مليونا صورة وثق بها المصور عبد الرحمن الغابري كل ما في اليمن، متنقلاً بين أحداثه منذ أكثر من نصف قرن. كل صورة تحكي قصة وتوثق مراحل مختلفة من تاريخ اليمن الحديث. فقد رصد الغابري بعدسته صوراً متنوعة للأرض والإنسان، منها سياسية واجتماعية وثقافية تراثية، وعاصر رؤساء البلاد كلهم شمالاً وجنوباً.
يؤرخ الغابري بالكاميرا، وأصبح بمثابة أرشيف لليمن وملهم للأجيال.
الغابري بدأ دراسته في ريف محافظة ذمار شمالي اليمن، ثم التحق بدار الأيتام في صنعاء، وأكمل دراسته الثانوية. تعلم التصوير أثناء دراسته بتشجيع من زميل له، ثم بعث إلى العاصمة السورية دمشق لدراسة الفنون الإعلامية من تصوير وطباعة وتحميض، وعاد إلى بلاده يحمل كاميرته الخاصة.
يقول الغابري لـ"العربي الجديد": "كانت أمي أول وأجمل من التقطت لها وهي تعمل في الحقل". ويضيف "التصوير شغف وعشق، لذلك وثقت كل شيء بعدستي، خشية فقدانها مع مرور الزمن، وجسدت بصوري ملامح اليمني الأصيل قديماً وحديثاً. ونالت (الصور) حب الناس، ووصلت بعضها إلى العالمية".
ويشير إلى أن البيئة هي من تشكل الإنسان "فأنا طفت ربوع اليمن، فكانت ملهمة لي في نقل تلك المشاهد، وكانت الأماكن الأثرية هي الأكثر توثيقاً".
ويتابع: "وثقت حياة اليمنيين لنصف قرن. ويمكن للأجيال القادمة الاستفادة من هذا الأرشيف كمرجع، وكذلك الدولة في حال توقفت الحرب وحل السلام".
شارك الغابري في معارض دولية ومحلية عدة، ونال جوائز، ومثّل اليمن في المحافل الدولية حيث شكلت أعماله الهوية الثقافية اليمنية، لكن الحرب أوقفته عن مواصلة مشواره، وبات أرشيفه في خطر، بعد أن تعرض مكتبه لقصف طيران التحالف السعودي الإماراتي حي عطان القريب من منزله، في إبريل/ نيسان عام 2015.
يقول الغابري الذي عاصر مختلف الصراعات والحروب التي مر بها اليمن إن "الحرب التي يعيشها البلد اليوم كارثية، إذ أهلكت اليمنيين، وقضت على كل جميل".