كشفت وثائق ومراسلات "فوكس نيوز" الداخلية أنه، بعد انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، لم يصدّق العاملون في الشبكة الأميركية ادعاء الرئيس السابق دونالد ترامب أن الديمقراطيين زوّروا الانتخابات، لكنهم مع ذلك احتفظوا بهذه القناعة لنفسهم، وسمحوا لمروجي نظريات المؤامرة بالظهور ليلاً في برامج وقت الذروة لشون هانيتي ولورا إنغراهام وتاكر كارلسون.
أسرار "فوكس الداخلية" تنكشف
يستمر سيل مطرد من المراسلات بين كبار الشخصيات في شبكة فوكس نيوز الأميركية في الظهور كجزء من دعوى تشهير. ومع كل كشف تشتعل وسائل الإعلام الأميركية وانتقادات الديمقراطيين للشبكة اليمينية الكبرى.
وتزعم الدعوى التي قدمتها الشركة المصنعة لآلات التصويت الإلكترونية، Dominion Voting Systems، أن "فوكس نيوز" روّجت لمزاعم الرئيس السابق، دونالد ترامب، الكاذبة بأن معداتها استُخدمت لتزوير انتخابات 2020.
وبسبب الدعوى، كشف محامو "دومينيون" دفعات من اتصالات الشركة الداخلية رفعت الستار عن حقيقة ما يشعر به المعلقون والمسؤولون التنفيذيون في الشبكة تجاه ترامب، بالرغم من أن خطابها الرسمي كان داعماً ثابتاً له.
وكتب نجم "فوكس نيوز"، تاكر كارلسون، إلى فريقه في 4 يناير/ كانون الثاني 2021، قبل يومين من اقتحام مؤيدي ترامب لمبنى الكابيتول الأميركي: "نحن قريبون جداً جداً من أن نكون قادرين على تجاهل ترامب في معظم الليالي، متشوق لذلك".
"فوكس نيوز" قادت حملة أكاذيب منسقة
هذه التناقضات هي جوهر الدعوى القضائية التي رفعتها دومينيون، والتي تطالب بتعويض قدره 1.6 مليار دولار في محاكمة مدنية من المقرر عقد أطوارها في منتصف إبريل/ نيسان في ولاية ديلاوير.
وقالت "فوكس نيوز" لوكالة فرانس برس إن دعوى "دومينيون" "ليست أكثر من هجوم صارخ آخر على التعديل الأول للدستور الأميركي، وسيكون لها عواقب وخيمة على الصحافة في جميع أنحاء هذا البلد".
وتضيف الشبكة أنه كان من الضروري السماح لجميع الأطراف بالتحدث، بما في ذلك معسكر ترامب، وتتهم "دومينيون" بإخراج الاقتباسات من سياقها.
لكن خبراء يرون أن "دومينيون" سدّدت صفعة قوية لـ"فوكس نيوز". يقول أستاذ الصحافة بجامعة ماريلاند، مارك فيلدشتاين: "لقد أساؤوا إلى فوكس بشدة. لفترة طويلة، كنا مثل الناس في مسرح نشاهد مسرحية. ويمكنك أن ترى من مشاهدة فوكس أنها مليئة بالأكاذيب. ما لم نكن نعرفه من قبل، أن ذلك كان متعمداً ومنسقاً".
ويتوقّع فيلدشتاين أن تكون للدعوى القضائية تداعيات على نسب المشاهدة. كانت "فوكس نيوز" العام الماضي القناة الإخبارية الأكثر مشاهدة على قنوات الكابل للعام السابع على التوالي، متفوقةً على منافسين مثل MSNBC وCNN.
وفي مواجهة المنافسة المتزايدة من الشبكات اليمينية الأصغر والأكثر تطرّفاً، أعرب بعض مذيعي "فوكس" عن قلقهم من فقدان المشاهدين إذا تراجعوا عن نظريات المؤامرة.
ويقول فيلدشتاين: "كانوا يروجون لهذه الأكاذيب، إلى حد كبير، لأن جمهورهم أراد سماعها".
"فوكس نيوز" تواجه انسحاب المعلنين والجمهور
تغلبت "فوكس نيوز" على أزمات عدة في السنوات الماضية، مثل فضائح التحرش الجنسي التي تورط فيها رئيسها الشهير روجر آيلز، الذي توفي عام 2017، وأحد مذيعيها البارزين، بيل أوريلي، الذي طُرد في العام نفسه.
ليس هناك شك في أنه إذا فازت "دومينيون" بتعويضات تتجاوز المليار دولار، فإنها ستوجه ضربة للشركة الأم، مجموعة فوكس كوربوريشن، التي حققت إيرادات بلغت 14 مليار دولار في آخر سنة مالية لها.
وفي الوقت الحالي، تواصل الشبكة مسارها. في الأسبوع الماضي، كرّس تاكر كارلسون برنامجه للسعي للتقليل من عنف أنصار ترامب خلال الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير/ كانون الثاني 2021، مع عرض لقطات حصرية.
ويقول محرّر دورية Columbia Journalism Review، كايل بوب، لـ"فرانس برس" إنه "بعيداً عن قضية المحكمة، فإن العواقب المحتملة، إذا واجهت فوكس أياً منها، ستأتي من المعلنين الذين سيرون أن العلامة التجارية غير جديرة بالثقة حتى يربطوا اسمهم بها، ثم من المشاهدين الذين سيقررون ترك الشبكة أخيراً".