية في الغالب وتتميز بأنها متعددة اللغات وذات مقاييس أداء عامة تنافس نماذج مدفوعة لشركات منافسة، مثل "أوبن إيه آي". وأعلنت "ميتا"، المالكة لـ "فيسبوك"، في منشور على مدونة وفي ورقة بحثية، أن نموذج "لاما 3" الجديد يمكنه التحدث بثماني لغات وكتابة أكواد كمبيوتر بجودة عالية وحلّ مسائل رياضية أكثر تعقيداً من الإصدارات السابقة. ويتضاءل إصدار العام الماضي أمام هذا الإصدار الذي يضم 405 مليارات مقياس أو متغير تأخذها الخوارزميات في الاعتبار لتوليد ردود على استفسارات المستخدم رغم أنه لا يزال أصغر من النماذج الرائدة للمنافسين. فثمة أنباء تفيد بأن نموذج GPT-4 لشركة أوبن إيه آي يضم تريليون متغير، وتستثمر شركة أمازون في نموذج يحتوي على تريليونين.
وخلال ترويجه للنموذج "لاما 3" عبر قنوات متعددة، صرح رئيس "ميتا" التنفيذي، مارك زوكربيرغ، بأنه يتوقع أن تتفوق نماذج "لاما" المستقبلية على المنافسين بحلول العام المقبل. وأضاف أن برنامج الدردشة الآلي "ميتا إيه آي" المدعوم بهذه النماذج في طريقه ليصبح مساعد الذكاء الاصطناعي الأكثر شعبية بحلول نهاية هذا العام، حيث يستخدمه مئات الملايين من الأشخاص بالفعل.
وفي هذا السياق، قال محللون لوكالة فرانس برس إن احتضان "ميتا" المفاجئ لروح المصدر المفتوح مدفوع بصراعها مع شركة آبل، إذ تفرض الأخيرة قواعد خاصة عندما يتعلق الأمر بهواتفها آيفون، وتفرض رقابة مشددة على ما يمكن لـ"ميتا" وجميع التطبيقات الخارجية القيام به على أجهزتها. وقال زوكربيرغ: "كانت إحدى تجاربي التكوينية هي تطوير خدماتنا مقيدةً بما ستسمح لنا شركة آبل بفعله على منصاتها". وأضاف: "بين الطريقة التي يفرضون بها الضرائب على المطورين، والقواعد التعسفية التي يطبقونها، وجميع ابتكارات المنتجات التي يمنعونها من الوصول إلى الآخرين، من الواضح أن ميتا وشركات عدة أخرى ستتحرّر إذا لم يكن المنافسون قادرين على تقييد ما يمكننا تطويره".
ربما يكون زوكربيرغ هو آخر شخص يتوقع منه أن يتبنى المصادر المفتوحة، إذ تحتفظ شركته ميتا بالسيطرة الكاملة على منصتي إنستغرام وفيسبوك، مما لا يترك مجالاً كبيراً للمطورين أو الباحثين الخارجيين للتلاعب.
خطة زوكربيرغ تثير الشكوك
يجادل المشككون بأن شركة ميتا تتبنى المصادر المفتوحة فقط لأنها انضمّت متأخرة إلى سباق الذكاء الاصطناعي، وتسعى إلى فتح المجال من خلال الوصول المجاني إلى نموذج قوي. كذلك، يقول المدافعون عن النموذج المغلق إن طريقة "ميتا" خطيرة، لأنها تسمح للمسيئين باستخدام تكنولوجيا قوية كسلاح. وفي واشنطن، تتجادل جماعات الضغط حول هذا التمييز، بينما يصرّ معارضو المصادر المفتوحة على أن نماذج مثل "لاما" يمكن أن تُستَخدم سلاحاً من قبل دول مثل الصين. أما "ميتا"، فترى أن الشفافية تضمن تكافؤ الفرص، وأن عالم النماذج المغلقة سيضمن أن عدداً قليلاً من الشركات الكبرى ودولة قوية مثل الصين هي التي ستسيطر على الأمور. وقال زوكربيرغ إن الشركات الناشئة والجامعات والشركات الصغيرة "ستفوّت الفرص".