يُسارِع الصحافيون الفلسطينيون إلى تغطية الأحداث الدائرة، بفعل تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الثالث على التوالي من الميدان، لضمان توثيق المشاهِد، ونقل صور الأحداث وماهيتها بشكل دقيق.
وينتشر الصحافيون الفلسطينيون، التابعين لوسائل الإعلام المحلية والدولية، سواء المرئية، أو المسموعة، أو المكتوبة أو الرقمية، في الشوارع والمُستشفيات، لمتابعة تفاصيل ومُجريات الأحداث، وتوثيق صور الضحايا من المدنيين، الذين سقطوا بفعل الاستهداف المُباشِر لبيوتهم الآمنة، من دون أي تحذير.
ولم يمنع اشتداد الأحداث، ودخول العدوان الإسرائيلي مرحلته الخطِرة باستهداف العمارات السكنية والأبراج المدنية، وارتكاب المجازر بحق الأسر الفلسطينية الآمنة، الصحافيين عن أداء مهامهم التوثيقية في مُختلف مناطق القطاع.
ويعيش الصحافيون، خلال عملهم في الميدان، حالة من الصِراع، ما بين نقل الصورة وتفاصيل الأحداث، وتصوير الرواية الفلسطينية التي تُبرز فظاعة الجرائم الإسرائيلية المُرتكبة بحق المدنيين، وبين التزاماتهم الأُسرية، وقلقهم المتواصل على مصير عوائلهم، والمتزامن مع قلق ذويهم عليهم، جراء تغطيتهم الميدانية، والاستهداف المُباشر للصحافيين، رغم أخذهم احتياطات الأمن والسلامة.بدوره، يقول الصحافي الفلسطيني محمد البابا، مصور وكالة الأنباء الفرنسية، إن الصحافيين الفلسطينيين عملوا على تغطية العديد من الحروب على قطاع غزة منذ عام 2008 حتى اللحظة، ما أكسبهم الخبرة الكافية في التغطية التي تعكس تفاصيل الأحداث الجارية.
ويضيف في حديث إلى "العربي الجديد": "مُنذ اللحظة الأولى للتأكد من وجود عملية ضد قطاع غزة، يجري تجهيز المعدات اللازمة كافة للعمل الميداني، ووسائل الأمن والحماية، وتأمين شبكة الإنترنت والبدائل اللازمة، إلى جانب تأمين المركبات التي تُمكن المُراسل من التحرك باتجاه أماكن الأحداث المُستهدفة، لضمان التوثيق الآني، مع الانتباه إلى الطريق، والمراكز الموجودة في محيط الأماكن المُستهدفة".
ويُبين البابا حالة الصراع التي يعيشها الصحافي، بين تغطية الأحداث، والخوف المتواصل على العائلة التي تعيش الظروف نفسها التي يمرّ بها أبناء الشعب، ويقول: "أودّع زوجتي وأولادي لحظة خروجي للتغطية، وأطمئنهم قدر المُستطاع بأنني مُتحصن بمُختلف وسائل الوقاية والسلامة".
أما الصحافي تامر دلول، فيوضح أنه ومنذ بدء العملية العسكرية التي فرضتها المُقاومة الفلسطينية، وإعلان الاحتلال الإسرائيلي الحرب على قطاع غزة، بدأت الرحلة المُعتادة للصحافيين بالتغطية الميدانية لمختلف الأحداث التي تشهد تسارعاً: "لليوم الثالث على التوالي، ما زلنا موجودين في الميدان وفي المستشفيات، والمناطق التي يجري استهدافها، لتوثيق الاعتداءات الإسرائيلية، وأعداد الشهداء والجرحى".
ويلفت دلول، الذي يعمل في إحدى الإذاعات المحلية، إلى أن الصحافيين يعملون على مدار الساعة في التغطية الميدانية، ضمن المهنة التي لا يتمتع أبناؤها بالاستقرار خلال الحروب، في ظل تخوفات أسرهم، ما يزيد من حالة الضغط النفسي على الصحافي خلال عمله الميداني.
وتزيد حالة الأعباء المُلقاة على الصحافيات الفلسطينيات العامِلات ميدانياً، خلال أوقات الأزمات والحروب. وعن ذلك، تقول الصحافية الفلسطينية، خولة الخالدي، مُراسلة تلفزيون فلسطين، إن العمل الميداني يبدأ مع إطلاق أول صاروخ باتجاه أي هدف في قطاع غزة، بعد تجهيز قاعدة البيانات الخاصة بالبث المُباشر والتقارير والمُداخَلات على الهواء مُباشرة، لإخبار العالم بما يجري في المحافظات الجنوبية.
وتلفت الخالدي، في حديث إلى "العربي الجديد"، إلى أن الضغوط تتضاعف على الصحافيات خلال عملهن الميداني. وعن ذلك، تقول: "إلى جانب أننا صحافيات ننقل الأحداث ميدانياً وبشكل متواصل، فنحن أُمهات وصاحبات بيوت، ما يزيد من أعباء التهيئة النفسية للأطفال، تزامناً مع المتابعة للأحداث المتواصلة، لذلك نحاول الموازنة بين أن نكون صحافيات مهنيات في الميدان، وأُمهات جيدات في المنزل".
وتُشدد الخالدي على أن الصحافيين خلال فترة العمل الميداني، هم بمثابة غرف الأخبار المُتنقلة، لنقل الأخبار للعالم بشكل مستمر، على الرُّغم من الخطر المُحدق بالصحافيين من جميع الاتجاهات، بفعل الاستهداف الإسرائيلي المُباشر للطواقم الإعلامية، والعاملين في مختلف وسائل الإعلام. وتختتم بالقول: "رغم يقيننا بأننا قد نكون هدفاً كغيرنا من الزملاء الصحافيين، فإننا لا نملك خياراً آخر سوى نقل صورة الأحداث للعالم".
يتمركز الصحافيون الفلسطينيون على أسطح البنايات العالية لتصوير وتوثيق الأحداث من الأعلى، إلى جانب الخروج بصورة عامة في البث المُباشِر، فيما تنتشر الطواقم الإعلامية في الشوارع والمناطق العامة لتغطية مُجريات العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.