ارتبط اسم المغنية البلجيكية، أنجيل، بالجدل في الأوساط الفرنسية والأوروبية؛ فهي صاحبة أغنية Balance ton quoi التي حولتها الحركات النسوية الفرنسية إلى نشيد تردده في تظاهرات عام 2018 المناهضة للتحرش الجنسي، قبل أن تخرج اتهامات ضد شقيقها روميو، ويدان بتهمة التحرش الجنسي؛ علماً أن هذا الأخير مغنّ أيضاً، وسبق لأنجيل أن تعاونت معه في أغنية في ألبومها الأول إياه.
أخيراً وثّقت منصة "نتفليكس" قصة أنجيل في فيلم Bande Annonce لتستعرض كواليس الصعود السريع والهبوط الكارثي اللذين عاشتهما المغنية الشابة مع ألبومها الأول.
قبل عامين كان اسم أنجيل يتردد بشكل مستمر على صفحات السوشال ميديا الفرنسية ليدين المغردون صمتها عن جريمة أخيها، وازدواجية معاييرها. ولم تخرج أنجيل من هذه الأزمة إلا عندما سُربت لها فيديوهات تكشف ميولها الجنسية الثنائية (Bisexual)، لينقسم المجتمع النسوي في فرنسا بين الداعمين والمدينين لها؛ قبل أن تأتي دوا ليبا لتلعب دور المنقذة، وتقدم أنجيل للجمهور العالمي وعلى نطاق أوسع بأغنية Fever، لتمهد لها الطريق للعودة بألبومها الثاني، Nonante–cinq، الذي أصدرته بداية الشهر الحالي، بعدما قدمت للجمهور وثيقة البراءة في فيلم Bande Annonce.
ورغم أن الفيلم تم إعداده بذكاء وإتقان، ليمهد لفكرة واحدة وهي أن أنجيل ليست مسؤولة عن أي أخطاء أو إنتاجات تصدر عن عائلتها الفنية ككل. إلا أن المشكلة في الفيلم نفسه أنه يبين دور التسريبات في موازنة صورة أنجيل جماهيرياً، وتعيد أنجيل في الفيلم استثمارها بشكل واضح؛ ليجعلنا ذلك نتساءل إذا ما كانت هذه التسريبات أمرا دبرته الفنانة الشابة؟ أو إذا كان ما أعلنته عن ميولها الثنائية أمراً حقيقياً في الأصل؟
انعكاسات الأحداث التي عاشتها أنجيل في السنوات الثلاث الأخيرة كانت واضحة بشكل كبير في ألبومها الجديد، الذي بدت فيه وكأنها تبحث عن ارتباطات جديدة لتعوّض من خلالها ما تم هدمه؛ لتكون الأغنية الأولى Bruxelles je t’aime بمثابة بحث عن المدينة التي ترتبط بها عاطفياً، فتختار مدينتها الأم بروكسل، بعد مرارة التجربة في باريس، المدينة التي شهدت نجاحاتها وخيباتها. وفي أغنية Demons نجدها تبحث عن الارتباطات الوثيقة مع الدائرة الضيقة التي جعلتها تكتسب مكانتها ونجوميتها، لتتعاون مع الرابر الفرنسي Damos، الذي كان له الفضل الأبرز بتقديمها للجمهور الفرنسي، حين كانت تعزف وراءه الموسيقى الإلكترونية، وجعلها تتصدر المشهد بأغنيتها المنفردة الأولى La loi de Murphy. وفي الأغنية تتحدث عن الخوف من السقوط والحرب النفسية التي تعيشها على خلفية هذا القلق، لتصرخ بحثاً عن طريقة لتقتل بها شياطينها، في سبيل صناعة نسخة أفضل عن ذاتها.
وعلى الرغم من أن الخطاب النسوي في ألبوم أنجيل الثاني يشهد تراجعاً على حساب موضوعات أخرى أكثر ذاتية عن الارتباطات العاطفية وصدمات الإخفاق؛ إلا أن ذلك لا يعني بأنه يندثر تماماً، بل نراه يتجسد في أغانيها الجديدة بشكل مختلف في عدة أغاني، منها On s’habite التي تتطرق فيها للحديث عن معاناة الدورة الشهرية، وفي أغنية tempete تتحول للحديث عن معاناة المرأة في المجتمعات الأبوية تتخللها بعض الإرشادات البسيطة التي تجعل الآباء داعمين لبناتهم بدلاً من أن يتحولوا إلى عبء. إلا أن الخطاب الأفضل الذي تقدمه عبر أغاني ألبومها الجديد يتجلى في أغنية Mots justes، التي تتساءل فيها عن قيمة الكلمات والخطابات الجاهزة، ضمن سياق يعكس إدراك الجدلية حول كل ما قدمته سابقاً وحول ما يمكن تقديمه.